الإرهاب.. جريمة العصر الكبرى
الإرهاب ظاهرة قديمة حديثة، إذ بدأت أولى العمليات الإرهابية مع حركة السيكاريين التي تكوّنت في فلسطين بين عامي 66- 73 م من مجموعة من المتعصبين اليهود الذين عرفوا باسم “الغيورين” وهي تعد من أقدم الحركات الإرهابية، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانتهاء انقسام الفكر الأيديولوجي العالمي بين الفكر الرأسمالي الليبرالي والفكر الاشتراكي الشيوعي وبروز فكرة صراع الحضارات ونهاية التاريخ، حدثت مرحلة وجود فراغ فكري مناهض للفكر الليبرالي، وقد استغلت التنظيمات المتطرفة هذا الفراغ من أجل الترويج لمشروعها العالمي تحت دعاوى دينية مختلفة، حيث تحوّل الإرهاب من الطبيعة الأيديولوجية إلى الطبيعة في العقائد الدينية والعرقية، واستفادت التنظيمات الإرهابية من التطوّر الكبير الذي لحق بتكنولوجيا الاتصال والسلاح، فبرزت أشكال جديدة من الإرهاب الدولي أشد خطورة من الإرهاب التقليدي (الإرهاب الكيميائي، الإرهاب النووي) وزاد حجم التطرف ليس على مستوى الأفراد والجماعات فقط بل على مستوى الدول.
ولأن الإرهاب ظاهرة خطيرة وذات متغيرات متعددة، قدم حسين راغب محاولة يضيء من خلالها على جميع النقاط المتعلقة بالإرهاب في كتاب بعنوان “الإرهاب جريمة العصر الكبرى” الصادر عن دار الشعب لنشر العلوم الإنسانية.
يحاول المؤلف في كتابه تقديم رؤية علمية متعددة الأبعاد لتناول ظاهرة التطرف والإرهاب، حيث قُسم الكتاب إلى ستة فصول، وتم الحديث في الفصل الأول عن “مفهوم ظاهرة الإرهاب” والتطور التاريخي للإرهاب ومحاولات تعريفه وأسباب صعوبة تعريفه وأهم المحاولات في هذا الاتجاه وخصائصه وأهم أنواعه.
الفصل الثاني تحدث عن مفهوم إرهاب الدولة وأبرز نماذجه مثل الإرهاب الأمريكي وإرهاب الكيان الصهيوني.
وفي الفصل الثالث تمّ إلقاء الضوء على مفهوم التطرف والتكفير وخصائصه وأهم أسبابه، وأهم نماذج الحركات المتطرفة كالوهابية، الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش.
وميز الكاتب في الفصل الرابع الإرهاب كجريمة دولية عن بعض الجرائم التي تشبه الإرهاب في بعض الخصائص، كجريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، والإرهاب في ظل الاتفاقيات والقرارات الدولية، والتمييز بين الإرهاب والكفاح المسلح والمرتزقة.
الفصل الخامس تناول فيه الكاتب مفهوم الإرهاب في فكر القائد المؤسس حافظ الأسد وفي فكر السيد الرئيس بشار الأسد، والتدابير القانونية السورية في مجال مكافحة الإرهاب، وأهم القرارات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب في سورية، وأبرز أشكال الدعم الخارجي للإرهاب في سورية، وقدم عينة بسيطة عن حجم الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية وداعميها في سورية بحق الشعب السوري.
وتطرق الكاتب في الفصل السادس إلى “إستراتيجية مكافحة الإرهاب” ووضع إستراتيجية متعددة المستويات لمكافحة الإرهاب تتوزّع بين تجديد الخطاب الديني، في المجال التربوي والأخلاقي والاجتماعي والثقافي والإعلامي، تطوير الحوار وتعزيز المواطن وتمكين الشباب وتعزيز التعاون الدولي.