شعراء تحت الطلب
محمد غالب حسين:
من خلال متابعتي للشأن الثقافي خاصة في مجال الأنشطة الثقافية ولا سيما المهرجانات الأدبية والثقافية التي تتبناها وتموّلها وزارة الثقافة؛ لاحظت أن الوزارة تفرض على مديرياتها أسماء بعينها، تتكرر في كل مهرجان ومناسبة ثقافية، ففي مجال الشعر هناك أسماء لاترقى لاعتلاء المنابر عندما تُقدّم إحداهن مسبوقة بلقب الشاعرة، فيعريها المنبر لأنها أميّة بكل معنى الكلمة تقدم كلمات وجملاً ممجوجة ركيكة مرتبكة خجولة سرقتها من صفحات الشبكة العنكبوتية، أو تقلّد قصيدة معروفة لشاعر متميز بتبديل كلمة في كل بيت. ومنهم من يلقي قصائد من الشعر الشعبي النبطي المسروق وغير المفهوم، وآخر يتفاخر بقصيدة على وزن بحر الهايكو للفراهيدي الياباني، وأخرى تأتي بلفظة من القمر وحرف من الموج وجملة من المطر، لتعلن شوقها الذي لا ينتهي لمن تحب بعنوان: شعر التفعيلة، الشعر الحر، شعر الومضة، شعر اللاشعر. وللطرافة، أذكر واحدة قدموها باسم شاعرة في مهرجان الجولان الشعري بمحافظة القنيطرة، فكانت مساهمتها بيتاً واحداً يقول: إلى الثّغر يسعى من يغصّ بقبلة / إلى أين يسعى من يغص بالثّغر.
وعندما قيل لها هذا تقليد قبيح واستنساخ منفر لبيت عظيم يقول:
إلى الماء يسعى من يغص بلقمة / إلى أين يسعى من يغص بماء
ضحكت قائلة: كل ما في الأمر توارد أفكار.
لا مجاملة في الإبداع. فالشعر ديوان العرب، وستبقى الكلمة الرشيقة الجميلة الأنيقة المقفاة المموسقة تأسرنا أبداً، لكن من خلق ليزحف لا يطير مهما صنعنا له أجنحة مزيفة ولو كانت من ذهب، فلنحترم لقب شاعر، ولا نحاول منحه زوراً وبهتاناً لمن لا يستحقه، فالإبداع الشعري كلمات هائمة، ومعان زاخرة؛ تمنح المتلقي دفقات من الدهشة والإشراقات والتجليات الروحية.