إيران حجر الزاوية في مبادرة الحزام والطريق
هيفاء علي
في أيار 2018، قرر دونالد ترامب الانسحاب، من جانب واحد، من الاتفاق النووي الإيراني، ومن ثم قام بفرض عقوبات غير شرعية جديدة ضد إيران، على الرغم من معارضة الدول الأوروبية. كان ترامب يعتقد أن إيران ستبقى معزولة، لكن حساباته كانت خاطئة، إذ وقعت الصين وإيران صفقة “Lion-Dragon” التاريخية، والتي نصت على استعداد بكين لاستثمار 400 مليار دولار على مدى 25 عاماً، حيث توزعت كالتالي: 280 مليار دولار استثمارات في صناعات النفط والغاز، و120 مليار للنقل والتكنولوجيا.
كما نصت بنود الاتفاقية على أن تبيع إيران براميل النفط للدولة الصينية بسعر منخفض، وبذلك دخلت إيران إلى جانب الصين وروسيا في المعسكر المعارض لمعسكر الولايات المتحدة وحلفائه، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
ويبدو أن إيران ستكون حجر الزاوية في مشروع مبادرة الحزام والطريق، إلى جانب الدول الواقعة على طريق الحرير الجديد. وهنا من المهم ملاحظة أن إيران هي ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة للصين، وتمثل أيضاً أكثر من 60٪ من النفط الذي يذهب إلى السوق الآسيوية، الذي يمر عبر مضيق هرمز، لذلك من الواضح أن الصين ليس لديها مصلحة في ترك البلاد تواجه مصيرها لوحدها مع واشنطن.
التطوير الموعود للبنية التحتية للنقل مثل ميناء شاهبهار – المستثنى من العقوبات الأمريكية – أو القطار الذي سيربط مباشرة أورومتشي في شينجيانغ بطهران عبر دول آسيا الوسطى الأربعة (كازاخستان، قيرغيزستان، أوزبكستان وتركمانستان)، ستكون منطقية بالنسبة لإيران. وعلى نفس المنوال فإن الصين، القادرة الآن على إنتاج محطات للطاقة النووية، تعتزم أيضاً تزويد إيران بهذه التقنيات.
بالإضافة إلى ذلك، سيسمح هذا الاتفاق بنهج عسكري أقوى للدولتين. وبالفعل في كانون الأول 2019 أجرت إيران، وروسيا، والصين، لأول مرة، مناورات مشتركة في المحيط الهندي وخليج عمان من أجل “ضمان أمن التجارة الدولية”. كان وراء استعراض القوة هذا أن الصين تريد تأمين وجود عسكري في مناطق إستراتيجية رئيسية مثل مضيق ملقا ومضيق هرمز.
الصين الآن حاضرة في منطقة المحيط الهندي، وهي تخطط لبناء قاعدة عسكرية ثانية بجوار ميناء جوادر الباكستاني بعد جيبوتي. يعكس هذا الوجود العسكري رغبة الصين في تأكيد نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة.
بالإضافة إلى ما سبق، تقوم الصين حالياً بإقامة “جسر” افتراضي يستبعد الولايات المتحدة، حيث سيتم دفع ثمن النفط المصدر عن طريق تبادل السلع والخدمات والتقنيات، وفي بعض الأحيان عن طريق النقود الإلكترونية الصينية الجديدة “إي-يوان”. تسمح هذه العملة الرقمية الجديدة لإيران والصين بتجاوز أي عقوبات تفرضها الولايات المتحدة بسهولة، وتجنب أي ارتباط بسعر الدولار. بالإضافة إلى ذلك، ستسمح لبكين بالترويج لعملة أخرى غير الدولار، وبالتالي تصبح بديلاً حقيقياً للدولار الأمريكي.