فوضى التقنين الكهربائي تتسبب بأزمة مياه في ريف حماة..!.
جاء خريف هذا العام “بخيلاً” على سكان ريف حماة لجهة التيار الكهربائي، والبحبوحة التي كانت تقدّمها المنظومة كل سنة على “بركة” انخفاض الحرارة، التي لم “تنثرها” التوترات العالية ولا المتوسطة على البيوت، بل على العكس كان التقنين قاسياً جداً، 4 ساعات قطع مقابل 2 وصل يتخلّلها الرفّات التي أنهت “حياة” معظم الأدوات الكهربائية وأرخت بثقل تكاليفها على جيوب الريفيين الذين يقتات معظمهم على خيرات الأرض.
شكوى وأسى!
على غير العادة لم يكن لانخفاض درجات الحرارة أي تأثير إيجابي على روزنامة الكهرباء في حماة، فما تراه هو ظلام دامس يغطي الريف من الساعة السادسة مساءً حتى العاشرة ليلاً، وما إن تُنار المنازل حتى يغطّ سكانها في نوم عميق باعتبارهم مزارعين ينهكهم العمل في الحقول ليستيقظوا في اليوم التالي على انقطاع التيار الكهربائي مجدداً ولأربع ساعات متواصلة.
“البعث” التقت بعض الأهالي ممن أبدوا امتعاضهم من الوضع الكهربائي، فهو بحسب شكواهم –وكما رأينا- سيئ جداً، إذ قالوا: ساعات الوصل عبارة عن ساعتين لا يمكن خلالهما عمل أي شيء حتى لا تكفيان لملء خزانات المياه وتنظيف المنزل، ومن لديه “وجبة” غسيل يضطر للسهر طوال الليل -الفترة التي لا يقطع فيها التيار- خوفاً من الرفّات وتعطّل الغسالة. واستغرب البعض من غاية شركة الكهرباء في وصل التيار طيلة الليل وقطعه في النهار، إذ بالإمكان -على حدّ قولهم- تقسيم اليوم بطوله بشكل عادل وعندها يكون التقنين أقلّ وطأة، أما هذا البرنامج فهو غير منصف بالنسبة لشريحة بسيطة تطلب الراحة أمام شاشة التلفاز بعد عناء يوم طويل، إضافة لمعضلة قطع الكهرباء عند وصل المياه وهي عبء آخر وثقيل على كاهلهم وحتى الآن لم يعالج، وذهب بعض من التقيناهم إلى أبعد من ذلك، حيث قالوا إن مدير شركة كهرباء حماة المهندس محمد رعيدي “يعاقب” أهالي عين الكروم، بعد ما أثير حوله مؤخراً على صفحات التواصل الاجتماعي التي اتهمته بالتقصير وعدم العدالة في التقنين لمصلحة منطقة سلحب التي أُطلق عليها مؤخراً مدينة النور، فالتيار الكهربائي –بحسب الأهالي- لا يقطع ولا يرفّ!!.
فوضى تقنين؟
قد يكون وصل الكهرباء ليلاً في حماة يعود حكماً لقلّة الاستجرار، لكن من غير المنطقي وصلها والناس نيام، حاجة التيار تكون في النهار وبإمكان شركة كهرباء حماة وضع برنامج جديد للتقنين عادل ومرضٍ. أما مشكلة قطع ووصل الكهرباء والمياه بشكل عكسي فهو موضوع آخر ومتعب للمواطن، فمن غير الممكن أن يخرج تصريح من وزارة الكهرباء ممثلاً بمدير شركة كهرباء حماة يشرح فيه صعوبة تزامن قدوم الكهرباء والمياه مع بعضهما لساعتين، عازياً ذلك للشبكة المائية التي لا تتناسب مع نظيرتها الكهرباء، وبالتالي الوزارة عاجزة عن التنسيق مع وزارة الموارد المائية بهذا الشأن!!.
