من يهدد الإسلام..!
محمد كنايسي
يعتقد العثماني الجديد أردوغان أنه يستطيع أن يخدع المسلمين، وأن يقنعهم بأنه المدافع الشرس عن الإسلام ضد الغرب الذي يستهدفه. ولا شك في أن البعض يمكن أن تنطلي عليه حيلة هذا المنافق الدجال، وذلك لأنه ليس أسهل من تأجيج المشاعر الدينية في مجتمعاتنا العربية التي مازالت محكومة بثقافة دينية شعبية بالية، واستثمارها في خدمة أهداف سياسية معادية للإسلام ذاته.
إن صورة الإسلام اليوم في الذهن الغربي هي صورة مشوّهة لدين لا ينتج إلا الإرهاب والتوحش وذبح الأطفال وسبي النساء وجهاد النكاح… وغير ذلك من ممارسات إجرامية أمعنت الجماعات الإرهابية التكفيرية التي دعمها أردوغان نفسه بكل قوة ومازال في ارتكابها وترويع العالم بها. فكيف يستقيم منطقياً أن يكون أحد كبار رعاة الإرهابيين التكفيريين الذين شوّهوا صورة الإسلام بشكل غير مسبوق هو المدافع في الوقت ذاته عن هذا الدين.!!
لكن الأمر لا يتوقف على دور الحالم بالسلطنة فقط، بل يتعداه إلى القوى الإقليمية والدولية التي دعمت الإرهاب التكفيري أيضاً، وأغمضت الأعين عن كل ممارساتها الإجرامية البشعة، ولم تترك سبيلاً سياسياً وإعلامياً إلا وسلكته في سبيل تبييض صورة الإرهابيين المتوحشين وإظهارهم بمظهر الثوار والمعتدلين والوطنيين، وغير ذلك من صفات لم تكن في الحقيقة سوى أقنعة صممت خصيصاً لإخفاء وجههم اللاإنساني.
إن الخطر الذي يتهدد الإسلام لا يأتي من صور كاريكاتيرية تسيء لنبينا الكريم، فهذه الصور المدانة طبعاً، سواء اعتبرت ممارسة لحرية التعبير كما ترى الثقافة الغربية السائدة، أو جريمة مقصودة لتغذية الكراهية والتطرف، هي في النهاية من فعل غير المسلمين، ونجاحها في الإساءة إلى النبي الكريم والإسلام عموماً يبقى محدوداً. أما الخطر الأكبر فهو الذي يأتي من الإسلامويين الذين يحاولون هدم الإسلام من الداخل. وهذا حال جماعات الإسلام السياسي بمختلف أطيافه التكفيرية التي لا تتوقف عن فعل كل ما من شأنه أن يؤكد عبر الممارسة العملية أنه دين معاد للعقل والتقدم والانسان.
ومما يجب ألا ينسى بهذا الخصوص أنه عندما بدأ التوجه الغربي نحو معاداة الإسلام بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، لم يكن ذلك لأن الدول الإسلامية تشكّل أي خطر على الغرب، ولاسيما أن معظمها تدور في فلكه وتخضع لهيمنته، بل كان ذلك التوجه يستهدف الإسلام عقيدة وثقافة، ما يؤكد أن الصهيونية قد لعبت دوراً أساسياً فيه لمعرفتها أن تخريب الإسلام من الداخل هو وحده القادر على تحويله إلى إسلام مشوّه وموظف في خدمة أهدافها. ومن هنا ليس أردوغان الذي يبدي اليوم غيرة عنترية على الإسلام ونبيه الكريم إلا خادماً وفياً للصهيونية العنصرية.