المجتمع الفرنسي يتشظّى.. فرنسا متخوّفة من هجمات إرهابية جديدة
فيما بدأت الانقسامات تظهر واضحة في المجتمع الفرنسي، تشعر السلطات الفرنسية بكثير من القلق من إمكانية حدوث عمليات إرهابية جديدة بعد تعرض البلاد لهجومين دمويين خلال أقل من شهر، مع تصاعد خطاب التطرّف.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان اليوم الجمعة: من المرجّح وقوع المزيد من الهجمات على أراضي فرنسا في وقت تخوض فيه “حرباً ضد الأيديولوجية الإسلاموية المتشددة”، حسب تعبيره، فيما قال مصدر بالشرطة: إن رجلاً يبلغ من العمر 47 عاماً احتجز للاشتباه في صلته بمنفذ الهجوم.
وقطع تونسي رأس امرأة وقتل اثنين آخرين في هجوم بكنيسة في مدينة نيس الفرنسية أمس الخميس، قبل إصابته برصاص الشرطة والقبض عليه وسط إدانات دولية.
ويأتي هذا الهجوم الجديد بعد قرابة الأسبوعين من هجوم مروّع قام به متطرّف شيشاني استهدف من خلاله ذبح مدرس فرنسي يدعى صامويل باتي بتهمة عرض صور مسيئة للرسول الكريم على تلاميذه.
وقال وزير الداخلية الفرنسي: “نخوض حرباً ضد عدو في الداخل والخارج”، متابعاً: “علينا أن ندرك أن مثل هذه الهجمات المروعة التي وقعت ستقع أحداث أخرى مثلها”.
وكانت فرنسا أطلقت حملة واسعة لمواجهة التطرّف في فرنسا وداعميه، حيث بدأت الشرطة الفرنسية الشهر الجاري عمليات ضد “عشرات الأفراد” المرتبطين بالتيار الإسلاموي، فيما تم إغلاق عدد من المساجد والجمعيات التي تحظ على نشر الفكر المتطرّف، بعضها له علاقة بتنظيم الإخوان الإرهابي.
ويبدو أن السلطات الفرنسية ستتخذ مزيداً من الإجراءات لمواجهة التطرف الإسلاموي المتنامي، لكنها تتجاهل العنصرية والتطرّف اليميني.
وتعرّضت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون للضغط من الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرّفة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه غير الفرنسيين، الذين يُنظر إليهم على أنهم يشكلون تهديداً أمنياً.
ودعا ماكرون الخميس من نيس الفرنسيين إلى عدم الاستسلام للترهيب والإرهاب على إثر العملية، مؤكداً أن بلاده “لن تتنازل” عن أيّ من القيم الفرنسية خصوصاً “حرية الإيمان أو عدم الإيمان”، وأضاف: “إننا نُهاجم من أجل قيمنا”، داعيا الشعب إلى الوحدة وإلى “عدم الاستسلام لشعور الرعب”، معلناً زيادة عدد الجنود في عملية “سانتينيل” من ثلاثة آلاف إلى سبعة آلاف جندي، من أجل حماية أماكن العبادة، خصوصاً مع اقتراب عيد جميع القديسين الأحد.
واعتبر أن الهجوم الذي وقع قرب كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس “اعتداء إرهابي”، مضيفا في كلمة له من نيس، التي تحول إليها مباشرة عقب الهجوم، أنه “إذا تعرّضنا لهجوم فهذا بسبب قيمنا الخاصة بالحرية ورغبتنا في عدم الرضوخ للإرهاب”، حسب تعبيره، ووعد بأنه سينشر المزيد من القوات لتعزيز حماية المواقع الهامة، ومنها أماكن العبادة والمدارس وذلك عقب الهجوم.
ورغم حالة الصدمة في المجتمع الفرنسي نتيجة الهجوم، خرج عدد من أبناء الجالية التركية في مظاهرة ملوّحين بالإعلام التركية في تحد لفرنسا. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع مساء الخميس ضد أفراد من الجالية التركية تظاهروا في مدينة ديجون في شرق فرنسا، وفق ما أعلنت سلطات المنطقة بعد يوم من تنظيم احتجاج مماثل قرب ليون، وأوضحت المصادر نفسها “كانت مجرد تظاهرة لا أكثر”، بعدما انتشرت مقاطع فيديو على تويتر تظهر عشرات المتظاهرين وهم يلوحون بالأعلام التركية.
وفي المقاطع المصورة، يظهر المحتجون وهم يسيرون ويرفعون قبضاتهم قبل أن تبعدهم قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المحطة.
ومساء الأربعاء، تدخلت الشرطة لمنع “عشرات” من أفراد الجالية التركية من “الاشتباك” مع أرمن في ديسين-شاربيو، وهي بلدة في ضواحي ليون تضم نصباً تذكاريا للإبادة الأرمنية، كما أعلنت إدارة رون.
وجاءت هذه التظاهرة بعد محاولة إغلاق طرق مدفوع في جنوب ليون من قبل ناشطين مؤيدين لأرمينيا، بعد تجمع انتهى بأعمال عنف أدت إلى سقوط أربعة جرحى، أحدهم ضرب بمطرقة.
وتحدثت محافظة إيزير عن “مجرد اشتباكات” مع سائقي السيارات، لكن الصحف المحلية حّملت الجالية التركية مسؤولية هذه المواجهات.
وكانت تظاهرات لمئات من أفراد الجالية الشيشانية استمرت ليال عدة في وسط ديجون هزت منتصف حزيران المدينة. وجرت التظاهرات انتقاماً لهجوم تعرّض له أحد أفراد الجالية من قبل أعضاء في الجالية المغاربية، على حد قولهم.
ونشرت صور لأشخاص يلوحون بأسلحة بعضها مزيف وبعضها حقيقي.
ويبدو أن فرنسا تعاني تبعات تنامي خطاب الكراهية والتطرف الإسلاموي داخل الجاليات المسلمة حيث توجه أصابع الاتهام لتنظيمات موالية للنظام التركي، على غرار الإخوان، في نشر تلك الأفكار، مستغلين تجاهل فرنسا وأوروبا عموماً الإرهاب خارج حدودها.