أخبارصحيفة البعث

ترامب.. انتخابات بالترهيب!

ريناس إبراهيم

تتصدّر الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية عناوين الأخبار، ليس باعتبارها الدولة الأقوى والأكثر جدلاً في العالم، بل بسبب الحالة غير الاعتيادية التي ساقها دونالد ترامب منذ استلامه سدّة الرئاسة وإصراره على الغرابة في كل تصريحاته وتصرفاته، لكن أن تتحوّل تلك الانتخابات إلى ترهيب نفسي ومصدر قلق للشارع الأمريكي فهو ما تجاوز حدود التوقّعات والتنبؤات.. ينبع ذلك من عدّة حوادث ومؤشرات، كان أولها الإقبال الكثيف للأمريكيين على شراء حاجياتهم، واليوم تهديدات ورسائل وعيد لمن ينوي التصويت لجو بايدن، خصم ترامب!

“السلطات الأمريكية اعتقلت رجلاً من ولاية ميريلاند القريبة من العاصمة واشنطن هدّد بخطف وقتل مؤيدين لبايدن”، وكتب في رسالة بخط اليد تركها أمام أحد المنازل التي تضع لافتات لدعم المرشح الديموقراطي: “هذا تحذير لأي شخص يقرأ هذه الرسالة إذا كنت من مؤيدي بايدن وهاريس فسوف يتم استهدافك.. لدينا قائمة بالمنازل والعناوين من خلال لافتات انتخابية.. نحن من يحمل تلك الأسلحة المخيفة ونحن من يسبب الكوابيس لأطفالك”.

“عواقب وخيمة تنتظر المصوّتين لبايدن”، حسب تهديدات وصلت عبر البريد الإلكتروني لعدد من الناخبين الداعمين لبايدن في ولايات أمريكية مختلفة تطالبهم بالتصويت لترامب، وإلّا..!؟

وما يزيد معدل القلق وخطورة الأوضاع المرتقبة، أن السلطات الأمريكية اعتقلت 13 من أعضاء شبكة وجهت لها تهمة التآمر لاختطاف حاكمة ولاية ميشيغان الديمقراطية غريتشن ويتمير.

العنصرية التي عزّزها ترامب بسياساته وتصريحاته وتعامله مع احتجاجات الأمريكيين من أصول أفريقية، دفعت إلى تصاعد نشاط ميليشيات معروفة بنزعتها المتطرفة وارتباطها بجماعات “تفوق العرق الأبيض”.

يضاف إلى ذلك يبدو اعتيادياً على الساحة الأمريكية استغلال حدث الانتخابات لمهاجمة الدول الأخرى وتوجيه الاتهامات، وآخر ما تفتّقت عنه الذهنية الترامبية هو اتهام مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جون راتكليف لروسيا وإيران بالحصول على معلومات تتعلّق بسجلّات الناخبين في الولايات المتّحدة، ومباشرة إجراءات تهدف للتأثير على الرأي العام الأمريكي في انتخابات الثالث من تشرين الثاني، متهماً إيران على وجه التحديد بإرسال رسائل “مخادعة” عبر البريد الإلكتروني إلى ناخبين تهدف إلى ترهيبهم والتحريض على اضطرابات اجتماعية والإضرار بترامب. بينما لا يتجاوز هذا الاتهام دائرة الهجوم المجاني والاستثمار لمرحلة الانتخابات، إذ لم يوضح راتكليف كيف حصلت روسيا وإيران على هذه البيانات، كما لم يشرح كيف تعتزم موسكو الاستفادة منها!.

الردّ جاء سريعاً من إيران إذ استدعى المتحدث باسم خارجيتها السفير السويسري وراعي المصالح الأميركية في إيران، وقال: إنّ إيران “ترفض المزاعم المتكررة، والتقارير الملفقة والخرقاء والمزوّرة من قبل مسؤولي النظام الأميركي، وتؤكد أنه لا فرق عند طهران بي أيّ من المرشحين الحاليين”، وأضاف: “نظام الولايات المتحدة وأجهزته الاستخباراتية والأمنية، التي لها تاريخ طويل في التدخل وزعزعة انتخابات الدول الأخرى، مسجونون أيضاً في عالمهم الوهمي والاحتيالي”، واعتبر أنّه ليس من المستبعد عن مصممي مثل “هذه السيناريوهات الطفولية، أن يسعوا إلى تشتيت انتباه الرأي العام والاستفزازات المشبوهة، في الفترة التي تسبق الانتخابات”، وأكد أنّ طهران تنصح الولايات المتحدة بـ”الامتناع عن الادعاءات الباطلة والاتهامات التي لا أساس لها، والسيناريوهات المشكوك بها”، وتدعوها لأن تحاول التصرف “كدولة طبيعية على مستوى العلاقات الدولية، وفيما يتعلق بالدول الأخرى”.

داخلياً، الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وفي أول ظهور علني، أكد أن الأميركيين كان عليهم أن “يتعايشوا” خلال السنين الماضية، مع “عواقب إثبات أن ترامب غير قادر على التعامل بجديّة مع أعباء الرئاسة”، وأضاف: “لقد سئمنا من سلوك ترامب، فهو يتصرّف كشخص مجنون”، متسائلاً عن الأسباب التي تدفع الناس لتقديم الأعذار لسلوك ترامب، فهناك “عواقب لهذه الأعمال، إنهم يشجعون بذلك الآخرين على أن يكونوا قساة ومنقسمين وعنصريين”، واعتبر أن ترامب لم يظهر أي اهتمام للقيام بعمل أو مساعدة أي شخص سوى نفسه وأصدقائه، مشدداً على أن “الوحيدين الأفضل حقاً مما كانوا عليه قبل 4 سنوات، هم الأغنياء الذين حصلوا على تخفيضات ضريبية”.

أما ترامب فكأنما هو في كوكب منفصل عمّا يجري، غارق في أحلامه بالفوز، لكن قد يكون السبب ثقته بأساليب التلاعب التي تتبعها حملته، إذ ادّعى في آخر كلمة له خلال مهرجان انتخابي في ولاية كارولينا الشمالية أنه سيفوز بهذه الولاية، وسيربح 4 سنوات أخرى في البيت الأبيض.

ويستغلّ ترامب أي ظهور له لمهاجمة خصمه بايدن والسخرية منه، حيث بعث، في كلمته ذاتها، رسالة إلى “أمهات أميركا الرائعات”، قائلاً: “إنّه سيقوم بإعادة فتح المدارس، بينما بايدن “الهش للغاية” سوف يغلقها”، ليغدو المشهد مشوّقاً كلعبة القط والفأر، لكنه مقلق للغاية بالنسبة للأمريكيين، ولا سيما مع احتمال فوز ترامب الشعبوي بولاية ثانية!