ليبيا.. توقيع اتفاق دائم لوقف إطلاق النار
توصل طرفا الصراع في ليبيا خلال المفاوضات الجارية بينهما في جنيف إلى اتفاق، وصفته الأمم المتحدة بالتاريخي، بشأن وقف إطلاق النار في عموم البلاد.
وذكرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها في “فيسبوك” أن محادثات اللجنة العسكرية المشتركة بصيغة “5+5” في جنيف توجت الجمعة بـ”إنجاز تاريخي حيت توصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا”، مشددة على أن هذا الاتفاق يمثل “نقطة تحول هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا”.
وأقيمت مراسم توقيع الاتفاق في مقر الأمم المتحدة في جنيف بحضور رئيسة البعثة والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، ستيفاني وليامز، و”عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي للدول الأعضاء”.
وأشادت ويليامز، في كلمة ألقتها عقب توقيع الاتفاق، بـ”وطنية” طرفي النزاع والتزامهما بوحدة ليبيا وسيادتها، معتبرة ما حصل اليوم “لحظة سيسجلها التاريخ”.
وقالت: “ما أنجزتموه هنا يتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة.. لقد اجتمعتم من أجل ليبيا وشعبكم لتتخذوا خطوات ملموسة لإنهاء معاناته”.
وشددت المسؤولة الأممية على أن الاتفاق المبرم “يمكن أن يساعد في تأمين مستقبل أفضل وأكثر أمانا وسلما لجميع أنباء الشعب الليبي”، معربة عن أملها في أن يتيح الاتفاق للنازحين واللاجئين الليبيين داخل البلاد وخارجها العودة إلى ديارهم.
وكشفت وليامز عن تفاصيل الاتفاق المبرم بين حكومة طرابلس والجيش الوطني الليبي لوقف إطلاق النار في عموم أراضي البلاد والذي ينص : إعلان وقف إطلاق نار شامل في عموم أراضي ليبيا يدخل حيز التنفيذ بشكل عاجل، وسحب الوحدات العسكرية من جبهات القتال، و إنشاء آلية خاصة لرصد تنفيذ وقف إطلاق النار، وانسحاب كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد في موعد أقصاه ثلاثة أشهر اعتبارا من اليوم. ووقف عمليات التدريب العسكري في عموم الأراضي الليبية ومغادرة فرق التدريب البلاد إلى حين تولي الحكومة الجديدة مهامها. و تشكيل غرفة عمليات مشتركة للشرطة، لضمان أمن المناطق التي تم تطهيرها من المسلحين. دمج المجموعات المسلحة في مؤسسات الدولة وتشكيل قوة عسكرية محدودة ونظامية سترفع تقاريرها إلى اللجنة المشتركة.
ولفتت وليامز إلى مؤشرات جيدة بشأن جاهزية المنشآت النفطية في رأس لانوف والسدرة لاستئناف الإنتاج في المستقبل القريب، وذكرت أن طرفي النزاع سيعودان في الأسابيع المقبلة إلى التشاور بصيغة 5+5 لبحث مسائل نزع السلاح ووقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وتوحيد القوات المسلحة وسحب المرتزقة، كما أكدت أن المفاوضين الليبيين طلبوا من مجلس الأمن الدولي متابعة وقف إطلاق النار في بلدهم.
ورحبت مصر بالاتفاق المبرم، ودعت الخارجية المصرية في بيان لها الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الإسهام في الجهد الحالي وضمان عدم التصعيد في جبهات القتال، مبدية دعم القاهرة لدعم مساعي الأمم المتحدة الرامية لتحقيق الهدف الرئيسي، وهو ضمان استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد”.
في المقابل غرّد النظام التركي خارج السرب، وأعرب عن تشاؤمه إزاء الاتفاق، وقال رجب طيب أردوغان للصحفيين إنه يعتبر اتفاق جنيف “ضعيف المصداقية”، زاعماً أنه ليس على أعلى مستوى و”الأيام ستظهر مدى صموده”.
من جانبها، رحبت الولايات المتحدة “ترحيبا حارا” بالاتفاق المبرم بين الفرقاء الليبيين، مشددة على أنه يمثل “خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تحقيق المصالح المشتركة لجميع الليبيين في خفض التصعيد والاستقرار ورحيل المقاتلين الأجانب” و”يمهد الطريق لمزيد من التقدم” في منتدى الحوار السياسي الليبي الذي سينطلق الأسبوع المقبل بهدف التوصل إلى حل دائم للصراع.
وأشادت السفارة الأمريكية في ليبيا بالدور المحوري الذي لعبته رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز في إبرام الاتفاق، داعية كافة الجهات الفاعلة الداخلية والخارجية إلى “دعم تنفيذ الاتفاق بحسن نية”.
في غضون ذلك، أعرب المفوض الأعلى للشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على حسابه في “تويتر” عن دعمه لاتفاق جنيف، مشددا على أن إعلان الأمم المتحدة عنه “مرحب به جدا”، وأكد أن الاتفاق يمثل خطوة ذات أهمية قصوى لاستئناف المفاوضات السياسية، معربا عن أمل الاتحاد الأوروبي في أن يصبح الاتفاق “نقطة تحول في الأزمة الليبية”.
من جانبها، أعربت إيطاليا أيضا عن تأييدها للاتفاق المبرم في جنيف والمساعي الأممية ذات الصلة، مؤكدة أن الاتفاق يعد تطورا في غاية الأهمية بالنسبة لاستقرار ليبيا.
وناشدت الخارجية الإيطالية في بيان لها كافة الأطراف الليبية تطبيق الاتفاقات المبرمة بشكل فعال، مع مواصلة التحلي بالموضوعية بما يخدم بأفضل صورة مصالح ليبيا، معربة عن أمل روما في أن تنعكس التطورات القادمة على الحوار السياسي الليبي الذي قد يشهد في الأسابيع القادمة خطوة حاسمة نحو تسوية النزاع.
بدورها أشادت فرنسا أيضا بالاتفاق، إذ لفت وزير خارجيتها جان إيف لودريان إلى أن ثلاثة عوامل مواتية مطلوبة لإحلال السلام في ليبيا باتت متوفرة اليوم، مشددا على ضرورة بلورة مخرجات مشاورات جنيف في حل مستدام للنزاع.