الشعر تصريح أم تلميح؟
في لقاء مع الشاعر اللبناني “عصام العبد الله “منذ عدة سنوات، أجاب عن سؤال ما هو الشعر بقوله: (هو المحذوف من الكلام) أي هو الكلام الذي لم يقله الشاعر في كلامه أو شعره ويتابع بأن الشعر (تلميح لا تصريح).
عموما ومن خلال الكثير من التعريفات التي وضعت لهذا الفن، إلا أنه ووفق رأي شخصي، من الصعب تعريف الشعر وقد يكون لكل شاعر تعريفه الخاص به للشعر، وما قاله الشاعر عصام العبد الله صحيح لكنه لا يشمل كل الشعر فبعض الشعر تلميح وبعضه تصريح وتلميح وبعضه أشياء أخرى.
يقول محمود درويش: “وأعشق عمري لأني إذا متُّ أخجل من دمع أمّي”.
ويقول نزار قباني الشاعر الأكثر جماهيرية: “وبدون أن أدري تركت له يدي لتنام كالعصفور بين يديه/ ونسيت حقدي كله في لحظة من قال إني قد حقدت عليه؟ / كم قلت إني غير عائدة له ورجعت ما أحلى الرجوع إليه”.
ويقول أبو تمّام: كم منزل في الأرض يألفه الفتى/ وحنينه ابدا لأول منزلِ/ نقل فؤادك حيث شئت من الهوى/ما الحب الا للحبيب الأولِ.
ويقول جرير: “إن العيون التي في طرفها حــور/ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا/يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به/وهن أضعف خلق الله أركانا”.
ويقول الشاعر الكبير سعيد عقل :”أُمِّي يا مَلاكي يا حُبِّي الباقي إلى الأَبَد/ وَلَم تَزَلْ يَداكِ أُرْجوحَتي وَلَمْ أَزَلْ وَلَدْ .
الأمثلة المدرجة أعلاه لا يمكن تصنيفها تلميحا ولا داعي للذهاب بعيدا لفهم المقصود منها، لأنها واضحة وصريحة وهي شعر لا بل هي عين الشعر.
قد يكون التلميح في الشعر شعرا وقد لا يكون أكثر من إبهام باهت لا يصل لقلب القارئ.
وليس كل تصريح شعرا فقد يكون هزيلا مفككاً مكرراً لا يمت للشعر سوى بالوزن والقافية.
الشعر هو الشعر، تصريحا كان أم تلميحا، قصيرا أم طويلا، فصيحا أم زجلا أم شعرا محكيا، ويبقى تعريف الشعر مستحيلا لكن ما يمكن قوله: هو أنه دوائر الدهشة والجمال التي يتركها وقع الكلام في بحيرة روح الإنسان.
إعداد: تمام علي بركات