حتى لو خسر.. الترامبية ستستمر
ترجمة: هناء شروف
عن الفاينينشال تايمز
على الرغم من أن قلة هم الذين يجرؤون على الاعتراف بذلك، إلا أن أغلبية الأمريكيين يستعدون للاحتفال بهزيمة ترامب، ويتوقعون أن تندثر بذهابه “ميليشيا ماغا” الذين يرتدون القبعات، ويتعاطفون مع الميليشيات الذين يشكّلون الوعاء الانتخابي للرئيس الأمريكي.
لن تسدل هزيمته الستار على إدارة يعتبرونها الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الحديث فقط، بل ستكون لحظة الخلاص التي لن يتم فيها شطب ترامب فحسب، بل الترامبية أيضاً، إذ بعد أربع سنوات من الجحيم، يمكن لأمريكا أن تنتقل من حيث توقفت.
إذا خسر ترامب الشهر المقبل، فسيكون ذلك بدعم يصل إلى 45 في المئة من الناخبين المتوقعين، أي ما يقرب من 60 إلى 70 مليون أمريكي، ولكن حتى عندما يتقدم جو بايدن في الاستطلاع إلى خانة العشرات، لا يمكن استبعاد فوز ترامب، وحتى لو خسر، فمن غير المرجح أن يضاهي الرفض الكاسح الذي عانى منه وولتر مونديل ضد رونالد ريغان عام 1984، أو ضد باري جولدووتر أمام ليندون جونسون عام 1964، ما يعني أن أمريكا منقسمة بشدة على ذلك.
سيتعين على معسكر بايدن المنتصر أن يأخذ في الاعتبار ثلاث نقاط مهمة:
– النقطة الأولى: هي أن الحزب الجمهوري ينتمي إلى ترامب، حتى لو غادر المشهد السياسي، كان العديد من الناخبين الإنجيليين قبل خمس سنوات لايزالون يشعرون بالكره تجاه شخصية ترامب المتحررة، ولكن سرعان ما علموا أنه كان نوع الملاكم الذي يريدونه، والأمر نفسه ينطبق على الجمهوريين المحترفين، قد يعني الحفاظ على الذات أنهم سينأون بأنفسهم عن ترامب مع اقتراب هزيمته المحتملة، ولكن ما حدث هو العكس، فقد أظهرت دراسة على موقع “أكسيوس” أن الجمهوريين المنتخبين أصبحوا على نحو مطرد أكثر اعتناقاً لأفكار ترامب من ذي قبل على مدى السنوات الأربع الماضية، كان هذا جزئياً بسبب تقاعد حفنة من الممثلين المعتدلين في أول عامين من رئاسة ترامب، أو طردهم المتشددين في الانتخابات التمهيدية، في الغالب كان ذلك بسبب القوة العميقة لترامب، والدافع هو مع أولئك الذين يخشون أن تتوقف أمريكا عن كونها أمريكا، ويرجع ذلك جزئياً إلى التنوع العرقي المتزايد في الولايات المتحدة.
– النقطة الثانية: هي أن الثقافة الإعلامية في الولايات المتحدة أصبحت أكثر تدهوراً مما كانت عليه 2016، غالباً ما يلقي الديمقراطيون اللوم في انتصار ترامب على الروس، ولكن مهما كانت المعلومات المضللة التي تنشرها روسيا فقد تضاءلت أمام المواد المحلية، ووفقاً لدراسة أجراها هذا الأسبوع صندوق مارشال الألماني، فقد تضاعف حجم الأخبار المزيفة أو المزيفة المقنعة التي يستهلكها الأمريكيون على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم أكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2016، حيث يعد فيسبوك وسيلة للتضليل اليوم، مثلاً زاد طلب المستهلكين في الولايات المتحدة على الأخبار المشوهة أو الخاطئة بوضوح حول وباء كورونا، لذلك فإن التأثير التخريبي المتزايد للتكنولوجيا الرقمية على الثقافة العامة يجعل الحكم أكثر صعوبة، لهذا ستكون الأولوية “الأولى” لرئاسة بايدن هي طرح استراتيجية وطنية لفيروس كورونا لتسوية منحنى أمريكا، ولكن لا يمكن أن يحدث شيء آخر قبل ذلك، حيث سيعتمد جزء كبير من نجاحه على اتباع الأمريكيين قواعد مثل ارتداء الأقنعة، وتجنب الحشود، والامتثال لتتبع جهات الاتصال، إن هزيمة ترامب من غير المرجح أن تقضي على الانقسامات الثقافية التي أججها، ويقول عدد كبير من الأمريكيين إنهم سيرفضون اللقاح، ويعتبرون الأقنعة بمثابة تنازل عن حريتهم، لهذا سيتوقف مصير بايدن جزئياً على الدرجة التي يمكنه عندها تهميش تلك المشاعر.
– النقطة الثالثة التي على بايدن وفريقه الاهتمام بها هي: دراسة وفهم انتشار أفكار ترامب، لأن المكونات لاتزال موجودة مثل الحزبية المفرطة، وموت الياقات الزرقاء بسبب اليأس، وانعدام الأمن لدى الطبقة الوسطى، كلها عوامل سيئة، أغلب من يتبعون ترامب، مثل مايك بومبيو، وزير خارجيته، أو توم كوتون، سناتور أركنساس، هم نسخ متشددة منه.
إن علاج أمريكا متشعّب ومؤلم، ومثلما أن اللقاح لن يقضي فجأة على الوباء، فإن ذهاب ترامب لن يقضي على أفكاره، ولن تؤدي هزيمة ترامب بطريقة سحرية إلى إنهاء الترامبية.