المشهد السياسي الأمريكي ينفتح على أكثر من سيناريو
ينفتح المشهد السياسي الأميركي على أكثر من سيناريو، قبل أشهر قليلة مما يفترض أن تكون مراسم تسليم السلطة للفائز في الانتخابات الرئاسية، ففي الوقت الذي شدد مسؤولون أميركيون على عدم وجود أدلة على حدوث أي عمليات تزوير لبطاقات الاقتراع أو نظام فرز الأصوات في الانتخابات الأميركية، اتّهم عضو ديمقراطي بارز في مجلس الشيوخ الجمهوريين الرافضين للاعتراف بفوز جو بايدن في الاقتراع بـ”تسميم الديمقراطية”.
وجاءت التأكيدات بعد ساعات على إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر تغريدات أصر فيها على أن نظام فرز الأصوات “حذف” 2.7 مليون صوت كانوا لصالحه على مستوى البلاد.
وعزز بايدن، الذي يتقدّم بفارق أكثر من خمسة ملايين صوت في التصويت الشعبي، انتصاره عبر فوزه في أريزونا، بحسب شبكات إعلامية أميركية، وهي أول مرّة يصوّت فيها غالبية سكان الولاية للديمقراطيين منذ العام 1996.
وبفوزه في أريزونا، يتقدّم بايدن على ترامب بحصوله على 290 (مقابل 217) من أصوات الهيئة الناخبة. ويحتاج الوصول إلى البيت الأبيض الفوز بـ270 صوتا في الهيئة الناخبة.
وبينما لا يزال على معظم النواب الجمهوريين يرفضون الإقرار بفوز بايدن، اتّهمهم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الخميس بـ”نكران الواقع”.
وقال “بدلا من العمل على إعادة توحيد البلاد لنتمكّن من مواجهة عدوّنا المشترك كوفيد-19، ينشر الجمهوريون في الكونغرس نظريات المؤامرة وينكرون الواقع ويسممون ديمقراطيتنا”، حسب تعبيره.
في الأثناء، رفض مسؤولون عن الانتخابات فدراليون وعلى مستوى الولايات في بيان حديث ترامب عن وجود عملية تزوير قائلين: إن “انتخابات الثالث من تشرين الثاني كانت الأكثر أمانا في التاريخ الأميركي”.
وصدر البيان عن “مجلس تنسيق البنية التحتية الحكومية للانتخابات”، وهي مجموعة منضوية في هيئة أمن الانتخابات الفدرالية الأساسية: “وكالة الأمن الإلكتروني وأمن البنى التحتية”. وأفاد البيان “لا يوجد أي دليل على أن نظام التصويت حذف أو أضاع أصواتاً أو بدّلها أو تم تقويضه بأي شكل من الأشكال”. وأضاف: “بينما ندرك أن هناك العديد من الادعاءات التي لا أساس لها والتضليل بشأن عمليتنا الانتخابية، يمكننا التأكيد بأننا نثق لأعلى درجة في أمن ونزاهة انتخاباتنا، وعليكم أن تكونوا كذلك أيضا”.
ووقّع البيان رؤساء “الرابطة الوطنية لمدراء انتخابات الولايات” و”الرابطة الوطنية لوزراء شؤون الولايات الخارجية” وهم المسؤولون الذين يديرون الانتخابات على مستوى الولايات إضافة إلى رئيس “اللجنة المساعدة في الانتخابات الأميركية”.
وجاء البيان بعد ساعات فقط على إعادة ترامب نشر تغريدة مفادها أنه تم تحويل مئات آلاف الأصوات التي أُدلي بها لصالحه في بنسيلفانيا وغيرها من الولايات إلى بايدن، إضافة إلى حديثه عن “حذف” النظام لـ 2.7 مليون صوت.
وكانت التغريدة ضمن سلسلة اتهامات صدرت عن ترامب والجمهوريين لرفض نتيجة الانتخابات.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة تويتر الخميس أنها وضعت علامات على 300 ألف تغريدة مرتبطة بالانتخابات الأميركية للإشارة إلى أنها تنطوي على “تضليل محتمل”، وهو عدد يعادل نسبة تصل إلى 0,2 في المئة من المنشورات المرتبطة بالاقتراع.
وأفاد الموقع أن العلامات وضعت بين 27 تشرين الأولوبر و11 تشرين الثاني. وذكر بالتالي أن مشاركة التغريدات التي حملت الإشارات تراجعت بنسبة 29 في المئة.
يذكر أن الموقع وضع علامات على نحو نصف تغريدات ترامب في الأيام التي تلت الانتخابات.
ووقف نواب جمهوريون على غرار زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى جانب ترامب في رفضه التسليم للهزيمة ودعما للدعاوى القانونية التي رفعها في المحاكم ضد النتيجة.
بدورها، طالبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الجمهوريين بوقف ما وصفته بـ”السيرك السخيف” والالتفات إلى مكافحة الوباء.
ويشير بعض الخبراء السياسيين إلى أن الجمهوريين يتبعون هذه الاستراتيجية ربما كوسيلة لتعزيز قاعدة ترامب الشعبية قبيل انتخابات تكميلية لمجلس الشيوخ في جورجيا من شأنها أن تحدد الحزب الذي سيهيمن على المجلس.
في الأثناء، حذّر 161 مسؤولا سابقا عن الأمن القومي، عمل بعضهم مع ترامب، من أن مواصلة الإدارة الحالية تأجيل اعترافها بفوز بايدن يشكل “خطرا جدّياً على الأمن القومي”.
وحضّت المجموعة، التي تشمل وزير الدفاع الأسبق تشاك هيغل، ومدير مجلس الأمن القومي الأسبق في عهد ترامب، جاويد علي، مسؤولة إدارة الخدمات العامة إميلي مورفي على الاعتراف ببايدن كالرئيس المنتخب.
وما لم تعترف إدارة الخدمات العامة بالرئيس المنتخب، فلا يمكن أن يحصل بايدن وفريقه على التمويل الذي يسمح بانتقال السلطة وغير ذلك من الموارد بما فيها الوصول إلى الإيجازات الاستخباراتية. لكن مورفي رفضت حتى الآن تغيير موقفها.