نبض رياضي .. الحلقة المفقودة
“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش
من يدخل إلى مدننا الرياضية المنتشرة في عدد من المحافظات يدرك مدى تطور منشآتها وتعدد خدماتها المجانية، فضلاً عن مواقعها الجغرافية المتميزة؛ ومن يبحث في ملاعبها وصالاتها، يجد أننا نمتلك مواهب فذة يندر وجودها في كثير من دول العالم؛ ومن يفتش خلف هذه المواهب يجد مدربين بمستويات عالية يخرجون ويبنون أجيالاً من الرياضيين على مدى السنين؛ وبعد هذه الرؤية متعددة المفاصل يبرز سؤال في غاية المنطقية: لماذا لا تنجح رياضتنا داخلياً وخارجياً؟
ولعل هذا السؤال الصغير الحجم، الكبير المعنى، يدور في خلد كل متابع وغيور على رياضة بلده، فإذا كانت الملاعب والمواهب والمدربون متواجدين، فلماذا لا تكون النتائج على قدر الطموح؟ ولماذا يتم حصر الهدف ببطولة ودية هنا، وإنجاز بمحض الصدفة هناك؟ هل هو نقص في الدعم والرعاية، أم قصور في التخطيط والتنفيذ، أم أن سوء الإدارة وتفضيل المكاسب الشخصية هو الداء الذي لا علاج له؟!
الأكيد أن الوصول إلى إجابة شافية لجملة هذه التساؤلات ليس بالأمر السهل، حيث عجزت القيادات الرياضية المتعاقبة عن ملامسة جوهر الموضوع، واكتفت دائماً بملامسة غير كافية لردم الهوة بين الممكن والواقع، لتكون الحصيلة آمالاً معلقة وأحلاماً مؤجلة حتى إشعار آخر!!
ولكي نكون منطقيين، فإن بناءنا الرياضي برمته يعاني، منذ سنوات فاقت العقود، من مشكلة تعد المسبب الأول لجملة الأمور السلبية التي عاشها ويعيشها، ويتعلق الأمر بما يعرف بالشللية، فكل فترة رياضية تمر يكون بها أشخاص محددون يبدؤون من نقطة الصفر هادمين ما فعله أسلافهم بحجة اختلاف الرؤى، وينطلقون بمسلسل إعداد أجيال جديدة وفق خطط طويلة الأمد تكون أغلبها لذر الرماد في العيون، وللابتعاد عن المساءلة الفورية!! وهذا الكلام لا يشمل المكتب التنفيذي فقط، بل يمتد لكل المفاصل، ولنا فيما يحصل هذه الأيام مع بطلنا العالمي مجد غزال أكبر دليل.
وكنا قد تحدثنا، في وقفات سابقة، عن كون تغيير العقلية التي تحكم رياضتنا أمراً لا يقبل التأجيل، وأشرنا غير مرة إلى أن تغيير العقلية لا بد أن يشمل الأشخاص الذين ما زالوا يعيشون على أفكار بالية، لكن هذا التغيير – ومع إلحاحه – لا بد أن يكون مدروساً بعناية فائقة، فليس المطلوب تبديل فلان بفلان، وليس المنشود أن نضع خطة بديلة لأخرى، بل الأصح أن نصل لمرحلة المزاوجة بين كل طرح إيجابي لم يأخذ حقه في التنفيذ وبين أي فكرة جديدة الشكل والمضمون.
كل ما سبق يجب أن يكون في حسبان القيادة الرياضية الحالية التي لم يعد من الممكن وصفها بالجديدة، بعد مضي أشهر على تسلمها الدفة؛ ولحد اللحظة، لا يمكن إطلاق حكم دقيق على عملها الذي لم تتضح معالمه الأساسية، مع وجود تخوف أن يكون هذا التريث مرده عدم وجود أفق لدى البعض، وليس بسبب الظروف التي أدت لتوقف النشاطات.