المخاوف تتصاعد في الداخل الأمريكي وتغييرات متسارعة في إدارة ترامب
سلسلة الإقالات، التي أقدم عليها ترامب مؤخراً، أثارت المخاوف من احتمال أن يكون ذلك جزءاً من محاولاته التمسك بالسلطة، فيما يرى كثيرون في الداخل الأمريكي أن الدافع وراء ذلك هو رغبة ترامب الشخصية في الانتقام وما يمثل المرحلة الأخيرة من الصراع الذي طبع بسماته مرحلة رئاسته.
وأقال ترامب الأربعاء مدير وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية المسؤول في الحكومة عن ضمان أمن الانتخابات كريس كريبس لنفيه حصول عمليات تزوير في الانتخابات التي خسرها أمام بايدن.
ويعتقد الكثيرون، بحسب تقرير لـ “بي. بي. سي”، أن إقالة مجموعة من كبار القادة المدنيين في البنتاغون ومن ضمنهم وزير الدفاع مارك أسبر مؤخراً ليست إلا البداية، ففي بعض الحالات قد يتعلق ذلك برغبة ترامب في متابعة العمل على أهداف سياسية محددة خلال أيامه الأخيرة وإبعاد أولئك الذين عارضوها، بينما يرى ساسة أمريكيون أنها ناتجة عن غضب مكبوت، حيث ظل مجتمع الأمن القومي الأمريكي في مرمى نيران ترامب، متهماً إياه بأنه الدولة العميقة التي تتآمر ضده.
وتدور الأحاديث الآن وفق التقرير حول أن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل باتت حالياً على خط النار رغم أنها حرصت منذ تعيينها على اتخاذ موقف متوازن إذ يقول مؤيدوها أنها لعبت بحذر بما يكفي في محاولتها البقاء إلى جانب ترامب كي تحمي الوكالة من التسييس وكانت تخشى من أنه إذا فصلت هي الأخرى فسيتم اختيار شخصية أكثر حزبية لتحل محلها.
وكان السيناتور الديمقراطي مارك وورنر عضو لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ حذر ترامب مؤخراً من سلسلة الإقالات، وقال: “إنني منزعج بشدة من إقالة وزير الدفاع مارك إسبر قبيل موعد تنصيب رئيس جديد وخلال تفشي جائحة عالمية.. يجب أن يكون تداول السلطة سلمياً ومباشراً وفقاً للمبادئ التي حركت جمهوريتنا منذ تأسيسها وآخر ما تحتاجه بلادنا هو اضطراب إضافي في المؤسسات المصممة لحماية أمننا القومي”، فيما نبه السيناتور الديمقراطي كريس مورفي عضو لجنة العلاقات الخارجية عبر تويتر من أن ترامب “يخلق بيئة أمن قومي غير مستقرة بشكل خطير خلال الفترة الانتقالية”، ووصف النائب الديمقراطي آدم سميث رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب إقالات ترامب بأنها “خطوة مزعزعة للاستقرار وستشجع فقط خصومنا وتعرض بلادنا لخطر أكبر”.
إلى ذلك يرى تقرير الـ “بي بي سي” أن الفصل الأكثر إثارة للجدل هو إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، إذ يعتقد أن ترامب غاضب من فشل السلطات الفيدرالية من إنفاذ القانون في التحقيق مع هانتر نجل جو بايدن حول علاقاته التجارية الخارجية، وأراد نوعاً من العودة إلى عام 2016 عندما تسببت التصريحات العلنية لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك جيمس كومي حول رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية في إلحاق الضرر بها قرب نهاية الحملة الانتخابية.
وتثار وفق التقرير مخاوف بشأن التعيينات الجديدة وبشأن من سيغادرون مناصبهم أيضاً، حيث منح نشطاء سياسيون مناصب رفيعة في البنتاغون وعين أحدهم وهو مايكل إليس مستشاراً عاماً لوكالة الأمن القومي رغم عدم موافقة رئيس الوكالة الجنرال بول ناكاسوني.
وأوضح التقرير أن هذا الأمر أثار مخاوف من أن فريق ترامب ربما يحاول زرع أشخاص من مؤيديه في نظام الأمن القومي ليتمكنوا من الاستمرار في لعب دور بعد الـ 20 من كانون الثاني المقبل عندما يتم تنصيب جو بايدن كرئيس للبلاد رسمياً وثمة خيار آخر هو أنه لمجرد رغبة ترامب في مكافأة الموالين والسماح لهم بإغناء سيرهم الذاتية مع توقعات بأنهم قريباً سينفذون سياسات أكثر إثارة للجدل أثناء وجودهم في تلك المناصب.
وعلى الرغم من أن الرئيس الجديد قد يكون قادراً على استبدال العديد من هؤلاء الأفراد واختيار فريقه الخاص إلا أنه لا تزال هناك مخاوف بشأن تداعيات التعيينات الأخيرة.
ولفت التقرير إلى أن الصعوبات التي تواجه عملية انتقال السلطة يمكن أن تشكل عواقب حقيقية على الأمن القومي الأمريكي وفق تقرير الـ “بي بي سي” مستشهداً بما خلصت إليه لجنة التحقيق في هجمات الـ 11 من أيلول إلى أن الفترة القصيرة لعملية تسليم السلطة من الرئيس بيل كلينتون إلى الرئيس جورج دبليو بوش التي حدثت جراء الخلاف على نتائج انتخابات عام 2000 المتنازع عليها ربما أسهمت في الفشل في وقف الهجمات المدمرة على نيويورك وواشنطن من خلال تصعيب الحصول على فريق جديد مستقر في كل مواقعه وآليات عمله ومطلع على آخر المستجدات في الوقت المناسب.
وحتى أن بعض مؤيدي ترامب عبروا عن مخاوفهم وفق وسائل إعلام دولية إذ قال مارك بوليمروبولوس الضابط الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية مؤخراً “لدي إحساس كبير بعدم الارتياح خلال الأيام القادمة” فيما قال نيك راسموسن الرئيس السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب “إن الفترة الانتقالية ما بين رحيل رئيس وتسلم رئيس جديد للسلطة هي فترة حرجة تحتاج إلى الهدوء والتعاون وإن الإقالات التي أقدم عليها ترامب تثير القلق لأن هناك مخاوف بشأن أسلوب صنع القرار للرئيس وما قد يفعله في الأيام المتبقية من فترة رئاسته”.
وتأتي إقالات وتعيينات ترامب الأخيرة على خلفية إصراره على رفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام بايدن ولجوئه إلى سلسلة من التصرفات التي تعرقل انتقال السلطة بشكل سلمي إلى الأخير حيث امتنع عن دعوته إلى المكتب البيضاوي ومنعه من الحصول على حزمة التمويل والخبرات والمرافق المخصصة لمساعدة الرئيس المنتخب على التحضير لتولي السلطة.
ويواصل ترامب وفريقه الانتخابي العمل على رفع دعاوى قضائية للطعن بنتيجة الانتخابات والادعاء بحدوث عمليات تزوير في فرز الأصوات في الوقت الذي كشف فيه محققون من مكتب المفتش العام لخدمة البريد الأمريكي أن موظف بريد في ولاية بنسلفانيا اعترف باختلاق اتهامات حول وجود مخالفات في التصويت عبر البريد في انتخابات 2020.