الجمعية العامة تتبنى مشروعاً حول التصويت الإلكتروني.. الجعفري: يخالف ولو بشكل مؤقت قواعد الإجراءات المعمول بها
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم مشروع القرار المقدم من ليشتنشتاين ومجموعة من الدول حول آلية التصويت الإلكتروني على قرارات الجمعية العامة في حال غياب القدرة على الحضور الشخصي بأغلبية 123 صوتاً مقابل رفض 19 دولة بينها سورية بينما امتنعت 29 دولة عن التصويت.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في بيان خلال اجتماع عقدته الجمعية للتصويت على المشروع إن وفد بلادي لم يؤيد مشروع القرار وكنا نتمنى من الدول الأعضاء التصويت معنا ضده لأن الآلية الجديدة تخالف ولو بشكل مؤقت قواعد الإجراءات المعمول بها في الجمعية العامة ولجانها وهي قواعد أمضينا عقوداً من الزمن في العمل عليها للوصول إلى شكلها الحالي بما يخدم مصالح الدول الأعضاء كافة على أساس توافقي.
وأوضح الجعفري أن المشروع الجديد سيخلق سابقة في عمل الأمم المتحدة وسيغير من شكل وقواعد هذه المنظمة وخاصة أنه يحرم الدول من امتياز الحضور الشخصي وممارسة حقها في التصويت ناهيك عن الغموض الذي يعتري جوانب هذا المشروع إذ أن مقدمه لم يحدد إطاراً زمانياً بصلاحية هذه الآلية كما أنه لم يذكر بشكل واضح معنى الظروف الاستثنائية التي قد تجعلنا نلجأ لهذه الآلية وكأن ما هو استثنائي سيصبح قاعدة للعمل.
وبين الجعفري أنه لا يمكن اعتبار مشروع الآلية الجديدة أمراً شكلياً فقط أو تعديلاً تقنياً لقواعد الإجراءات المعمول بها كما يسوق لها مقدمو المشروع بل على العكس تماماً حيث أنها تقوض من فاعلية وسلامة الإجراءات المتفق عليها وتخرق توافق الآراء تنفيذاً لمصالح وأجندات سياسية لا تخدم المصلحة الجماعية للدول الأعضاء كما أنها تفرض مجموعة من الحقوق المختلقة لعدد من الدول على حساب المجتمع الدولي.
ولفت الجعفري إلى أن الأساس الذي قامت عليه الأمم المتحدة هو المساواة بين الجميع حسب المادة الثانية من الميثاق وحق الدول في إبداء موقفها وتسجيل صوتها بالتساوي مع الآخرين ولكن اليوم يأتي البعض ويضع هذا الحق المقدس في يد “آلية إلكترونية” تظهر وتخفي أصوات الدول على مزاجها وتبعث مخاوف التلاعب وفقدان المصداقية والشفافية كما أن هذه الآلية تتطلب توافر تقنيات حديثة قد لا تتوافر لدى الكثير من البعثات والدليل على ذلك المشاكل التي تواجهنا في الاجتماعات غير الرسمية التي تعقد عبر تقنية الفيديو.
وأوضح الجعفري أن هذه الثغرات وغيرها الكثير دفع بعدد معتبر من الدول الأعضاء إلى عقد اجتماع مع رئيس الجمعية العامة كما تقدمت أعداد أكبر من هذه الدول برسالة مشتركة باسمها لطلب تأجيل التصويت على مشروع القرار ريثما يحظى بالمزيد من المشاورات والدراسات القانونية والإجرائية والتقنية بهدف الوصول إلى الآلية الأنسب لخدمة الدول جميعاً ولكن تلك الرسالة للأسف لم تلق نداءاتها أذاناً تصغي إلى مخاوفنا واعتباراتنا السيادية.
وقال الجعفري “لما أبدينا نحن مجموعة الدول ذاتها استعدادنا للانخراط في مناقشة مشروع القرار مع مقدميه وقدمنا مجموعة من التعديلات بالشكل الذي يخدم المصلحة العامة حصلنا بالمقابل من قبل مقدمي مشروع القرار على كرم زائد حاتمي جاء على شكل اجتماعين شكليين ضم مجموعة مصغرة من الدول دون إتاحة الفرصة أو إبداء الاستعداد لتقبل آراء الغير وجسر المواقف المتباينة.. وبغياب النية الحقيقية من قبل مقدمي المشروع لسد ثغراته انتقلنا اليوم إلى مرحلة التصويت”.
وأضاف الجعفري إن “ما يقلقنا هو ليس عدم انفتاح الطرف المقابل أو استعداده للانخراط في تعاون مشترك للوصول بالمشروع إلى المستوى الذي يواجه جائحة كوفيد 19 وغيرها من المصاعب ويضمن استمرار عمل منظمة الأمم المتحدة بل ما يقلقنا هو صفة الاستعجال التي نقلت هذا المشروع من مجرد مقترح للتداول إلى تصويت للتبني بسرعة خيالية غير مفهومة”.
وأكد الجعفري أن ما يجري مقلق للغاية إذ أن الخلافات حول الأمور الإجرائية أضحت قاعدة للعمل بدلاً من تدوير الزوايا وبناء التوافق بين الدول الأعضاء مشيراً إلى أن فرض الرأي من جانب مجموعة من الدول يشكل اتجاهاً يضعف العمل الدبلوماسي ويهمش قاعدة بناء التوافق في الآراء ويعظم التفرد في صنع القرار وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على المناقشات ذات الصلة بالمسائل الجوهرية.. إذا كنا نختلف حول ما هو إجرائي بهذه الحدة فكيف سنتعامل مع المسائل الجوهرية.