د. أبو طوق: اقتراحات جمعية أدب الأطفال تبقى حبراً على ورق
الطبيب إنسان وكاتب قصص للأطفال، إنسان من طراز آخر، وقد اجتمعت هاتان السمتان في شخص واحد أدرك مجامع الحب والعطاء من أبوابه العريضة، يكتب بروح الطبيب الحاني، ويطبب الناس بروح الكاتب المبدع، يحكي للأطفال حكايات عن الصحة وعلوم الطب، ويبسط لهم مفاهيم الحياة، فكان هذا الحوار الشائق مع د. موفق أبو طوق عن الطفولة وأدبها، وعن طب القلوب والعقول عبر قلمه المعطاء.
طبيب برتبة أديب
بين الطب وجديته، وبين الطفولة ومرحها، كانت الخطوات الأولى للكاتب موفق أبو طوق تلتمس فنه الثاني أدب الطفولة، حيث قال: كل مولود يولد على الفطرة، فتراه في فترة طفولته ويفاعته متمسكاً بالمشاعر الإنسانية، ملتزماً بالقيم الأخلاقية، مرتبطاً بالعادات والتقاليد التي تعبّر عن الوجه الحقيقي لمجتمعه، والطب عموماً يتعامل مع المريض بأسلوب إنساني، ويحاول أن ينقذ أي عليل من آلامه وأوجاعه، فهو إذاً يتواصل مع المشاعر والأحاسيس التي تمثّل النفس البشرية النقية، وبذلك يكون أقرب إلى نفسية الطفل الذي مازال محتفظاً بنقائه وصفائه، ومازال متمسكاً بفطرته التي فطر عليها منذ نعومة أظفاره، ومازال ينشد مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم، من هنا يلتقي الطبيب وأديب الأطفال في حوض واحد، فكلاهما يسعى إلى إسعاد الآخرين جسدياً وفكرياً وعاطفياً ونفسياً.
مادة دسمة
أديب الطفولة دائماً ما يكون محصّناً بمخزون وجداني وثقافي عال، وعن مواضيع قصص الأطفال ومن أين يستقيها د. أبو طوق تحدث: هناك مخزون كبير يمتلكه أديب الأطفال، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف امتلأ هذا المخزون؟ ومن أي المصادر جاء؟ بالتأكيد إضافة إلى ما يكتنز المرء من معلومات وسلوكيات قادمة عبر ما هو مقروء ومسموع من كتب، ومجلات، وندوات، وتقنيات، هناك العودة إلى الماضي، واستعادة صور الأمس، وذكريات الطفولة، بما فيها من لعب ونشاط وحركة وشقاوة ومقالب وتفكير بدائي وتعبير عفوي، كل ذلك يشكّل مادة دسمة تنقل واقع الطفل الحقيقي، وترصد نهج تصرفاته.
أدب قليل الحظ
حال أدب الطفل بالتأكيد كحال العديد من الأجناس الأدبية، وعن همومها وآمالها وكيف يراها د. أبو طوق من وجهة نظره الخاصة أجاب: على الرغم من أهمية أدب الطفولة، إلا أنه مع الأسف الشديد مازال مظلوماً ومقهوراً ومتقهقراً إذا ما قورن بغيره من الأجناس الأدبية، فأديب الأطفال عندنا مازال بعيداً عن الحظوة التي يتمتع بها زملاؤه من الأدباء الكبار، ولا ندري ما السبب؟ وليس أدل على ذلك من أن المنابر المخصصة لأولئك المبدعين شبه مفقودة، والمجلات التي تفتح صدرها لإنتاجهم أقل من القليل، والأصبوحات التي تتيح اللقاء والتواصل مع جمهور الصغار مازالت مقيدة بأمزجة فردية ومناسبات محددة، والمسابقات التي تفتح أبوابها أمام عطائهم الثري مازالت نادرة، والقيمة المعنوية لأشخاصهم في الأوساط المعنية مازالت متراجعة، على الرغم من أن لدينا في هذا القطر أدباء عرفت أسماؤهم ليس على المستوى المحلي والقطري فقط، بل أيضاً على مستوى الوطن الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج، على مستوى الأطفال الناطقين بالضاد في كل بقعة وكل مكان، فمتى نراجع حساباتنا، ونقوّم من جديد أدب الأطفال في بلادنا؟ متى نضعه في الموضع المتميز الذي يستحق، والمكان المناسب الذي يليق به؟.
جمعية أدب الأطفال
لدى د. موفق أبو طوق العديد من إشارات الاستفهام على جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب، وعن كيفية التعاطي مع ما فيها من نقاط قال: لو أعطيت جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب مزيداً من الحرية، ومزيداً من الإمكانيات، لفعلت الأفاعيل، ولقدمت مشاريع أدبية رائعة لها بداية وليس لها نهاية، ولكن، ماذا تفعل ويدها مغلولة إلى عنقها، ماذا تفعل وقراراتها واقتراحاتها تبقى حبراً على ورق! ومازلت أذكر الكثير الكثير من التوصيات التي أقرتها الجمعية، وطالبت المؤسسات المختصة بترجمتها إلى واقع حي، لكنها لم تلق آذاناً صاغية بل ألقيت في سلة المهملات.
الطريق الصحيح
تحتاج القصة الموجهة للأطفال إلى محفزات ودعائم بناء وتشجيع دائم، وعن رأيه إن كانت سورية على الطريق الصحيح في هذا المضمار، قال: لأدب الطفل صفات خاصة وسمات مميزة، وعلى أي كاتب يريد أن يخوض في هذا المجال أن يراعي كل ما له علاقة بهذا الأدب، عليه قبل كل شيء أن يكون طفلاً كبيراً يعيش مشاعر الطفل ويتواصل مع توجهه ورغباته، وأن يكون لديه إلمام مقبول بمفردات الطفل اللغوية وأسلوب تعبيره الخاص، كذلك أن يندمج مع الأطفال يحادثهم يسامرهم يلعب معهم يكتشف مواهبهم وهواياتهم، وأن يطلع على تجارب وإبداعات من سبقه من الرواد من أدباء الأطفال ويستقي من كتبهم ما يفيده في مجال الكتابة لهم.
جُمان بركات