الرئيس الذي كسر سياسة أمريكا الخارجية
ترجمة: هناء شروف
عن الاوبزرفر
صوّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه على أنه رئيس يركز على الأمريكيين، لكن ما حدث هو أن تأثيره في السياسة الخارجية كان أكبر من تأثير أي من أسلافه، خصوصاً في إحدى قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، ألا وهي الصراع العربي الإسرائيلي.
وتطول قائمة ما قام به ترامب في هذه القضية، ولكنه ركز بشكل عام على تقديم تنازلات للحكومة الإسرائيلية المتطرفة، والضغط على الدول العربية لإنهاء عزلة “إسرائيل”. واتخذ جانباً واضحاً في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الشرق الأوسط، إذ اعترف بوقت مبكر من ولايته بمدينة القدس عاصمة لـ “إسرائيل” ونقل السفارة الأمريكية إليها. كما ذهبت واشنطن إلى أبعد من ذلك بإصدار “رؤية للسلام” أو “صفقة القرن” منحت “إسرائيل” غالبية مطالبها من خلال الاعتراف بمساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية كجزء من الكيان الصهيوني.
لقد أضعف ترامب الفلسطينيين بشكل حقيقي وكبير جداً، حيث أوقف مئات الملايين من دولارات المساعدات الإنسانية التي كانت تذهب إلى أكثر الفلسطينيين احتياجاً. في الوقت نفسه، فرض عزلة على القيادات الفلسطينية، على سبيل المثال أغلق المكاتب الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن.
لعب ترامب دوراً كبيرا في تعزيز مكانة “إسرائيل” في الشرق الأوسط. وفي ما وصف بأنه تتويج لترامب، استضاف “اتفاقيات سلام” في البيت الأبيض هذا الصيف بين “إسرائيل” والبحرين والإمارات. كان تأثير هذه التحركات بالغ الأهمية، لأنها كسرت الوضع الراهن للسياسة الخارجية الأمريكية الذي دام عقوداً. هذه الاتفاقات ليست إعلانات سلام كاملة، لأن الدول الثلاث لم تكن في حالة حرب أبداً إذ حافظت في السابق على تبادلات تجارية ودبلوماسية منخفضة المستوى. كانت علاقات دول الخليج مع “إسرائيل” تزدهر بهدوء منذ سنوات، ورفض منتقدو ترامب الصفقات باعتبارها ثماراً معلقة من منظور السياسة الخارجية. وقد أقر ترامب نفسه بأن العديد من الدول العربية “اصطفت” لعقد اتفاقات.
علاوة على ذلك، يُنظر إلى صفقة ثالثة غير مكتملة مع السودان على أنها إنجاز كبير على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة الانتقالية في البلاد لديها السلطة لعقد مثل هذه الصفقة.
غالباً ما كانت وجهات نظر الرئيس حول الشرق الأوسط غامضة، وبصرف النظر عن خطابه المعادي للمسلمين فقد أظهر فهماً قليلاً إلى حد ما بالقضايا الرئيسية في المنطقة. ويبدو أن الأشخاص المحيطين به هم من قادوا الرؤية. مثلاً جيسون جرينبلات، المحامي العقاري السابق لترامب والذي لا يمتلك خبرة سابقة في العلاقات الخارجية، اختاره ترامب ليكون مبعوثاً خاصاً لواشنطن للسلام في الشرق الأوسط. غرينبلات، الذي غادر الآن ويعمل لدى شركة استثمار إسرائيلية، قال: إن المستوطنات ليست “عقبة أمام السلام”.
وكان ديفيد فريدمان سفير ترامب في “إسرائيل”، ومحام سابق في فريقه، أكثر صراحة في آرائه الداعمة للمستوطنين وله علاقات شخصية قوية معهم. وكذلك صهر ترامب جاريد كوشنر، الذي تحدث بازدراء عن الفلسطينيين، كان شخصية رئيسية في فريقه أيضاً.