بعد تمدّد الإرهاب.. حملة أوروبية ضد “منابر التطرّف”
بعد أن تسترت طويلاً على الإرهاب والفكر التكفيري، بدأت الدول الغربية تشن حملة على المنابر التي يعتقد أنها تروّج لخطابات الكراهية والتطرّف، وامتدت الحملة من فرنسا إلى النمسا على وقع آخر هجومين إرهابيين في البلدين، فيما يتوقّع أن تحذو دول أوروبية على هذا المنوال، حيث تُكثف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فيها عمليات المراقبة لمشتبه بتطرّفهم ولمساجد وجمعيات يشتبه في ترويجها للفكر التكفيري، وهي مرتبطة بجماعات إسلاموية أو بجمعيات خيرية لها صلة بنشر التشدد.
ويبدو أن فيينا، التي لم تشهد من قبل اعتداءات إرهابية وتعرف بالمدينة الوادعة، ستحذو حذو باريس، التي كانت دشنت حملة أمنية لمحاصرة بؤر الفكر التكفيري على أراضيها. وأمرت الحكومة النمساوية بإغلاق ما وصفتها بـ”المساجد المتطرفة” بعد أربعة أيام من الهجوم الذي نفذه أحد المتعاطفين مع تنظيم “داعش” في منطقة مزدحمة في العاصمة فيينا، حسبما ذكرت مصادر في وزارة الداخلية.
وبعد الهجوم، الذي أودى بحياة أربعة أشخاص في وسط العاصمة، أكد المستشار المحافظ سيباستيان كورتس عزمه على محاربة “الإسلام السياسي”، معتبرا أنه “عقيدة تشكل خطراً على النموذج الأوروبي للحياة”. وقامت الشرطة باعتقال 16 رجلاً بعضهم معروفين من قبل القضاء بسبب مخالفات طابعها إرهابي.
وقالت المتحدثة باسم النيابة نينا بوسيك الجمعة، إنه تم الإفراج عن ستة من هؤلاء المشتبه بهم بسبب تعذر صحة إثبات الشكوك المتعلقة بهم.
وأعلن قائد الشرطة في فيينا الجمعة أنه تم توقيف رئيس مكافحة الإرهاب في العاصمة عن العمل بعد أربعة أيام من الاعتداء الإرهابي وكشف وجود ثغرات في مراقبة منفذ الهجوم.
وقال غيرهارد بورستل للصحافيين إن المسؤول إيريك زويتلر “طلب مني أن أوقفه عن العمل لأنه لا يريد أن يكون عقبة في التحقيق”.
ويأتي قرار النمسا بإغلاق المنابر التي تقول إنها تروج لخطابات التطرف والكراهية قبل أيام قليلة من زيارة خاطفة يعتزم الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون القيام بها لفيينا لبحث خطر التكفيريين وتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب.
ويزور ماكرون العاصمة النمساوية الاثنين القادم حيث يلتقي المستشار سيباستيان كورتز للتباحث في مسألة مكافحة الإرهاب عقب الهجوم الذي تعرضت له فيينا وتبناه تنظيم “داعش”.
ودعا الرئيس الفرنسي الخميس إلى تشديد الرقابة على الحدود في منطقة شينغن بالاتحاد الأوروبي بعد هجمات شنها تكفيريون في الفترة الأخيرة في فرنسا والنمسا، وقال خلال زيارة لحدود فرنسا مع إسبانيا: إن فرنسا ستعزز السيطرة على الحدود بمضاعفة عدد أفراد الشرطة إلى 4800 فرد، مضيفا أن تعزيز السيطرة على الحدود يستهدف الهجرة غير الشرعية وسط “تهديد الإرهاب المتنامي”.
ويبدو أن هناك تنسيق في الإجراءات بين النمسا وفرنسا لمحاصرة ظاهرة التطرف على أراضيهما.
وتجمع كل المؤشرات وآراء خبراء في مكافحة التطرف أن أوروبا لاتزال معرضة لخطر الإرهاب، وأن هناك ثغرات قانونية وأمنية أتاحت لمتطرفين تنفيذ اعتداءات إرهابية.
وتجري حكومات أوروبية مراجعات تتعلّق بجماعات إرهابية وجدت لها ملاذاً في أوروبا، ومن ضمنها جماعة “الإخوان”، التي منحتها بريطانيا لعقود ملاذ آمن، لتكشف تحقيقات استخباراتية أنها أسست شبكات وخلايا ممتدة من ألمانيا إلى فرنسا تعمل على تفكيك النسيج المجتمعي الأوروبي وتنشر أفكاراً متطرفة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطات النمساوية التحقيقات لتفكيك لغز الاعتداء الإرهابي وما إذا كانت مجموعة متطرفة خططت له أو أنه تم على طريقة “الذئاب المنفردة”، تمضي فرنسا بدورها في إجراءات قضائية لتفكيك لغز ذبح الأستاذ صامويل باتي.
إلى ذلك، قالت الشرطة الألمانية الجمعة إنها تجري عمليات تفتيش في عدد من البلدات فيما يتعلق بأربعة أشخاص يُعتقد أنهم كانوا على صلة بمنفذ هجوم فيينا الذي أسقط أربعة قتلى عندما فتح النار على المارة والحانات في العاصمة النمساوية يوم الاثنين.