برعاية روسية.. أرمينيا وأذربيجان تتفقان على “وقف إطلاق نار شامل” في قره باغ
بعد أسابيع من المعارك الدامية، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إعلاناً مشتركاً حول وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ، المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا.
وقال الرئيس الروسي في كلمة له: إن وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من منتصف الليل بتوقيت موسكو، موضحاً أن الإعلان ينص على توقف القوات الأرمنية والأذرية عند مواقعها الحالية وانتشار قوات حفظ السلام الروسية، وأشار إلى أن الاتفاق يتضمن أيضا رفع القيود عن حركة النقل والعبور وتبادل الأسرى بين طرفي النزاع وعودة النازحين برعاية المفوض الأممي لشؤون اللاجئين، وأضاف: إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين موسكو وباكو ويريفان سيسمح بتسوية النزاع على أساس عادل وبما يخدم مصالح الشعبين الأذري والأرمني كما سيوفر الظروف الضرورية لتسوية شاملة ومستدامة للنزاع.
بدوره أعرب علييف عن ارتياحه لوضع النقطة الأخيرة في تسوية النزاع، مشيراً إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يصب في مصلحة باكو ويريفان/ ووصف الإعلان المشترك بـ “التاريخي”.
من جانبه قال باشينيان: إنه اتخذ هذا القرار بناء على تحليل عميق للوضع العسكري، مشدداً على أن هذا القرار مبني على قناعة بأن هذا هو الحل الممكن للوضع الذي تشكّل حتى الآن.
متظاهرون اقتحموا مقر الحكومة الأرمينية في العاصمة يريفان بعد توقيع الاتفاق، مطالبين رئيس الوزراء بتقديم استقالته، كما أطلقوا عبارات استهجان ضده، وهو ما دفع رئيس الوزراء الأرميني إلى الخروج في بث مباشر عبر صفحته بموقع “فيسبوك”، قال فيه: “لم تكن ثمة طريقة أخرى سوى التوقيع على اتفاق وقف إنهاء الحرب في كاراباخ”. وأضاف: “سيتم تقديم جميع مرتكبي جرائم اليوم إلى العدالة”، وأردف: “كل أولئك الذين يعيثون فساداً في الوقت الراهن، يطعنون جنودنا في الخنادق من الخلف. هناك ناشط سياسي واحد يطالب باستقالتي.. هناك أيضا أشخاص نياتهم عادلة وصادقة. إنهم أقارب الجنود القتلى، وأنا أنحني لهم”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية، الثلاثاء، عن استعداد قواتها المسلحة للالتزام ببنود الاتفاق الثلاثي (أرمينيا، روسيا، أذربيجان) بشأن إنهاء الحرب في كاراباخ.
وكان الرئيس الروسي أكد في الرابع من الشهر الجاري أن روسيا تبذل كل ما بوسعها لإنهاء نزاع قره باغ بأسرع وقت ممكن، وقال خلال اجتماع مع ممثلي الجمعيات الدينية الروسية.. “الوضع في قره باغ كان يمكن حله سلميا دون اللجوء إلى السلاح.. وروسيا على اتصال مع أرمينيا وأذربيجان بشأن قره باغ وتأمل التوصل إلى نتائج تناسب الجميع”.
إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية إرسال قوات روسية لحفظ السلام إلى الإقليم بعد توقيع الاتفاق، وقالت في بيان: “إن الوحدة الروسية لحفظ السلام تضم 1960 جندياً و90 ناقلة جنود مدرعة و380 قطعة من المعدات”، وأشارت في بيانها إلى أن الجنود تحرّكوا إلى ناغورني قره باغ الآن عبر طائرة “إيل 76” من مطار أوليانوفسك كما تحرّكت المعدات والآليات العسكرية إلى الإقليم، وأضافت: إن القوات ستنشر نقاط مراقبة على امتداد خط التماس في كاراباخ، والممرّ الواصل بين أراضي أرمينيا والإقليم، ولفتت إلى أن الانتشار سيتم بموازاة انسحاب القوات المسلّحة الأرمينية من المنطقة.
وأسفر النزاع في الإقليم عن مقتل ما لا يقلّ عن 1300 شخص منذ 27 أيلول، وفقاً لإحصائيات جزئية نشرها الطرفان، علماً بأنّ أذربيجان لم تعلن عن خسائرها العسكرية، ما يعني أنّ الحصيلة الفعلية لعدد القتلى في كلا المعسكرين يمكن أن تكون بالآلاف.
وأتى توقيع الاتفاق بعيد ساعات من تقديم باكو اعتذاراً رسمياً لموسكو على إسقاطها عن طريق الخطأ مروحية عسكرية روسية كانت تحلق فوق أرمينيا قرب الحدود الأذربيجانية، في حادث أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقم المروحية، وهي من طراز مي-24، وإصابة ثالث بجروح متوسطة الخطورة.
وفشلت محاولات عديدة سابقة لوقف إطلاق النار برعاية موسكو وباريس وواشنطن، التي تتشارك رئاسة مجموعة مينسك المكلفة منذ العام 1994 بإيجاد حلّ للنزاع.
وتكثّفت الجهود الدبلوماسية في نهاية الأسبوع مع اشتداد المعارك قرب شوشة، التي يسمّيها الأرمن شوشي.