تداعيات قاسية تنتظرها.. بريطانيا تستعد لتدابير عزل عام
أودى فيروس كورونا بحياة مليون ومئة ألف شخصاً حول العالم والإصابات تتجاوز 38 مليوناً و755 ألفاً منذ ظهوره في كانون الأول العام الماضي، وفق إحصائية جديدة نشرها موقع وورلد ميترز الأمريكي، فيما موجة الوباء الثانية تطرق أبواب بريطانيا بقوة، بينما تدخل البلاد مرحلة حاسمة مثقلة بمفاوضات تجارية متعثرة مع الاتحاد الأوروبي وسط مخاوف من ارتدادات اقتصادية قاسية لإجراءات العزل العام وتداعيات سلبية لما بعد بريكست.
هذا وتستعد بريطانيا لأسوأ موجة وباء ثانية ناجمة عن تفش واسع للفيروس يرجح أن تكون أكثر قسوة من تلك التي ظهرت في آذار الماضي وتسببت في وفاة عشرات الآلاف خاصة من كبار السن، وستدخل العاصمة لندن، أكبر مركز مالي في أوروبا، مرحلة جديدة من تشديد إجراءات العزل العام بهدف احتواء الوباء اعتباراً من منتصف ليل اليوم الجمعة، في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء بوريس جونسون للتصدي للموجة الوبائية الثانية التي تتسارع وتيرتها.
وتأتي هذه التطورات بينما تدخل بريطانيا مرحلة حاسمة مثقلة بمفاوضات تجارية مع الاتحاد الأوروبي ضمن مسار متعثر لمرحلة ما بعد بريكست وسط مخاوف من ارتدادات اقتصادية قاسية لإجراءات العزل العام وتداعيات سلبية لاتفاق الخروج من الاتحاد.
وينتشر الوباء في معظم أنحاء بريطانيا التي بلغ عدد الوفيات الرسمي فيها 43155 حالة وهو أعلى حصيلة في أوروبا.
غير أن الغضب يتصاعد في بريطانيا بسبب التكلفة الاقتصادية والاجتماعية والصحية لأكبر تقييد للحريات منذ زمن الحرب، وحذر مستشار حكومي سابق من أن بعض الناس سيواجهون مشكلة في توفير الكساء لأطفالهم قريباً، فيما قال وزير الصحة مات هانكوك في مجلس العموم: دعونا لا نخدع أنفسنا بشأن الخطر الذي يمثله هذا الفيروس، فيروس كورونا قاتل وينتشر الآن بشكل كبير في المملكة المتحدة، مشيراً إلى أنه سيتم التحول من درجة التأهب المتوسطة إلى الدرجة العالية في لندن ذات التسعة ملايين نسمة ومقاطعة إسيكس المجاورة ذات الكثافة السكانية العالية وذلك في منتصف الليل يوم الجمعة، مضيفاً: أود أن أقول شكرا لكم على ما فعلتموه لتحجيم الفيروس في البداية وعلينا جميعا الآن الاضطلاع بدورنا في السيطرة على الفيروس مرة أخرى، وتابع: أعرف ما يعنيه هذا من تضحيات، لكنني أعلم أنه إذا عملنا معا، فسيمكننا التغلب عليه، بينما قال رئيس بلدية لندن صادق خان : يجب أن أحذر سكان لندن، ينتظرنا شتاء صعب.
وأكد هانكوك أن لندن بلغت المستوى “المرتفع” بالإضافة إلى سبع مناطق أخرى في إنكلترا إيسيكس وإلمبريدج وبارو إن فرنيس ويورك ونورث إيست ديربيشاير وتشيسترفيلد وإريواش.
ويشير هذا المستوى إلى أن أفراد الأسر المختلفة بغض النظر عن عددهم لم يعد لهم الحق في الاجتماع في الأماكن المغلقة سواء في المنزل أو داخل الحانات أو المطاعم، لا يزال يُسمح لهم بالالتقاء، لكن في الهواء الطلق فقط وضمن مجموعات لا تضم أكثر من ستة أشخاص بما في ذلك الأطفال. وتم فرض إغلاق الحانات والمطاعم في إنكلترا، وخلافا للتكهنات، لم تدرج الحكومة منطقتي مانشستر الكبرى ولانكشير شمال إنكلترا المتضررتين بشكل خاص بانتشار الفيروس في أعلى مستوى من القيود التي تشمل إغلاق الحانات، حيث فشلت الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع رئيس بلدية مانشستر الكبرى آندي بورنهام، الذي يعارض بشكل خاص رفع بلدته إلى مستويات “عالية جدا”، خشية من العواقب الاقتصادية والاجتماعية. وطلب بورنهام مزيد من الدعم المالي من الحكومة، وهدد باتخاذ إجراءات قانونية.
وتعرض جونسون لانتقادات حادة لتأخره في فرض الإغلاق في آذار الماضي ووجد نفسه بين فكي كماشة: فمن جهة العلماء والمعارضة الذين يدعون إلى إغلاق قصير ومن جهة أخرى يبدي أصحاب المهن والنواب المحليين استياءهم حيال فرض القيود المحلية، وسط اقتصاد متعثر.
والثلاثاء الماضي تعالت العديد من الأصوات في بريطانيا داعية الحكومة لفرض إغلاق تام جديد لاحتواء فيروس كورونا وذلك بعدما تعرّضت لانتقادات بسبب تجاهلها توصيات الخبراء العلميين قبل ثلاثة أسابيع بتشديد القيود لكبح تسارع وتيرة الإصابات، وطالب رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر بإغلاق لمدة أسبوعين أو ثلاثة “لكسر الحلقة” وإبطاء وتيرة الإصابات، وقال: إن الحكومة “فقدت السيطرة” على الوباء بتجاهلها اقتراحات خبراء علميين طالبوا في 21 أيلول الماضي بتدابير صارمة.
وفي الولايات المتحدة أعلنت جامعة جونز هوبكنز ارتفاع حصيلة الإصابات بالفيروس إلى 7916100 والوفيات إلى 216872 حالة بعد تسجيل 59494 إصابة و985 وفاة جديدة ، فيما أظهرت بيانات وزارة الصحة الهندية ارتفاع عدد الإصابات بواقع 67708 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية ليصل إلى 31ر7 ملايين والوفيات إلى 111266 بعد تسجيل 680 حالة جديدة .
بدورها، أعلنت وزارة الصحة التشيكية عن تسجيل 9544 إصابة جديدة في أعلى حصيلة يومية منذ بدء الجائحة ليصل إجمالي عدد الإصابات إلى 139290 في هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 10.7 ملايين نسمة وتواجه أحد أكبر معدلات انتشار العدوى في العالم، بينما سجلت هولندا زيادة يومية قياسية جديدة في حالات الإصابة بالفيروس بمقدار 7791 إصابة جديدة ، إضافة إلى 29 حالة وفاة جديدة، وبدأت هولندا تطبيق عزل عام جزئي أمس في محاولة لإبطاء انتشار العدوى في واحدة من أكثر بلدان أوروبا تضرراً من الموجة الثانية لكوفيد 19.
وفي فرنسا، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانين عن نشر 12 ألف شرطي لفرض حظر التجول في المدن الفرنسية الكبرى اعتباراً من غدٍ السبت المقبل بهدف مكافحة انتشار الجائحة.