تحرير الرواتب كما الأسعار!!
تحلّت الحكومة بالشجاعة والجرأة لتفنيد واقعها الغارق بالتحديات والضغوطات، وتقديمه كما هو بأرقامه الحقيقية القريبة لحياة الناس في لقاءاتها واجتماعاتها المتعددة، إلا أن ذلك لم يشف الناس من جراح واقعها المعيشي، ولم يرو تعطشها لباقة المعالجات والحلول التي بقيت معلّقة على مشجب الحرب والحصار، كما أنبأت هذه الشفافية بتغيرات جذرية في المرحلة القادمة تتعلق بمعادلة معيشية واقتصادية من شأنها التقليل من الفوارق في قيم الدعم المقدم للعديد من السلع، والامتثال لسياسات الأمر الواقع، وإسقاط تطبيق “هللي ببلاش كتر منو” الذي يصول ويجول داخل الحياة العامة، وكان له الكثير من التداعيات على بنية الاقتصاد الوطني من جهة، وعلى الثقافة الاستهلاكية التبذيرية التي تستهلك وتهدر الثروات الوطنية دون حسيب أو رقيب؛ وقد تكون الأجواء المتوترة التي تسود الشارع السوري بعد “المساس” بالخط الأحمر، والذي هو الخبز، مبررة بعد تأكيدات متواصلة ومتتالية من أصحاب القرار الذين اخترقوا الدوائر التي ظلت لعقود طويلة آمنة.
طبعاً لن نتسرّع في اطلاق الأحكام كونها لن تفيد بشيء في هذه الظروف، ولابد من إيجاد حلول إسعافية، وفي مقدمتها التحلّي بالصبر، واستثمار كل الموارد المتاحة، وتكثيف المبادرات الأهلية، وعلى الجميع المشاركة في مشروع إنقاذ الاقتصاد الوطني، وهناك الكثير من الأفكار، وفي مقدمتها دعم المشاريع الصغيرة التي لابد من دعمها من رجال الأعمال لما لها من دور في تأمين موارد مالية معاشية للناس، وردم الفجوة بين الدخل والإنفاق الأسري الذي تجاوز الـ 600 ألف ليرة سورية شهرياً كاحتياجات للأسرة السورية، ولا يمكن أيضاً تجاهل دور الحكومة في تقليص الفارق عبر سياسة تحرير الرواتب كما تفعل في الأسعار تحت مظلة رفع الدعم الحكومي على مراحل، ولو كان ذلك بشكل مبطن .
بالمحصلة المواطن يدرك ويستشعر التحديات وحساسية الظروف وقوة الحصار الظالم، ولكنه في الوقت ذاته يريد قدراً من الشفافية والوضوح، واتخاذ خطوات جادة نحو خلق التوازن الاقتصادي والمعيشي الذي يقلل الهدر، ويحاسب على الفساد، ويضمن حقوق المواطنة التي تتحلّى بالصبر في هذه الظروف العصيبة.
بشير فرزان