مؤتمر “الأرشفة الإلكترونية في المؤسسات الحكومية والخاصة” يختتم أعماله
واصل مؤتمر الأرشفة الإلكترونية المقام في مكتبة الأسد فعالياته لليوم الثاني، حيث كانت إدارة المخاطر وعمليات التدقيق المحاور الأساسية التي تضمّنتها الجلسة الأولى التي أدارها د. قصي عجيب. والبداية كانت مع محاضرة حول “إدارة المخاطر في عمليات بناء وحفظ الأرشيفات وفق معايير ISO31000” قدّمها الباحث عزت طيارة الذي رأى أن سلامة الأرشفة الورقية والإلكترونية وفعاليتها ترتكز في مضمونها على فنّ إدارة المخاطر، في ضوء ما شهده هذا القطاع من انفتاح غير مسبوق والتطور السريع للتقدم التكنولوجي، ومن هنا تأتي أهمية إدارة المخاطر في بناء وحفظ الأرشيف، وذلك من أجل المحافظة على قوة وسلامة الأرشفة ورفع كفاءة إدارة العمليات وقياس وتوجيه ومراقبة مخاطر القطاعات المختلفة ليس بهدف المساهمة في تقليل الخطر، بل يمتد دوره إلى المساهمة في اتخاذ القرارات المتوافقة مع سياسات المؤسّسات واستراتيجياتها.
وأضاف طيارة: الخطر في المواصفة عبارة عن نقص في المعلومات مما يؤدي إلى حدوث نتائج إما سلبية كالتهديدات أو إيجابية وتتمثل بالفرص، ويمكن القول: إن الفرص والتهديدات وجهان لعملة واحدة، فيكون التخطيط على ثلاثة مستويات، تخطيط استراتيجي وهو من اختصاص الإدارة العليا، تخطيط تكتيكي وهو للإدارة الوسطى، والتخطيط التشغيلي للإدارة التنفيذية. وتتكوّن عناصر عملية إدارة المخاطر في عمليات بناء وحفظ الأرشيف من ستة عناصر لابد من الحفاظ على تسلسلها بدقة، لأن تجاوز أي من هذه الخطوات يعتبر مخاطرة بحدّ ذاتها، فتحديد وتصنيف المخاطر على أي مستوى وما هو نوعها، تحليل المخاطر من خلال بيان أسبابه ونتائجه، بناء المنهجية والخطة والتي تقوم على منهجية الخبير حسان الحموي، وهي الانتقال من مجرد الأداء إلى جودة الأداء في التعامل مع مخاطر بناء وحفظ الأرشيف، ثم التطبيق العملي، قياس ومراقبة الأداء، وأخيراً التحسين المستمر.
وعن مواصفة ISO31000 فنّد طيارة البنود التي تتكوّن منها، فالأول: هو مجال التطبيق حيث يمكن استخدامها من قبل أي مؤسّسة عامة أو خاصة أو مجتمعية، الثاني: المصادر المرجعية ويعتبر من أهم المراجع المعتمدة في المواصفة رقم ISO31000 من عام 2009، أما البند الثالث فهو المصطلحات والتعاريف مثل تعريف مصطلح الخطر على أنه تأثير عدم التحقّق على الأهداف، والبند الرابع يتحدث عن المبادئ التي يجب أن تكون متكاملة، ممنهجة وفق إطار زمني، ومتوافقة، وتتسم بالشفافية، بينما البند الخامس يأتي في إطار عمل إدارة المخاطر، حيث يتمّ وضعه وفقاً للدمج والتكامل، والتصميم والتطبيق، أما البند السادس فهو عملية إدارة المخاطر التي تحتوي على إنشاء المجال والسياق والمعايير، إجراء تقييم المخاطر ومعالجتها، التوثيق وتقديم التقارير، الاتصالات والاستشارات، مراقبة ومراجعة خطة المخاطر.
جدوى التدقيق
التدقيق هو عملية منهجية ومستقلة وموثقة للحصول على دليل التدقيق وتقييمه بشكل موضوعي لتحديد إلى أي مدى تمّ استيفاء معيار التدقيق، هذا ما تناولته ميسون سكاف في محاضرتها “عمليات التدقيق والمراجعة لنظم إدارة الوثائق وفق المواصفة الدولية ISO19011 ” حيث تحدثت عن أنواع التدقيق، وهي: التدقيق الداخلي وتقوم به المؤسسة من خلال التدقيق على ذاتها من قبل قسم الجودة، والتدقيق الخارجي الذي تمارسه الجهة صاحبة الصلاحية في التدقيق على المؤسسة مثل الجهات الحكومية المشرفة، وتدقيق جهة مستقلة ومحايدة تماماً بهدف منح شهادة الاعتماد الدولية. وتتمّ إدارة عملية التدقيق وفق منهج العملية من خلال المدخلات التي تتضمن الأهداف والمسؤوليات والمصدر واختيار فريق التدقيق، ومن خلال المعالجة، وفيها يكون الاجتماع الافتتاحي والمراقبة والمراجعة وتحديد الاحتياجات والأفعال التصحيحية وتحديد فرص التحسين ثم الاجتماع الختامي، أخيراً المخرجات والتي تتضمن تقرير التدقيق المدمج والذي يحدّد فرص التحسين وحالات عدم المطابقة مع الأدلة التي تدعم مبدأ اتخاذ القرارات المبنيّة على الحقائق.
