مفكر أمريكي: سياستنا تجاه سورية جسّدت انحلال وخبث صناع القرار في واشنطن
دعا المفكر السياسي الأمريكي جيمس بوفارد إلى فضح الجرائم الأمريكية وأسرار أمريكا “القذرة” في سورية أمام الرأي العام الأمريكي، ولا سيما الاعتداءات المتتالية واحتلال جزء من أراضيها ودعم التنظيمات الإرهابية منذ بداية الحرب التي شنت عليها لمنع الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة جو بايدن من تكرارها، فيما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) اعتقال جندية أمريكية سابقة بتهمة تقديم الدعم المالي لإرهابي من تنظيم “جبهة النصرة” المتطرف.
وقال بوفارد في مقالة له نشرها موقع “كونسورتيوم نيوز” إن “أفضل أمل لمنع جولة جديدة من الأخطاء والأكاذيب والفظائع هو الكشف عن الأخطاء والأكاذيب والجرائم الأمريكية السابقة في سورية”، داعياً الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى فتح الملفات السرية الأمريكية “القذرة” بشأن سورية، معتبراً أن من شأن ذلك أن “يوفر سلاحا فعالا في يد أعداد هائلة من الأمريكيين الذين يعارضون بشدة شن حروب جديدة”، وأشار إلى أن حملة بايدن تعهدت بزيادة الضغوط على سورية من خلال تزويد التنظيمات الإرهابية التي تطلق عليها واشنطن اسم “المعارضة” بالمزيد من الأسلحة والمال، مستشهداً بهذا الصدد بملاحظة ماكس ابرامز المحاضر في جامعة نورث ايسترن بأن كل “خبير” في السياسة الخارجية تم طرحه كعضو في مجلس حكومة بايدن سبق له أن دعم سياسة “إسقاط الحكومات” ومساعدة تنظيمات إرهابية من بينها “القاعدة” وتدمير البلدان وتهجير ملايين اللاجئين من ديارهم.
ووجه بوفارد سؤالاً للناخبين الأمريكيين: “كم عدد السوريين الذين صوتم لقتلهم في يوم الانتخابات”، مستدركاً: “بفضل نظامنا السياسي المنحرف سيتم الكشف عن الإجابة على هذا السؤال على مدى السنوات الأربع المقبلة إذا نجحت إدارة بايدن بجر الولايات المتحدة مجدداً إلى الحرب في سورية”، معتبراً في الوقت نفسه أن هناك خطوات تستطيع الإدارة الأمريكية الحالية أن تتخذها في الأشهر الأخيرة من ولايتها “لردع مثل هذه الحماقات”.
وبين المفكر السياسي الأمريكي أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية جسّدت لفترة طويلة من الزمن “انحلال وخبث السياسيين وصناع القرار السياسي في واشنطن، فضلاً عن فساد قسم كبير من وسائل الإعلام الأمريكية”، مشيراً إلى أن الأكاذيب شكّلت أساساً لهذه السياسة، وأن الحجج المختلقة التي تذرع بها السياسيون الأمريكيون لتبرير تدمير كل من صربيا والعراق وليبيا قام بتطبيقها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري في عام 2013 على سورية.
وفي سياق حديثه عن السياسات التي اتبعتها الإدارات الأمريكية السابقة في الحرب على سورية والأكاذيب التي سوقتها، بين بوفارد أن “الكذب والقتل في كثير من الأحيان كانا وجهين للعملة السياسية ذاتها”، مشيراً إلى أن الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما “قدّمت مبالغ نقدية كبيرة وكمية هائلة من الأسلحة للجماعات الإرهابية”، وهي ما زالت مستمرة في التذرع بأن هذه الجماعات تمثل “متمردين معتدلين” وفق وصفها، مبيناً أن هؤلاء المسلحين تعاونوا مع تنظيم “داعش” الإرهابي أو مع تنظيمات إرهابية أخرى مرتبطة بتنظيم “القاعدة”.
ولفت المفكر الأمريكي إلى أن أغلب تغطيات وسائل الإعلام الأمريكية للحرب على سورية كانت تستند على الأكاذيب واختلاق القصص الخرافية والتهليل للاعتداءات الصاروخية من قبل القوات الأمريكية على الأراضي السورية، رغم الاستناد إلى مزاعم ملفقة باستخدام أسلحة كيميائية، وأقر بأن ما يسمى “خبراء السياسة الخارجية الأمريكية” يعدون أكثر المخادعين احتراماً في واشنطن، مشيراً في هذا الإطار إلى أنه لن يكون من المستغرب أن يكرر المعينون من قبل بايدن الروتين نفسه الذي كان سائداً في سنوات أوباما وهو تمويل الإرهابيين لتعذيب دولة لمجرد عدم موافقة واشنطن على قيادتها.
