المعالجة تبدأ من من هنا..!
حسن النابلسي
موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تضرب السوق المحلية، والسبب طبعاً سعر الصرف، فالكل يرفع مع أي تذبذب للأخير باتجاه الصعود، ولا يخفض في حال الهبوط، وكأن الوصول إلى أي سقف لسعر أية مادة يصبح بالنهاية حق مكتسب للتاجر، ولا يجوز التنازل عنه..!.
في ظل هذه الموجة، نعود ونذكّر المعنيين بضيط سعر الصرف – وهم بلا شكل على دراية بذلك – بأن ثمة علاقة وثيقة بين تذبذب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، وعديد العوامل والأدوات التي تلعب دوراً سلبياً في هذا الاتجاه، فانتعاش السوق السوداء مؤخراً له أسبابه المرتبطة باستمرار التهريب، وازدياد نشاط المضاربين، يضاف إليهما بطء دوران العجلة الإنتاجية وبالتالي عدم ارتفاع وتيرة التصدير الذي يعد من أبرز القنوات الموردة للقطع الأجنبي..!.
هذه العوامل الثلاثة التي تلعب بالدرجة الأولى دوراً أساسياً بتذبذب سعر الصرف، وقد سبق وأن أشرنا إلى هذا الأمر بالتفصيل في أكثر من مناسبة، ليبقى السؤال الجوهري..ماذا عن المعالجة..؟.
ما سبق يؤكد عدم وأد المضاربين وأدواتهم الذين لا ينكفئون عن انتهاز الفرص الكفيلة بتعزيز نشاطهم المشبوه بين الحين والآخر، وعدم انكفاء المتاجر والمولات عن استجرار المهربات، إضافة إلى التعثر الواضح بالبنية الإنتاجية، وبالتالي فإن المعالجة تبدأ من هنا…
وتقتضي هذه المعالجة من وجهة نظرنا المتواضعة المزيد من الحزم على أروقة سوق القطع وملاحقة رموزها من المضاربين، فهم المحرك الأساسي لأي تذبذب مشبوه ينتاب سعر الصرف..!.
وضمن سياق الحديث عن المعالجة، فإننا نستهجن حقيقة عدم استمرار الجهات المعنية بالحد من التهريب إلى درجة كانت ملحوظة منذ أشهر قليلة، وكان لهذا الأمر انعكاسات إيجابية على سعر الصرف والحد من استنزاف القطع لأجنبي من السوق المحلية، ليعاود رواد التهريب نشاطهم حالياً، ما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها..!.
أما فيما يتعلق بالإنتاج، فإن هذا الأمر الإستراتيجي يستدعي اتخاذ إجراءات استثنائية، ولاسيما لجهة ضخ ما تذخر به المصارف من كتل مالية هائلة جاهزة للإقراض، وتخفيف حدة شروط وتحوط التمويل المفروضة على المصارف إثر المخاوف التي لا تزال تعتري الأخيرة نتيجة ملف القروض المتعثرة..!.
إن الحفاظ على استقرار سعر الصرف يستدعي اضطلاع كل الجهات المعنية به بمهامها ومسؤولياتها، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال التهاون في هذا الأمر، نظراً لسرعة انعكاساتها على التضخم والقوة الشرائية، خاصة وأن السوق المحلية وصلت إلى مرحلة بات الجميع يقوّم بضاعته على سعر الصرف بغض النظر إن كانت هذه البضاعة مستوردة أم منتجة محلياً مئة بالمائة…!.
hasanla@yahoo.com