مهرجانات التسوق الشعبية روتين محكوم بالغلاء!
اختتم مهرجان التسوق الشهري “صنع في سورية” دورته الـ 106 في محافظة طرطوس، والذي أقامته غرفة صناعة دمشق وريفها في الصالة الرياضية، بمشاركة ١٠٠ شركة صناعية، ورغم أن هذه المهرجانات خلقت أنماطاً جديدة من الاستهلاك تزامنت مع ارتفاع تكاليف المعيشة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها فئة واسعة من المواطنين، معظمهم من محدودي الدخل والموظفين، إلا أن الحالة الاقتصادية العامة، وارتفاع أسعار السلع جعلت من هذه الفعاليات الاقتصادية حالة مكررة وتقليدية، فالمواد المقدّمة لا تختلف كثيراً عن أسواق الجملة في المدينة، وانخفاض القدرة الشرائية عند المواطن جعل الإقبال على المهرجان متوسطاً إلى ضعيف نسبياً، وخاصة مع هطولات مطرية رافقت فترة المهرجان وأدّت لقلة الإقبال على معروضاته التي غلبت عليها السلع التموينية والاستهلاكية وبعض المنتجات المنزلية.. وغيرها من احتياجات الأسر المختلفة بحسومات وعروض محدودة تقدم بشكل متكرّر.
آراء متباينة
تباينت الآراء حول تلك المبادرة التسويقية التي يتمّ الإعداد لها بين فترة وأخرى من غرفة الصناعة، فبرأي رواد المهرجان بدت الأسعار مقبولة ومنطقية وفيها حسومات ملحوظة عن أسعار السوق، إذ أكد لنا طلال قلعه جي عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس اللجنة المنظمة للمهرجان أن المواطن السوري اعتاد على الحسومات التي يمنحها المهرجان حيث تتراوح بقطاع الألبسة من ٤٠ إلى ٥٠٪ وقطاع الأغذية من ١٥ إلى ٢٠٪ وقطاع المنظفات والمواد الكيميائية من ٢٥ إلى ٣٥٪ والقطاع الهندسي المتمثّل بالتجهيزات الكهربائية والمنزلية يقدّم حسومات كبيرة تتراوح من ٣٠ إلى ٤٠٪ إضافة إلى العروض التي تقدمها الشركات المشاركة، مشيراً إلى وجود شركات جديدة مشاركة في المهرجان، وأن الجهود التي تبذلها غرفة صناعة دمشق وريفها على مدار السنوات الست من خلال مهرجان التسوق “صنع في سورية” هي لتحقيق رسالته بأن يكون وسيلة تدخل إيجابي في الأسواق من خلال خفض الأسعار وتقديم البضائع من الصناعي إلى المستهلك مباشرة بالجودة العالية والسعر الأنسب للمستهلك.
لكن كان للبعض الآخر تحفظات من ناحية التخفيضات، فهي مع أنها موجودة لكنها دون المأمول أو المطلوب، وأنه في الكثير من الأحيان لا اختلاف يذكر مع أسعار المحلات التي تبيع المستهلك بسعر الجملة، فما الجدوى إذن من إقامتها وتحمّل تكاليف حجز الصالة ونقل المنتجات. غير أن بعض الزوار يرون أن هذه المهرجانات يمكن أن تكون مفيدة بالنسبة للعائلات التي تشتري بكميات كبيرة، وعندها ستلاحظ فرقاً واضحاً وتوفيراً بالأسعار، أما في حال اقتصر الشراء على حاجيات بسيطة فالفروق لا تُذكر. وكذلك تحدث بعض الزوار عن أهمية إقامة مثل تلك المهرجانات التي يجتمع فيها كل ما تحتاجه الأسر في صالة واحدة أو مكان واحد يشتري منه المرء احتياجاته على مبدأ “المولات” نفسه، وهذه أكثر فائدة من المهرجانات بحسب آراء تلك الشريحة، لكن المشكلة أيضاً هي بقدرة وإمكانية الشراء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة خاصة بالنسبة للعائلات محدودة الدخل.
نوافذ تسويقية
في المقابل بدا حرص بعض الصناعيين والمنتجين على المشاركة في مهرجانات التسوق فرصة لإثبات وجودهم وجودة بضائعهم وتسويقها والدفع بعجلة الاقتصاد باعتبارها نافذة تسويقية وترويجية لمنتجاتهم، كما أوضح بعض العارضين الذين تحدثنا إليهم في مهرجان تسوق طرطوس، إذ أكدوا تقديم أسعار منافسة لسعر السوق وتخفيضات تراوحت بين 20 إلى 30%، وكذلك كان الحديث عن حسومات وعروض مختلفة، كأن تشتري قطعتين من مادة معينة وتحصل على الثالثة مجاناً، وبالتالي تنشيط حركة البيع وزيادة إقبال الاستهلاك.
بدوره تحدث نبيل أيوب عضو غرفة الصناعة وصناعي مشارك في المهرجان منذ أول دورة تأسيسية ولغاية هذه الدورة المقامة في طرطوس مؤكداً أن المهرجان التسويقي فرصة للصناعي ليبرز في ساحة المنافسة، وخاصة مع الشائعات الكثيرة والتهم التي طالت الصناعيين السوريين والصناعة عموماً، وقال: إن تهماً كثيرة بأن الصناعة السورية اندثرت واضمحلت بفعل الحرب، وأن الصناعيين هاجروا، والحقيقة أن الصناعي السوري ما زال موجوداً، ويعمل بجدٍ ونشاط يداً بيد مع الجيش العربي السوري لإعادة سورية إلى حالة النشاط والقوة التي كانت عليها سابقاً، وبناء سورية الوطن، فالصناعة أساس التقدّم في أي بلد. وأضاف: إن جميع الصناعيين السوريين اليوم يقومون بتقديم الدعم للمواطن، ومن ناحية أخرى تعتبر هذه المهرجانات عملية تسويقية لمنتجاتهم، وفي كل مهرجان يتزايد الإقبال عن سابقه، ويكون التوافد منقطع النظير في محافظة طرطوس وهناك مطالبات بمهرجانات مستمرة لغرفة الصناعة.
محمد محمود