خيار اللا خيار.. “محروقات” توافق على “إعادة التعامل” مع 20 محطة مرتكبة في 8 محافظات!
قسيم دحدل
تطبيقاً للقاعدة السينمائية “الخطف خلفاً”، نبدأ من الآخر إلى الأول، أي من نهاية الكتاب الموجّه من الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” إلى وزارة النفط.
يقول الكتاب: “وكونه تمّ إيقاف التعامل مع المحطات المذكورة أعلاه بقرارات صادرة عن وزارة النفط والثروة المعدنية، المرسل صورة عنها إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لاتخاذ الإجراءات القانونية من قبلها، وبعد أن تمّ التنسيق مع معاون وزير التجارة الداخلية، ومع مدير حماية المستهلك في الوزارة، بخصوص الموضوع، نقترح الموافقة على إعادة التعامل مع المحطات الموقفة، كونه سيتمّ اتخاذ الإجراءات اللازمة بحسب القوانين النافذة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وإعلامنا بها”. الرجاء التفضل بالاطلاع والموافقة. التوقيع: مصطفى حصوية مدير محروقات.
الكتاب الذي وصلتنا نسخة منه، والمؤلف من 8 صفحات، ناقص الصفحة الأولى؟! يختم بالآتي:
الضرورات.. ربما أباحت!
عطفاً على ما خلص إليه كتاب محروقات، نسأل إدارة الشركة: هل كانت الضرورات (أزمة البنزين)، سبباً لكسر المحظورات (ارتكابات وفساد المحطات)؟! وهل طلبكم له ما يبرّره ويغطيه قانونياً، أم أنه اجتهاد فرضه الواقع الراهن، فأجبركم – رغماً – على ما تكرهونه؟!. وهل ستضمنون كوزارة نفط وشركة، ووزارة تجارة داخلية (جهاتكم الرقابية)، ألا تكرّر المحطات التي “عاقبتموها” تحت مسمّى لأول مرة نسمع به، وهو “إيقاف التعامل..”، الارتكابات نفسها من تلاعب وتزوير في بيانات الكميات التي استجرتها من محروقات؟.
نسألُ غيابياً، لتعذّر الاتصال كثيراً، مع المدير العام لـ”محروقات”، حيث إن هاتفه المحمول دائماً يجيبنا: أنه مغلق أو خارج نطاق التغطية..؟!، نتصل لأخذ وتحديد موعد على الأقل، لكن للأسف لم نوفق، مع مراعاتنا لما لا نعلمه من انشغال للمدير!!.
تعددت الأسباب..!
بالعودة للكتاب، فقد تضمن – بعد اطلاع أصحاب القرار – الموافقة على “إعادة التعامل” مع 20 محطة مخالفة ومرتكبة للمخالفات المشبوهة، منها 4 محطات في اللاذقية (التلاعب بعملية بيع مادة البنزين بحسب بيانات البطاقة الذكية، والامتناع عن بيع المادة رغم توفر الرصيد)، ومثل هذا العدد في حلب وللسبب نفسه في نظيراتها باللاذقية، و5 محطات في حماة وأيضاً للسبب نفسه، و4 محطات في ريف دمشق، والسبب هنا يرجع إلى التلاعب بالرصيد والتلاعب بعملية بيع مادتي المازوت والبنزين، وكذلك في محطة واحدة بالقنيطرة، بينما في طرطوس وحمص (محطتان في الأولى وواحدة في الثانية)، أعيد التعامل معهما أيضاً، رغم الامتناع عن بيع المادة رغم توفر الرصيد، أما الأنكى فمحطة في دير الزور، أُعيد التعامل معها، مع أنها رفضت استلام وتفريغ المادة البترولية الواصلة بالصهاريج إليها، وأكثر من هذا تكرارها لعدم الاستلام؟!.
مفارقة أم مقابلة..؟
في ضوء ما تمّ كشفه، يطرح السؤال نفسه بقوة: مقابل ماذا تمّت وتتمّ في تلك المحطات وغيرها ارتكابات مشبوهة لا يُعرف منذ متى وهي على هذه الحال؟ رغم سؤالنا عن ذلك، وعن الكميات التي تمّ التلاعب بها وبأثمانها وغراماتها، وبأي القنوات تمّ تصريفها؟!. مقابل ذلك تنشط السوق السوداء بالمتاجرة بهاتين المادتين، إذ لا تكاد تجد مضطراً أو غير مضطر لهاتين المادتين، إلا وعُرض عليه تأمين احتياجاته وبالكميات التي يريد، لكن السعر!!، وهنا الطامة الكبرى، فبيدون المازوت 20 ليتراً وصل ثمنه إلى نحو 25 ألف ليرة وأكثر، والسعر يزيد وفقاً للاضطرارية والحاجة، أما بيدون البنزين 20 ليتراً فيصل إلى ما بين 40 و50 ألفاً!!.
السيناريو ذاته..
وهنا السؤال: من أين تأتي تلك الكميات وكيف، ومن هم “أبطال” هذا الفساد الظاهر للعيان؟!، لا شك أن من يريد أن يعرف سيعرف، ونجزم أنه يعرف، ويعرف من هم المساهمون في زيادة وتفاقم الأزمات، بغية حصاد الثروات، التي لا تزال تتكرر سنوياً بالسيناريو ذاته، مع تغيّر شيء في الحبكة والأحداث، بما يتناسب مع إخراج المرحلة؟!.