طريق الانتعاش في المنطقة طويل
توقّعت المؤشرات أن يستغرق التعافي الاقتصادي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج بعد الجائحة، وقتاً أطول وأكثر جهداً مما كان يُعتقد في البداية، وفقاً لموقع “مونيتور” الذي أفاد أنه في حين أننا ما زلنا في منتصف، أو حتى في البداية، من التأثير الاقتصادي للوباء وانخفاض أسعار النفط في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا أنه توجد بعض العلامات المقلقة على أن الانتعاش سيكون أكثر صعوبة مما هو عليه في مناطق الأسواق الناشئة الأخرى، وتشير الأدلة المبكرة إلى أننا سنرى تبايناً كبيراً في النمو الاقتصادي، حيث أظهرت الاقتصادات الآسيوية بالفعل مرونة أكبر من أميركا اللاتينية أو الشرق الأوسط.
ومؤخراً أصدر صندوق النقد الدولي توقعاته الاقتصادية المحدثة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تعديل هبوطي في النمو (السلبي بالفعل) لمصدّري النفط في عام 2020 إلى -7.3% انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، قبل العودة إلى النمو الإيجابي بنحو 3% في عام 2021، وهذا يمثّل خسارة في عائدات تصدير النفط إلى المنطقة بنحو 270 مليار دولار في عام 2020. وبالنسبة لمستوردي النفط في المنطقة، فإن الانخفاض في النمو المتوقع أكثر اعتدالاً عند -1.1% لعام 2020 قبل العودة إلى نمو إيجابي ضعيف بأقل من 2% في عام 2021.
الركود الحاد الحالي لن يستمر إلى الأبد، ولكن السؤال هو: كيف يعود النمو بشكل غير متساوٍ؟ وما الذي يمكن أن تفعله الحكومات لحماية المواطنين من أسوأ فترات الركود الاقتصادي وتضخيم ما يعود عليه النمو البطيء؟.
من المتوقع أن تنتعش الاقتصادات في آسيا بسرعة أكبر وبمعدلات نمو سنوية أعلى مما هي عليه في الشرق الأوسط أو أميركا اللاتينية، وسيعزى الانخفاض في معدلات النمو في الشرق الأوسط إلى تباطؤ تعافي مصدّري النفط، ومعظمهم في دول مجلس التعاون الخليجي حساس للغاية، وبالنسبة للمنطقة، تعدّ دول الخليج المصدّرة للنفط مصدراً للاستثمار الأجنبي المباشر والتحويلات المالية، فضلاً عن كونها مصدر قوة للنمو الإقليمي، لذلك تعافيها حساس للغاية، وقد يتأخر بسبب انخفاض الطلب على النفط والغاز، إلى جانب تأثر السياحة.
وأكد الموقع أن الإنفاق الحكومي في دول الخليج في العقارات ومشاريع البنية التحتية سيشهد انكماشاً، وهو ما يعني تقليدياً انكماشاً شاملاً في اقتصادات الخليج وتقليص سوق العمل، وانخفاض الفرص للعمال الأجانب، مع انخفاض الأجور وتدفقات التحويلات إلى أغلب دول الشرق الأوسط. وأضاف أن ارتفاع مستوى البطالة بين الشباب والمشكلات الاقتصادية وضعف الوصول إلى رأس المال، ستزيد من الضغوطات على الحكومات والشركات للوصول إلى تمويل للديون وإعادة هيكلة الديون القائمة. وأشار الموقع إلى أن الوصول إلى أسواق رأس المال الدولي للديون سيكون أساسياً لانتعاش المنطقة، وسيكون هناك اختلاف في هذا الوصول، وكذلك بعض الصعوبة في الاعتماد المفرط على البنوك المحلية والإقليمية، وسيتعيّن على اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التعامل مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية للجائحة.