وأشار بوفارد إلى أنه إذا بدأت إدارة بايدن بتنفيذ مخططات للعدوان على سورية فسيكون من السذاجة أن يتوقّع الأمريكيون تعلّم الحقائق من أخبار المحطات الفضائية أو الصحف الصباحية الأمريكية، في إشارة إلى توافق وسائل الإعلام في الولايات المتحدة مع سياسييها باعتماد نهج الكذب فيما يتعلق بسورية، لافتاً إلى أن هذه الوسائل ستستمر في حال وقوع أي اعتداءات بتجاهل “الأطفال السوريين الذين يموتون في الغارات الجوية الأمريكية”.
وفي سياق دعوته لفضح جرائم وأكاذيب الإدارات الأمريكية السابقة تجاه سورية، قال بوفارد: “هناك مقولة قديمة تقول إن أشعة الشمس هي أفضل مطهر، أما بالنسبة للسياسة الأمريكية في سورية فإن المطلوب هو التطهير بالأسيد لسمعة أي مسؤول حكومي متورط بخلق الكوارث أو إدامتها أو التستر عليها.. وأي مسؤول حكومي أمريكي متورط في تسليح ما يسمى “معارضة معتدلة” يستحق السخرية إلى الأبد”، مؤكداً أهمية فضح الوثائق والسجلات الخاصة بالتدخل الأمريكي في سورية”، على غرار ويكيليكس قبيل اللحظة التي يغادر فيها بايدن منزله لأداء اليمين رئيساً لأمريكا”، ومحذراً في الوقت نفسه من أن يتم تصنيف الأغلبية العظمى منها على أنها “أسرار عسكرية أو أسرار تتعلق بالأمن القومي الأمريكي”.
وأوضح بوفارد أنه من الضروري أن يتضمن فضح وثائق التدخلات والجرائم الأمريكية في سورية كشفا عن “الخيوط التي نسجتها الحكومات الأجنبية لدفع التدخل الأمريكي أو إدامته” لتحصين الأمريكيين المعارضين للحروب من حيل مماثلة في المستقبل، مشيراً بهذا الصدد إلى اعتراف سلطات الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي بتقديمها مساعدات عسكرية ولوجستية للتنظيمات الإرهابية في سورية، إضافة إلى ضخ النظام السعودي كميات هائلة من الأسلحة والأموال في أيدي هذه التنظيمات بموافقة إدارة أوباما، ولفت بوفارد إلى أن فتح ملفات التدخل الأمريكي في سورية اليوم يوفر أدلة كثيرة تساعد مناهضي الحروب والتدخل في الدول الأخرى على الوقوف بوجه هذه السياسة أكثر من أي وقت مضى.
وختم بوفارد مقالته بالتأكيد على أن “أمريكا لم تعد قادرة على إخفاء مذبحتها الخارجية في كفن النوايا الحسنة”، مشدداً على أنه لا توجد مصلحة وطنية أمريكية تبرر قتل المزيد من الناس بلا فائدة في سورية أو في أي مكان آخر، وأنه يجب على الأمريكيين الوقوف ضد سياسيي بلدهم الذين يروجون للتدخل العدواني في دول العالم و”السخرية” من أولئك الذين يصورون هذا العدوان على أنه “انتصار للمثالية”.
جندية أمريكية سابقة قدمت دعماً مادياً ولوجيستيا لـ “النصرة”
يأتي ذلك فيما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) اعتقال جندية أمريكية سابقة بتهمة تقديم الدعم المالي لإرهابي من تنظيم “جبهة النصرة” المتطرف.
ووفقاً لوزارة العدل الأمريكية فقد تم توجيه اتهامات لماريا بيل، التي تنحدر من ولاية نيوجيرسي الأمريكية والبالغة من العمر 53 عاماً، “بتقديم الدعم المادي لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي”، الذي عمد إلى تغيير اسمه لاحقاً إلى ما يسمى هيئة تحرير الشام، مشيرة إلى أن “بيل بدأت في شباط من عام 2017 باستخدام تطبيقات مشفرة للتواصل مع التنظيم وتقديم المشورة له وأنها خلال تواصلها مع عناصره استخدمت خبرتها المهنية في التدريب على أنواع محددة من الأسلحة أثناء خدمتها في الجيش الأمريكي والحرس الوطني”، ولفتت إلى أن بيل تواصلت مع أحد عناصر التنظيم الإرهابي الذي لم تحدد هويته وزودته بالأموال عبر شركة ويسترن يونيون للحوالات المالية محاولة إخفاء مصدر التمويل.
يشار إلى أن الولايات المتحدة ورغم تصنيفها علنا جبهة النصرة على أنها إرهابية كانت ولا تزال على رأس الدول الغربية التي دعمت التنظيمات الإرهابية في سورية في انتهاك سافر للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.