وبالعودة للتصريح الرسمي أكد رعيدي في تصريحه لـ”البعث” أن المشكلة تتمحور حول اختلاف توزيع خطوط التوتر ومساراتها عن شبكة مياه الشرب ومحطات ضخها، ومن الصعب بمكان إيجاد برنامج كهربائي يتوافق مع نظيره المياه، وإن كان هناك تنسيق فهو على نطاق ضيّق، مشيراً إلى أن برنامج التقنين يوضع بحسب الكميات المخصّصة من الطاقة الكهربائية للمحافظة والتي تختلف حسب كميات الكهرباء المنتجة ويتمّ توزيعها على المدن والمناطق وخطوط التوتر بالتساوي وبشكل عادل، ريفاً ومدينة على حدّ سواء، وتتمّ متابعة تطبيق برنامج التقنين بشكل يومي من قبل المدير العام ومدير التشغيل ورئيس مركز التحكّم في الشركة، في وقت يتمّ وضع الحمايات الترددية من قبل المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء على مخارج خطوط التوتر في محطات التحويل للمحافظة على الشبكة الكهربائية من الانهيار في حال حدوث أي اهتزاز نتيجة خروج إحدى مجموعات التوليد عن الخدمة أو أي عطل طارئ على أحد الخطوط، مؤكداً عدم تزويد المناطق والقرى المحرّرة التي لم يعد سكانها إليها بالطاقة لعدم وجود مشتركين، وبالتالي لا يتمّ احتسابها عند توزيع كميات الطاقة الكهربائية المخصّصة للمحافظة.
(وهنا يحق لنا أن نسأل كإعلام: أين تذهب حصة هذه المناطق من الكهرباء؟!).
حركة المستودعات
رصيد أي مادة في المستودعات يكون متغيراً باستمرار صعوداً وهبوطاً، فتارة يكون هذا الرصيد جيداً وتارة أخرى يكون قليلاً أو شبه معدوم. يقول رعيدي: يتمّ استجرار كافة المواد من مستودعات المؤسّسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء أو من الأسواق المحلية للمواد التي تمّ تفويضنا بشرائها عبر لجان المشتريات أو عن طريق العقود والمناقصات، ونقص أغلب المواد الحاصل اليوم هو نتيجة الحصار المفروض والتأخر في توريد بعض العقود الخارجية التي تمّ الاتفاق عليها. وبين رعيدي أن هناك مناطق وقرى تمّ إعادة تأهيل شبكاتها وتزويدها بالتيار الكهربائي، سواء في ريف حماة الشرقي أو الجنوبي، ومدينة صوران وريفها وريف محردة وريف السلمية حسب المواد والاعتمادات المخصّصة من قبل لجنة إعادة الإعمار وبالتنسيق مع اللجان المختصة في المحافظة، في وقت يتمّ تزويد النقاط العسكرية في الخطوط المتقدمة ومواقع تمركز القوات بالتيار الكهربائي دعماً للجيش العربي السوري في مواجهة الإرهابيين ومنع تسلّلهم إلى الأماكن الآمنة. أما ما يتعلق بشائعات تزويد منطقة بعينها بالتيار الكهربائي على حساب مناطق أخرى، فقال رعيدي: هذا الأمر ليس له أي أساس من الصحة، وغير وارد العمل به من موقع المسؤولية، ما جرى أن سكان منطقة عين الكروم في فترة من الفترات طالبوا بإعفاء خط التوتر المغذي للمنطقة وريفها من التقنين أسوة ببلدة سلحب التي كانت معفاة من التقنين لأسباب معينة، والتي يطبق عليها اليوم برنامج تقنين نظامي كما يطبق على منطقة عين الكروم وشطحة، برنامج تقنين وصل تيار من /10-12/ صباحاً ومن /4- 6/ مساءً، ومن الساعة /10 حتى الساعة 6 صباحاً/ وربما تغيّر هذا الوضع بزيادة أو نقصان حسب الكميات المخصّصة للمحافظة والتي تصل إلى حدود 230 إلى 250 ميغا أو حسب الوضع الأمني الذي تقدّره اللجان المختصة في حماة.
واضحة ومكررة!
مشكلة حماة وريفها واضحة ومكررة كثيراً وقد تكون مماثلة لمحافظات أخرى، لكن عندما نتمكّن من تسليط الضوء على الهفوات والتقصير يتوجب الاستدراك، وتبقى الرغبة بتغيير برنامج التقنين بشكل يناسب يوميات الفلاح “المعتر” والتنسيق مع وزارة الموارد المائية فيما يخصّ وصل المياه، إذ ليس من المعقول أن تقف الوزارتان الأكثر قرباً من الشارع عاجزتين عن وضع برنامج موحد. إذن ماذا سنأمل كمواطنين منهما عند مواجهة مشكلة حقيقية؟!.
نجوى عيدة