الزيارة السوداء..!
حسن حميد
تحفّه الغطرسة والعنجهية وطيوف الخذلان والهزيمة، مضى وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لزيارة المغتصبات الصهيونية في الجولان العربي السوري، كي يقول رسالة ممجوجة راح هو وفريقه الحاكم يكررونها عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحفية التي عقدوها، فحواها أن أراضي الجولان العربية السورية باتت جزءاً من الكيانية الصهيونية كما يتوهم الواهمون!
والحق أن وزير الخارجية الأمريكي يعرف ويدرك أن كل قرارات الاحتلال الإسرائيلية هي قرارات باطلة، ولا قيمة لها، لأن الاحتلال البشع وقع على المواطن السوري ابن الجولان، ووقع على أراضي الجولان العربية السورية أيضاً، مثلما هو الاحتلال الإسرائيلي البشع الواقع على المواطنين الفلسطينيين والأراضي الفلسطينية، ويعرف أيضاً أن كل احتلال زائل مهما امتدت أيامه السود، ورغم ذلك يزور (بومبيو) المستوطنات الإسرائيلية مغرراً به لأنه خُدع وتوهم أنها جزءٌ من الكيانية الصهيونية!
أمر كهذا يستدعي أن نقول لـ(بومبيو) وغيره من أصحاب الرؤوس الأمريكية الحامية الذين يساندون الكيان الصهيوني وبعماء مطلق، ضاربين بعرض الحائط القوانين الدولية، وحقوق الشعوب، والقرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة بوصفها الجهة الدولية التي تتحدث عن الحقوق والشرائع الدولية، نقول: إن الجولان عربي سوري، وسيظل عربياً سورياً، ولو زاره ألف مرة، ولا قيمة لهذه الزيارات الباهتة، ولا تؤثر في قرارات الشرعية الدولية، كما أنها لا تغيّر شيئاً في الوجدان السوري، وإن القرار الإسرائيلي الذي قال بضم الجولان هو قرار باطل وزائف ولا يساوي الحبر الذي كُتب به، وأن أهل الجولان الأشم أعلنوا منذ اللحظة الأولى رفضهم لكلّ قرارات الاحتلال الإسرائيلي وأوامره الإدارية، بل إنهم رفضوا الهوية الإسرائيلية والإغراءات التي صاحبتها لأنهم يعرفون، وبإيمان عميق مطلق، أن الأرض لهم، وهي سورية قبل أن يسمع أحد باسم الولايات المتحدة الأمريكية، وهي سورية قبل أن تولد الأحقاد الصهيونية، وقبل أن يولد (بومبيو) نفسه، وستبقى، وأن أهل الجولان يعلنون يومياً أنهم أبناء الوطن السوري ولا مرجعية لهم، أيّاً كان نوعها أو شكلها، سوى المرجعية السورية!
ولابدّ لنا من القول للسيد (بومبيو) إن الدروس الوطنية المستفادة من أزمنة الاحتلال الكثيرة هي طي الوجدان الوطني والأخلاقي، ولعل في طالعها الدرس الجزائري الذي غدا شاهداً عالمياً على الوطنية وحب الأرض والصبر على المحتل والانتصار عليه محواً ودحراً وإلى الأبد!، وهذا الدرس لا يعرفه الأمريكان وحدهم، وإنما يعرفه الصهاينة جيداً، مثلما يعرفون الدرس الوطني الذي تمخضت عنه حملات الفرنجة بعد الانتصار المدوي في معركة حطين 1186م التي أعلنت هزيمة الفرنجة؛ هؤلاء الذين بنوا القلاع وحكموا الناس بالحديد والنار، وفتحوا السجون، وغيّبوا المدارس، ورغم ذلك خرجوا مهزومين مدحورين لأنهم ما كانوا من نسيج هذه المنطقة، والصهاينة اليوم يعرفون، وباليقين الكامل، أنهم ليسوا من نسيج المنطقة، وأن مصيرهم إلى زوال، والدليل على هذا أنهم يعيشون عيشة اللص السارق، وعيشة المحتل الغاصب، في ظل مقاومة مستدامة، وإلا لماذا هذه الأجيال الجديدة، وهي في أعمار الشباب، تواصل مقاومتهم وتنادي بخروجهم، وكفّ أذياتهم ومحوها؟!
إن زيارة (بومبيو) إلى المغتصبات الإسرائيلية المقامة فوق أرض الجولان العربي السوري، هي زيارة سوداء، لأنها زيارة البهوت والزيف والكذب والغطرسة، وهي بلا قيمة، وبلا أهمية، وفيها من الخزي والذلة ما فيها، وهي تؤكد على أمر وحيد هو أن (بومبيو) غريب، ومن كانوا معه هم غرباء وسارقون وغاصبون، وأن الجولان له أهله وتاريخه، مثلما له مستقبله العربي المشرق، ولن تكون فترة احتلاله من قبل الصهاينة سوى نقطة سوداء في جبين المتشدقين باسم العدالة وحقوق الشعوب، وعودته إلينا.. باتت أكثر قرباً رغم أنف أهل الغطرسة والظلموت.
Hasanhamid55@yahoo.com