د. نهلة عيسى تحاضر في الصورة المرئية وأهميتها في دار البـــعث
ضمن سلسلة اللقاءات التفاعلية التي تقيمها دار البعث حول تطوير العمل في الإعلام المرئي وأهمية الصورة في المشهد الإعلامي، قدمت في الأمس د. نهلة عيسى نائب عميد كلية الإعلام للشؤون العلمية محاضرة عن الصورة المرئية بحضور كادر التحرير في “جريدة البعث” و”تلفزيون البعث” و”البعث الأسبوعية”، سلطت الضوء من خلالها على صناعة الرؤية في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء.
عناصر أساسية
وأشارت د. نهلة في بداية حديثها إلى أن بناء الرؤية تحكمه ثلاثة عناصر رئيسية: إثارة الانتباه، وحدة العمل، والإيقاع، منوهة إلى أنه لا قيمة لقول أي شيء دون إثارة الانتباه ووجود المتلقي، كما أن وحدة العمل والتناغم والتدفق السردي والتماسك ووجود علاقات سببية ضروري لأي عمل بالإضافة إلى الحاجة الماسة – عند بناء رؤية ما – إلى الإيقاع، مبينة أن هذه الشروط الثلاثة يجب الالتزام بها وأخذها بعين الاعتبار منذ بداية العمل وجميعها مرتبط بالهدف الذي نسعى إليه والذي يحدد كيفية السرد، فليس المهم ما ستقول بل كيف ستقول، ثم انتقلت للحديث عن البدايات الثلاث للدخول في أي عمل والتي يحمل كل منها معنى ودلالة وأهدافا مختلفة، والبداية الأولى مع الموضوعية التي تبدأ من الواسع إلى المتوسط إلى الضيق وهي توحي بالإخبار والإعلام وبأنها لا تخفي شيئاً عن المتلقي، والبداية الثانية هي التشويقية التي تبدأ من الضيق إلى المتوسط وصولاً إلى الواسع وفيها إثارة وتشويق، أما الثالثة فهي المنحنية التي تبدأ من المتوسط وهي أشبه بمتاهة والمقصود منها عدم وصول المتلقي إلى جواب وهذا ما تعتمده أغلب وسائل الإعلام حالياً، وإذا كانت البدايتان الأولى والثانية تحتويان بالضرورة على تضليل فالبداية الثالثة هي “محض تضليل” ولكننا لا نستطيع تجاوز تلك البدايات في صناعة أي رؤية على أن تنسجم مع سياسة الوسيلة وطبيعة الموضوع وأسلوب الإعلامي في السرد والعرض مع عدم تجاهل الجانب الفني.
دلالات ومعان
وبينت د. نهلة أن اللقطات هي مصاغ اتصالي سردي ولها أنواع لكل منها دلالات ومعان ولدينا سبعة خطوط قطع للتصوير في الواقع المرئي، وكل خط هو عبارة عن حجم لقطة ودلالة وأول خط هو البؤري أي الدخول إلى عمق الأشياء والوصول إلى حدودها القصوى وهو أصغر اللقطات، وبعده تأتي اللقطة القريبة جداً ثم القريبة، وصولاً إلى بداية اللقطات المتوسطة باختلاف أحجامها ثم اللقطات العامة، منوهة بأن هذه اللقطات يجب أن تتوالى خلف بعضها لتشكل مفهوماً ودلالة، وفي التلفزيون يتم استخدام اللقطات المتوسطة والقريبة فقط لأن طبيعته لا تسمح إلا بذلك، وأضافت: أما فيما يخص زوايا التصوير فلدينا عدة زوايا مرتبطة بسياسات الوسيلة وبأهدافها وقيمها وأولوياتها منها الزاوية الأمامية التي توحي بالموضوعية ولكن عيبها أنها تسطح الأشياء ولذلك يتم استبدالها بالزاوية الجانبية التي توحي بالموضوعية والعمق معاً، بالإضافة إلى الاعتماد على الزاوية الأمامية المنخفضة لتكبير الأشياء و”عملقتها”، أو الزاوية المرتفعة لتصغير الأشياء وتسخيفها وإظهارها من أعلى، ومعظم العمل الإعلامي يدور حول هذه اللقطات ولكن يجب عدم الاعتماد على زاوية واحدة فلكي توهم بالواقعية يجب الانتقال بين الزوايا المختلفة.
خلق الواقع
ولطالما كانت الصورة هي اللغة في العمل التلفزيوني كما أوضحت د .نهلة – فهي الأداة المعتمدة للتواصل ولديها القدرة على إيصال المعنى والتعبير والإعلام الذي هو صناعة الواقع أصبح ينسب إلى الصورة فهي ليست واقعية فقط، بل “فائقة الواقعية” وأصبحت أخطر الوسائل وبديل عن التجربة الموضوعية، وبناء على ذلك أصبحنا جميعاً “منتج إعلامي” ويتم التعامل معنا كسلع، ثم أشارت إلى أن العلاقة بين النص المرئي والمكتوب تكاملية تبادلية، مشددة على أن النص المرئي يعالج الأشياء لكن لا يشرحها ويفسرها فهو يلمح ويشير ويدل فقط لأن السائد اليوم يقول: “لمح ولا تفسر” وادفع المتلقي للرغبة بمعرفة المزيد فنحن في عصر اللهاث وراء الأشياء وخلق احتياجات غير ضرورية.
ورأت د. نهلة في الختام بأن مهنة الإعلام متجددة، ولكي تصبح إعلامياً عليك أن تقتحم النار وتعيد تشكيل ذاتك، والإعلام صناعة شديدة المهارة تحتاج لصياغات ونصوص خاصة لكي تصنع مشاهدك الخاص بما تقدمه.
لوردا فوزي