سومر نجار: المعاصرة الشبابية للموسيقا تختلف عن المعاصرة بمفهومها العام
أحيا سومر نجار التراث الحلبي وبقي أميناً عليه، ولاشك بأن صوته الطربي وإبداعه بالعزف على العود ودراسته الأكاديمية وحضوره الجميل على مسرح الأوبرا وقربه من قلوب متابعيه ساعد على نجاحه، ودفعه لإطلاق أغنياته الخاصة، إضافة إلى غناء قصائد عدة، منها نغمات “عودي” للشاعر بدوي الجبل ألحان المايسترو عدنان فتح الله، وقصيدة “شآم العز” ألحان المايسترو كمال سكيكر، ومجموعة من القصائد الصوفية بعنوان: “مختارات عربية”، ومؤخراً غنّى قصيدة “ألا تشعرين” على مسرح الأوبرا، ومن هنا كان معه هذا الحوار:
*غنيت قصيدة “ألا تشعرين” بعزفك على العود منفرداً دون مرافقة أوركسترا، فما خصوصية هذه القصيدة بالنسبة لك؟
**هي توليفة بين قصيدتي سميح القاسم ومحمود درويش، بدأت بجزئية سميح القاسم: “ألا تشعرين؟/ بأننا فقدنا الكثير/ وصار كلاماً هوانا الكبير/ فلا لهفة ولاحنين/ ولا فرحة في القلوب إذا ما التقينا/ ولا دهشة في العيون/ ألا تشعرين”؟. إلى نهاية القصيدة، وفي المقطع الثاني شعر محمود درويش: حنيني إليك اغتراب/ ولقياك منفى/ وجرحي أبى أن يشفى/ أدقّ على كل باب/ وأفتح سرداب تلو سرداب/ وأنادي وأسأل كيف/ تصير النجوم تراب؟..
ومن ثم عودة إلى سميح القاسم بالمقطع الثالث.
بهذه الروح اشتغل عليها شقيقي الأكبر أحمد سعادة نجار، ولحنها منذ ثمانية وعشرين عاماً، وكان يرغب بأن يسمع هذا اللحن والقصيدة بصوتي، فأردت أن أغنيها مع العود فقط لتكون بمزاج خاص يليق بمزاج الكلمة واللحن وينسجم مع الأعمال الجادة والملتزمة، ويتناسب مع سياسة حفلات دار الأوبرا، لما تحمله من قيم جمالية وفنية وقد تفاعل معها الجمهور بشكل كبير.
*حظيت أمسية “مختارات عربية” التي قدمتها على مسرح الأوبرا بتنوع بين الفلكلور والطربي والمعاصرة، فإلامَ يعود هذا التنوع؟
** أردت أن أقدّم أمسية مختلفة عن الأمسيات السابقة التي قدمتها على مسرح الأوبرا، بتقديم أغنيات عربية لمغنين لهم خصوصية، مثل فريد الأطرش وزكي ناصيف وملحم بركات وزياد الرحباني.. وغيرهم، بقيت أغنياتهم في وجدان المستمع واكتسبت أعمالهم صفة الديمومة والاستمرارية، لما تحمله من قيمة على صعيد الكلمة واللحن والتوزيع الموسيقي، إيماناً مني بأن هذا النوع الغنائي يتّسم باللحن الذكي، فقدمته على مسرح الأوبرا الذي أعشقه.
*هل تفكر بأمسية معاصرة؟
**هناك اختلاف بين المعاصرة الشبابية للموسيقا الآنية وبين المعاصرة بمفهومها “المعاصرة القريبة” من تاريخنا، فأنا في كل أمسية أقدم أغنية معاصرة، وفي أمسية الموشحات والقدود أطلقت “شهبا يانور عيوني” أغنية خاصة بي كلمات صفوح شغالة وألحان جورج مارديروسيان وتوزيع أنس النقشي، وهي مصوّرة بطريقة الفيديو الكليب بأمسية حلبية بامتياز من حيث الموشحات والألحان ورقص المولوية والسماح، وفي إحدى الأمسيات قدّمت شارة مسلسل “بيت جدي”: “يا بيت جدي ضاع المفتاح وبوابك بتبكي علي راح” شعر حسين حمزة وألحان رضوان نصري.
