“الصناعة” 2025.. استراتيجية “طموحة” تعتمد الترميم والتنمية كمرحلتين أساسيتين
دمشق – ريم ربيع
تتصدر الصناعة اليوم أولويات الحديث عن إعادة الإعمار الاقتصادي إلى جانب الزراعة ليكونا المقومين الأساسيين للخروج من الأزمة التي نعيشها، ومع ذلك تبدو الخطوات المتخذة حتى الآن متواضعة ويشوبها العديد من الثغرات والنقص، فرغم العدد المتزايد يومياً للمنشآت المنضمة إلى حلقة الإنتاج، إلا أن النتائج ليست ملموسة على واقع الاقتصاد ومعيشة المواطن، ولاتزال مؤسسات القطاع العام الصناعي رهينة الترهل الإداري والعملي، وتأخذ دور المتأثر لا المؤثر بالقرارات الاقتصادية، فضلاً عن عشرات المنشآت المدمرة كلياً أو جزئياً التي لم يتم الاتفاق على مصيرها بعد، فكيف تخطط وزارة الصناعة لتجاوز هذه المرحلة، وإعادة الصناعة إلى دورها الحقيقي؟!.
مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصناعة د. إياد مقلد يعوّل على إعادة هيكلة القطاع الصناعي بشكل بنيوي ينقله إلى مستوى أكثر تطوراً مما كان عليه ليلبي طموحات واحتياجات الاقتصاد الوطني، ويكون رافداً هاماً لسلسلة إضافة القيمة المضافة في هذا الاقتصاد، ويلحظ ضرورة ردم الفجوة التكنولوجية من جهة، والكمية بين الموارد والاحتياجات من جهة أخرى.
ومن خلال استراتيجية وزارة الصناعة حتى عام 2025 التي حصلت “البعث” على نسخة منها، فقد تركزت محددات السياسة الصناعية على الانتقال من الإسعافي إلى التنموي، ومن اعتماد حلول آنية إلى بلورة وتنفيذ رؤية تنموية شاملة للقطاع بشقيه العام والخاص، الإنتاجي والخدمي، إضافة إلى ترتيب الأولويات، خاصة مع بروز حاجات جديدة تتفق مع سياق المرحلة الحالية، وتؤسس للمرحلة القادمة، وتكامل مرحلتي الترميم 2020-2022، والمسارات التنموية 2022-2025، أي تحقيق التموضع الاستراتيجي للقطاع ككل بترابطاته كفروع للنشاط الصناعي، وبترابطاته مع القطاعات الأخرى، وتضمنت المحددات اعتماد أسس التنمية المحلية، والتشاركية في صياغة وتنفيذ السياسات على المستوى المحلي، واعتبار القطاع الخاص الصناعي شريكاً استراتيجياً.
وزارة الصناعة في رؤيتها لآلية التطوير والانتقال إلى المسار التنموي اختصرت المشاكل بنقاط عدة أساسية يجب معالجتها كهيكلة البنية التشريعية والقانونية والإجرائية، وآليات العمل على أسس ريادية، وإعادة تموضع العمالة، وتطوير أنظمة العمل، والأجور والحوافز، إضافة إلى اعتماد البنية التكنولوجية والتقنية- الفنية كضرورة حتمية للنهوض، وبلورة صيغ تمويلية جديدة وابتكارية ضمن الخيارات الاستثمارية المتاحة لتجاوز القيود العديدة، وتعزيز الدور الوظيفي للقطاع من الناحية الاجتماعية وفق رؤى وأسس معاصرة، وتطوير جوهري للأنظمة المحاسبية، بما فيها محاسبة التكاليف على أسس جديدة، وهذا ما يتم العمل عليه.
وفي حين أصبح الدعم الحكومي للمواد الأساسية موضع شك وتخبط وأسئلة استفهام عديدة حول مدى جدواه ووصوله إلى مستحقيه، ترى الوزارة أنه لابد من توضيح مكونات الدعم لكامل سلاسل الإنتاج، والبت بدراسة كافة الخيارات المتاحة: (الإبقاء على الدعم بشفافية، أو تحويل الدعم أو إلغاؤه مقابل مكتسبات جديدة)، مع ضرورة معالجة الاختلالات في الأسعار، من التسعير الإداري إلى التسعير المستند على التكاليف الحقيقية، وتحقيق هامش ربح، وإعادة التموضع بالأسواق الحالية والمحتملة، مع الإشارة إلى إقامة الحاضنات التطويرية والمراكز الداعمة، بما فيها رصد وتحليل مؤشرات القطاع: (العامة والنوعية، البحثية والتطبيقية) لعمل القطاع بالتنسيق مع الاتحادات المهنية.
غير أن تنفيذ هذه الاستراتيجية- كما أية خطة في الظرف الراهن- يواجه جملة من التحديات التي لم تلق من يعالجها بالوسائل العملية بعد، وفي مقدمتها تأمين مدخلات الإنتاج، وتخفيض كلف الإنتاج، وتحسين جودة المنتجات الصناعية، وتأمين العمالة الكفوءة، وإعادة تأهيل ما دمر وخرب من منشآت خلال الحرب، واستعادة رؤوس الأموال الصناعية المهاجرة، والحد من دخول المنتجات والسلع الصناعية بشكل غير شرعي، فضلاً عن استثمار الفرص الكامنة، وزيادة التشغيل والنمو، والنفاذ الكامل إلى الأسواق بتنافسية.
وفي إطار دعم وتشجيع برنامج إحلال بدائل المستوردات، كشفت “الصناعة” في خطتها عن أبرز الفرص المتعلقة بهذا المجال، والتي تتضمن إقامة وتشغيل معامل لإنتاج البطاريات بمختلف أنواعها، وإقامة معامل لإنتاج الانفيرترات، وتطوير وتوسيع معامل صناعة التجهيزات المنزلية، ودعم صناعة النشاء والقطر الصناعي، وترميم وإعادة تشغيل معامل صناعة الآلات وخطوط الإنتاج، إلى جانب إقامة مشاريع صناعة مكونات الطاقات المتجددة، وترميم وتشغيل وإقامة معامل صناعة ألواح الفورميكا، بدءاً من المادة الأولية، وإقامة معامل لكل من الألواح الزجاجية، وصناعة أجهزة الإنارة، وتشغيل معامل مستلزمات الري الحديث، فضلاً عن دعم صناعة كل من: (الصباغة- الورق- الخيوط- الأقمشة المصنرة- الأدوية البيطرية).