وعن جدوى عملية التدقيق قالت سكاف: يجب الأخذ بعين الاعتبار توفر عوامل مثل المعلومات الكافية والملائمة، التعاون الملائم من قبل الأشخاص المدقق عليهم، الوقت والمصادر الكافية، أما خطة التدقيق فيجب أن تشمل الأهداف ثم معيار التدقيق أو أي وثائق مرجعية، ومجال التدقيق متضمناً التعريف بالوحدات التنظيمية والعمليات التي ينبغي تدقيقها، التواريخ والمواقع التي ستنفّذ فيها الأنشطة، الوقت المتوقع والفترة الزمنية اللازمة، أدوار ومسؤوليات عناصر فريق التدقيق والأشخاص المرافقين.
نماذج الأرشفة
أدارت الجلسة الأخيرة من المؤتمر د. لمى قدورة، وفيها قدم د. باسم قصيبة محاضرة بعنوان “نماذج لبرامج الأرشفة الإلكترونية في المؤسسات”، متحدثاً فيها عن نظم إدارة الوثائق التي تسمح باستخدام التكنولوجيا لإدارة المستندات الإلكترونية والصورة الإلكترونية للوثائق الرقمية من خلال إنشاء وتخزين واسترداد الوثائق، وكذلك توفر المال المخصّص لشراء أماكن لتخزين الوثائق الورقية، مبيناً أن لهذه النظم عدة وظائف، هي: إنشاء المستند داخل النظام وتصنيفه باستخدام حقول البيانات الوصفية، وكذلك البحث عن مستند بين المستندات المخزنة وعرض محتويات المستند وتحريره وقفله ومشاركته مع المستخدمين وضبط الوصول إليه. وقام بدراسة حالة سريعة وهي نظام مصرف التسليف الطلابي، ثم تحدث عن نظام “تراسل” لأرشفة وثائق المؤسّسات وهو نظام قيد الإنشاء والتطوير والفكرة الرئيسية له تعتمد على أن الوثائق تنتج من أعمال المؤسسة وهو مبنيّ على ثلاث خطوات رئيسية هي سير العمل وأرشفة الوثائق وأمن المعلومات، مشيراً إلى أن لـتراسل خدمات متعددة منها أتمتة ورقمنة إجراءات المؤسسة وتشكيل نظام إلكتروني لتسيير أعمال المؤسسة وفروعها البعيدة جغرافياً وإدارة فرق العمل، وفوائدها تظهر في تقليل التكلفة والمعالجة الأسرع والعمل عن بعد من خارج المؤسسة، كما تحدث عن طريقة عمل تراسل ووظائفه والبنية التشكيلية له.
ممانعة الرشوة
وتحدث عزت طيارة عن “أهمية تطبيق نظام النزاهة وممانعة الرشوة ISO/37001 في الأرشفة الإلكترونية”، مبيناً أنه يوجد مدارس عدة لتحقيق الحوكمة، لكن هناك جانباً يتمّ إغفاله وهو تطبيق المعايير التي هي أدلة إرشادية تمكّن من تلبية متطلبات الحوكمة ومن بينها المعيار ISO/37001 الذي هو مواصفة دولية صادرة في 2016 عن المنظمة الدولية للمعايير أيزو، وهذه المواصفة تبيّن متطلبات تأسيس نظام إداري لحماية المؤسسات بغض النظر عن نوعها أو حجمها أو مجالها من الانخراط في أي نوع من الفساد، ومن ثم تطبيقه وتطويره باستمرار ويمكن أن يطبق هذا النظام الإداري بمفرده أو بشكل متكامل مع الأنظمة الإدارية المطبقة مسبقاً أو التي سيتمّ تطبيقها، ويهتم بممانعة قيام المؤسسة أو أحد أفرادها أو الجهات التي لها علاقة عمل بدفع الرشوة بمختلف أشكالها باسم المؤسسة، وهو يتطلّب تأسيس سياسة ووضع دليل عمل وإجراءات وتقييم المخاطر والتحري اللازم ووضع الضوابط والمراجعة والتحسين، لافتاً إلى أن فوائد تطبيق هذه المواصفة الدولية هي ضمان تلبية المؤسسة للحدّ الأدنى على الأقل من متطلبات تعزيز النزاهة، والتأكيد للإدارة والمستثمرين والموظفين والمساهمين والجهات المعنية أن المؤسسة تتخذ خطوات معقولة لممانعة الرشوة وتوفير الدليل المادي على ذلك.
في ختام المؤتمر أُقرّت مجموعة توصيات هي: “تعزيز ثقافة تنظيم الوثائق في كافة المؤسسات، واعتماد معايير دولية في إدارة الوثائق والسجلات، وتبني مشاريع الأرشفة الإلكترونية في كافة المؤسسات، مع ضرورة إصدار التشريعات التي تسهل ذلك، ودعوة المؤسسات التعليمية الأكاديمية لتبني برامج تدريس علم الوثائق والأرشفة الإلكترونية لأهميتها ودورها في تأمين فرص العمل”. كما تمّ تكريم المحاضرين ومستشاري صنّاع الجودة.
لوردا فوزي- عُلا أحمد