الثقافة الشفوية والإبداعية في دير الزور
دير الزور – مساعد العلي:
ألقى د. عدنان عويد محاضرة بعنوان: الثقافة الشفوية والثقافة الإبداعية، في المركز الثقافي العربي بدير الزور، استعرض خلالها المفهوم العام للثقافة الشفوية بأنها مجموعة الآراء والأفكار والمبادئ والرؤى والقصص والحكاية والأمثال الدينية والوضعية بما تتضمنه من مواقف سلبية أو إيجابية تجاه علاقة الإنسان بنفسه أو بالمجتمع أُنتج معظمها في الزمن الماضي، فثقافة الأجداد الذين لم يتركوا شيئاً للأخلاف إلا وقالوا به. وانعكست آثار الثقافة الشفوية قبل عصر التدوين على حياة العرب والمسلمين، حيث ظل التداول فيها شفهياً بين الناس لفترة زمنية طويلة، ولعل الملفت للنظر هنا أنه مع بداية التدوين في منتصف القرن الثاني للهجرة، وظهور رجال النحو واللغة، ظل الجانب الشفهي يمارس قوته على النحاة ورجال النحو أنفسهم بشكل خاص، حيث كانوا يلجؤون إلى الصحراء لأخذ صحة دلالات الكثير من الألفاظ وطريقة لفظها كما ينطق بها ابن الصحراء آنذاك، وفي منتصف القرن الثاني للهجرة بدأ القلم يأخذ دوره عند الكثير من علماء الدين والفلاسفة، وخاصة في مجالي التفسير والتأويل للنص المقدس، ومع القرن الثالث للهجرة بدأت سيطرة التيار العقلاني على الساحة الثقافية، فراحت تترجم كتب الفلسفة من التراث اليوناني ونشطت حركة الفكر الفلسفي والاشتغال عقلياً على قضايا تفسير العقيدة وربطها بالعلم الوضعي، كما هو الحال عند ابن سينا والفارابي والكندي وإخوان الصفا، وغيرهم الكثير، حتى رحنا نجد مؤلفات فيما يسمى اليوم بعلم “الأنتروبولوجيا”.
وأضاف المحاضر: لولا الثقافة الإبداعية العقلانية لما كان هناك تطور في حياة الإنسان ولما وصلت المجتمعات إلى ما نحن فيه اليوم من علم على كافة المستويات، وبالتالي هي مع الفهم الجدلي والتاريخي للظواهر، أي أنها تؤمن بالحركة والتطور والتبدل، مثلما تؤمن بالعلاقة الجدلية بين الشكل والمضمون والجزء والكل والداخل والخارج.