في أمسية تكريم حسام تحسين بيك وشاكر بريخان غنيت أغنية لي اسمها “تعالي” من كلمات حسام تحسين بيك وألحانه بمرافقة الأوركسترا، وكانت أجمل هدية لي من شخصية فنية كبيرة، تاريخه حافل على صعيد الدراما والموسيقا والغناء، وكل ألحانه وأغنياته بمفرداتها التي تلامس الروح وبألحانها الرقيقة العذبة بقيت في وجدان الناس، في كل أمسية أقدم توليفة بين الفلكلور والمعاصر والتراث ما يشكل امتداداً على مستوى اللحن والأداء والكلمة لأغنيات الأصالة، وهذا المستوى يليق بمسرح الأوبرا والجمهور.
*إلى أي مدى تساعد السوشال ميديا في شهرة الفنان؟
**لاشك بأن الأغنية المصورة تساعد على الانتشار، وخاصة إذا كانت توصيفاً للكلمة واللحن بما يخدم الأغنية ويشكّل إضافة قيمة لها، فجميل أن نرى فيلماً صغيراً من أربع دقائق يحكي حكاية الأغنية، ويحمل مضموناً وفكرة، أنا مع هذا النوع من الفن الذي يخدم الأغنية، كما أنها تخدم المطرب، ولاشك بأن السوشال ميديا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي توصل المتابع لأية أغنية أو حفلة وانتشارها على كل الوسائل فرصة لمتابعة من هم خارج دمشق ولم يستطيعوا حضور الحفل أو من هم خارج سورية، باختصار السوشال ميديا تساعد على إيصال رسالتنا بنشر نشاط دار الأوبرا وإقامتها الأمسيات المميزة، والعديد من الفعاليات الفنية.
* لك مشاركات في الدراما الإذاعية والتلفزيونية توّظف فيها الغناء والموسيقا، فماذا عنها وهل تفكر بدور بطولي؟
**فيما يخصّ المشاركات في الدراما الإذاعية والتلفزيونية، أنا أعشق التمثيل إذ شاركتُ في مسلسل الثريا عام 1996، بشخصية المغني سهيل، كما شاركت بمسلسل العرس الحلبي في سفربرلك، وهو فلكلور يتعلق بالعادات والتقاليد مع نخبة من المطربين الحلبيين المتميزين، أيضاً شاركت بالحضور كصوت في عرب لندن بأغنية “مثل ما منجي مثل ما منروح”، وفي أسمهان أديت بصوتي الشخصية التي أداها الممثل اللبناني فادي إبراهيم بشخصية فريد غصن، وفي ليلى مراد كان صوتي بأداء شخصية زكي مراد بشخصية عزت أبو عوف، وفي مسلسل محمد علي مشرفة لعبت دور البطولة بشخصية البطل التي أداها أحمد شاكر وغنيت كل الأغنيات، وفي الإذاعة الحلبية عملت مع نذير عقيل وفاضل وفائي، واشتغلت مع مازن لطفي وباسل يوسف، إضافة إلى الشارات الدرامية.
*ما هو جديدك في عالم الدراما؟
**صوّرت مؤخراً مع فريق عمل “باب الحارة” في الجزء الحادي عشر مع المخرج د. محمد زهير رجب، شخصية المطرب فؤاد، وحاولت من خلالها تقديم مجموعة من الأغنيات التي تناسب المرحلة الزمنية للمسلسل خلال الانتداب الفرنسي، وهي أغنيات جميلة وتفاصيلها تناسب المقهى الشعبي الموجود ضمن الحارة الشامية وتمتاز بالبعد الجمالي وبالترفيه عن الذات، وكان لشخصية المطرب في الحارة الشامية دور مهم بالتفاف معظم نجوم المسلسل، الذين أدوا أدوار البطولة، حوله، والإنصات إلى أغنياته بشغف ما شكّل حالة تآلفية بين عضوات الحارة وشبابها أضفت بريقاً اجتماعياً على حكايات الحارة، وأوجدت حالة درامية جديدة غير موجودة في الأجزاء السابقة، وفي الوقت نفسه نسلّط الضوء على الأغنيات الفلكلورية التي يحبها الناس وتوقظ بداخلهم الحنين إلى الماضي وذكريات عائلاتهم، لأن المطلوب في الحالة الدرامية تجسيد عنصر الإبداع والتشويق والمتعة، وأنا أرغب بالتمثيل بدور بطولي يخدم المسار الفني والغناء، فإذا وجد نصّ مناسب أرحب بذلك.
ملده شويكاني