أيدي العبث تخرّب الرياضة الحلبية.. نادي الحرية مثالاً!!
حلب ــ محمود جنيد
وكأننا نكتب بالحبر السري الذي لا يجيد بعض المعنيين قراءته، لأنهم – ببساطة – رموا خلف ظهورهم المادة الكاشفة لما نخطه بمداد المسؤولية والغيرية على رياضتنا، ونضمنه القرائن والدلائل والثبوتيات الدامغة، لنشعر إزاء ذلك بأن كل ما نبوح به مجرد همهمة خرساء في “زفة بطبل وزمر” يحضرها طرشان.
مناسبة ما تقدم هو الواقع الذي يلف الرياضة الحلبية، فمن يقودها ليس أهلاً لتلك المسؤولية الجسيمة، باستثناءات شرعنت المخالفات التنظيمية، وكأن الرياضة الحلبية خلت – وهذا ما قلناه سابقاً – من الكفاءات القادرة على تقلد المسؤولية، وأولئك أشهر بوجههم “فيتو” الاستبعاد عن سابق إصرار وترصد، ولأسباب شخصية بحتة.
وعلى سبيل المثال، فإن تشكيل التنفيذية الحلبية – مع تأكيدنا على احترام معظم شخوصها – تمخض – وبعد تأخير – عن خلطة غريبة من أمين سر متقاعد في دائرة التربية الرياضية بحلب، وليست لديه أي تجربة سابقة ليستلم أكثر المهام حساسية (مكتب التنظيم)، ولاعبة ومدربة سابقة في الكرة الطائرة، خبرتها ضعيفة في هذا المجال، تسلمت مكتب الألعاب الفردية المثقل بالمتاعب والملفات الصعبة، وزميلها الآخر المنحدر من اللعبة نفسها بمهمة مكتب الألعاب الجماعية الذي يحتاج إلى متخصص بلعبتي القدم أو السلة، أما مكتب ألعاب القوة فقد عهدت مسؤوليته لصاحب تجربة سابقة غير ناجحة، أما رئيس التنفيذية ورأس الهرم القيادي الرياضي الحلبي فقد نال الاستثناء على ثلاث مخالفات تنظيمية.
أحداث كارثية
أما إدارة نادي الحرية، وهنا مربط فرسنا، فقد سبب التأخر بإعلان تشكيلها الجديد كوارث حقيقية، فالجهاز الفني لفريق كرة القدم الأول أعلن مساء السبت اعتذاره عن المهمة على لسان المدرب مصطفى حمصي، الذي صرح لنا بذلك، وقبل أيام قليلة من انطلاقة الدوري الممتاز الذي غاب عنه الفريق لثلاثة مواسم في الظل، والسبب – كما نقل لنا الحمصي – هو الخلاف مع مشرف اللعبة في الإدارة الجديدة، الكابتن وليد الناصر، الذي أعلن، من جهته، تبرأه من مسؤولية الفريق ونتائجه بعد إصرار المدرب على بقاء طاقمه على رأس عمله عكس مشيئته – أي مشيئة الناصر – وعلى عكس وجهة نظره التي ترى ضرورة إعمال التغييرات في الكادر المشكل من عشرة أشخاص معظمهم ليس لا عمل فعلياً له، وهو خيار وقفت الإدارة مجتمعة بوجهه، ليشعر الأخير بالإهانة والتهميش. وبرر الحمصي الاستقالة بأنه يرى الفشل أمام ناظريه كونه سيمضي وفريقه دون ظهر في الإدارة يستند إليه، وأكثر من ذلك الضغوطات الممارسة عليه لقبول التعاقد مع لاعبين غير مرغوب فيهم، لتشتعل مواقع التوصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لقرار الحمصي، ومتهم له بالهروب من المسؤولية في وقت حاسم، وبين منتقد للناصر، ومن جاء به، وللإدارة، ولرئيس النادي تحديداً.
من المسؤول؟
بالنسبة لنا، فإننا نضع المسوؤلية على القرار المتأخر جداً، الذي ظلم الإدارة نفسها بحشرها بهذا الوضع الصعب، وظلم الكابتن وليد الناصر، مشرف الفريق الأول الجديد، وظلم عضو الإدارة السابق صالح الحسين، أحد صناع إنجاز الصعود للدرجة الممتازة، وظلم الحمصي وكادره بأن أتى بشخص غير منسجم معهم، فلو أن قرار التغيير، أو إعادة التشكيل، صدر بعد صعود الفريق الأول لكرة القدم إلى الدرجة الممتازة مباشرة، لكان هناك متسع من الوقت لتحديد الكابتن الناصر خياراته: إما الإبقاء على الكادر أو تغييره بمن يراه مناسباً، وينسجم معه ويشاركه الرؤية الفنية في بناء الفريق الذي يحقق تطلعاته، والأمر نفسه بالنسبة للمدرب الحمصي الذي وجد نفسه في الوقت بدل الضائع أعزل من الداعم والظهير في مجلس الإدارة، عقب استقالة شريكه في العمل والإنجاز، صالح الحسين، بعد إحساسه بأن البساط سحب من تحته.
السيناريو الأسوأ
كان من المفروض على أصحاب الشأن – من وجهة نظرنا – تجهيز قائمتين “تشكيلين إداريين”: واحدة يزج بها في حال فشل الفريق الأول في التأهل للممتاز، وهذا يعني فشل الإدارة غير المرضي عليها من إحدى الجهات القيادية الرياضية لأسباب تتعلق بوقائع الانتخابات الأخيرة ويوجب بالتالي عزلها، والقائمة الثانية – وعلى رأسها رئيس النادي الحالي – تسلم مقاليد الأمور فور تأهل الفريق للدرجة الممتازة مكافأة على صنيع الصعود؛ لكن هذا السيناريو، وبسبب تضارب الرؤى والتوجهات، لم يتحقق، واستبدل بالأسوأ، ونتيجته واضحة للعيان، وتداعياتها أيضاً، وأيضاً إعلان عضو الإدارة الجديدة محمد الأحمد استقالته هو الآخر، وسط حالة من الهيجان في صفوف مناصري وجماهير نادي الحرية، ضحية كل ما سبق ذكره، إذ يرى بعضهم أن ناديهم مضطهد دائماً، ومتلاعب بمصيره، لضيق قاعدته الجماهيرية قياساً بأندية أخرى، لو جرى لها ما جرى لناديهم لقامت الدنيا ولم تقعد!