“الميترانباج”.. يا لقوة الوهم!
عبّر المخرج المسرحي محمد فايز المحاميد عن سعادته ببدء عروض مسرحية “الميترانباج” على مسرح القباني في أول تجربة مسرحية له مع مديرية المسارح والموسيقا- مشروع دعم مسرح الشباب، مؤكداً في حوار مع “البعث” أن العمل ليس مجرد رغبة طارئة بل بداية للعمل في المسرح وتقديم مشاريع جديدة في المستقبل، وهي تجربة أتاحت له فرصة ليثبت نفسه كمخرج، وفرصة لا يمكن لأية جهة أن تقدمها للشباب العاشقين للمسرح، مبيناً أن العرض كان مشروعاً مؤجلاً منذ العام 2017 حيث تقدّم حينها لمديرية المسارح والموسيقا ليكون ضمن مشروع منح الشباب، وقد تمّت الموافقة عليه إلا أن التحاقه بالخدمة الإلزامية أجّل تنفيذه لهذا العام، شاكراً المديرية التي احتفظت بحقه في تقديم هذا العرض لحين عودته، والتي لم تقصّر أبداً في تقديم كل ما يلزم لإنجاحه، مؤكداً أنه لم يتوقع ذلك، حيث إن كل ما تمّ إنجازه على صعيد الديكور والأزياء أُنجز كما يريد تماماً، وهو سعيد جداً اليوم لأن المشروع رأى النور.
نظرة مختلفة
وأوضح المحاميد أنه ومع مرور وقت ليس بقصير بين تقديمه للنص عام 2017 وإنجازه على المسرح عام 2020 أصبحت لديه نظرة مختلفة اتجاه الشكل الفني الذي يجب أن يُقدَّم به النص، وذلك كلّه بفضل استثماره لوقته أثناء خدمته الإلزامية بالقراءات الكثيرة عن فن الممثل والإخراج والسيناريو، إلى جانب كتابته كتاباً بعنوان “ألف باء الممثل” الذي لخَّص فيه كل ما يجب أن يعرفه ويتقنه الممثل بأسلوب سلس بعيد عن التعقيد، مبيناً أنه اختار نص “الميترانباج” من مجموعة نصوص قام بقراءتها، وكان يبحث عن نص يتضمن عدة شخصيات لأنه لا يميل إلى الشخصيات القليلة في العمل، والتي يبحث عنها عادةً أصحاب المنح، وقد شكَّل ذلك تحدياً كبيراً له، إضافة إلى حرصه على اختيار نص غير معروف لكاتب غير معروف بهدف التعريف به وبنصوصه بعيداً عن الأسماء المعروفة كنصّ “الميترانباج” الذي لم يُعرض قبل ذلك، وهو يقدّمه لأول مرة بعد أن رأى أنه يصلح لكل زمان ومكان، وفيه إسقاط كبير على الواقع، إضافة إلى الكوميديا التي يتمتّع بها النص والتي يرغب -المحاميد- في تقديمها بعد أن تعب الناس من هموم الحرب ومآسيها، منوهاً بأن النص بالأساس هو نص كوميدي واقعي، إلا أنه في عرضه ذهب باتجاه الفانتازيا، ولم يخفِ أنه لو اشتغل العمل في العام 2017 لكان قد قدّمه بشكل مختلف.
أما على صعيد الشخصيات الموجودة في النص -يتابع المحاميد- فقد كنت ميالاً لتقديم الكاركترات المرهونة بقدرات الممثل وتنوّع الحالات التي تعيشها الشخصية، حيث الشخصيات في العرض ليست نمطية وعادية، وقد ذهبت بها باتجاه الكوميديا ديلارتي بعد أن تمّ العمل على النص من خلال اختزاله وإجراء بعض التعديلات ليقدَّم باللغة العربية الفصحى مع إدخال بعض العبارات العامية، وبما أن الفكرة الأساسية للنص تركز على موضوع الخوف والوهم، فكثيراً ما نخاف من أشياء لا مبرر فيها لخوفنا، إضافة إلى سوء النية والجهل، حيث بيَّن العرض أن الإنسان عدو ما يجهل، وتزداد حرية الإنسان بازدياد علمه.
الكثير من الحذر
يضمّ العرض سبع شخصيات قيادتها لم تكن مسألة سهلة بالنسبة للمحاميد، وهي وإن احتاجت منه إلى جهود كبيرة إلا أنه لم يخشَ خوضَ هذه المغامرة لثقته بنفسه بعد أن بات يملك مخزوناً كبيراً من القراءات العميقة، إضافة إلى الفائدة التي جناها من كونه ممثلاً، فهذا ساعده كثيراً أثناء عملية الإخراج، لذلك كان حريصاً على العمل مع الممثلين في أدق التفاصيل، منوهاً بأنه وكمخرج يميل إلى الكوميديا التي يؤديها عادةً كممثل وهي تحتاج للكثير من الحذر، محاولاً في العرض أن يحقّق معادلة الشكل والمضمون بحيث لا تطغى الكوميديا على فكرة العرض ومقولاته، ولا تنزلق باتجاه التهريج لضمان إيصال الرسالة المطلوبة من العمل، مشيراً إلى أنه كان ميّالاً لتقديم عمل كوميدي لأن الجمهور بحاجة للكوميديا ولأفكارٍ تلامسه، وهذا ما حرص على أن يتناوله العرض من خلال تسليط الضوء على مفاهيم لها علاقة بالحرب مثل الخوف والوهم والجهل وقلّة الأخلاق، وهي أمراض أوصلتنا لهذه المرحلة والحالة التي نعيشها، مؤكداً أنه لم يقدم على تقديم عرضه المسرحي لمجرد الرغبة في ذلك، بل كانت الغاية الأساسية إيصال فكرة استفزّته في النص.
أصعب مرحلة
وأشار المحاميد إلى أنه اكتشف أن بعض النجوم لا يقبلون العمل ضمن مشروع منح الشباب ومع مخرجين في تجاربهم الأولى، في حين أن بعضهم الآخر اعتذر لأسباب مادية.. من هنا رأى أن أصعب مرحلة مرّ بها أثناء إنجاز العمل كانت مرحلة انتقاء الممثلين، وفي هذه المرحلة كان حريصاً على اختيار ممثلين تتناسب شخصياتهم الحقيقية مع شخصيات العمل، مؤكداً أنه كممثل ضبط رغبته في أن يكون على الخشبة لأنه يؤمن بضرورة أن يكون في تجربته الإخراجية الأولى مخرجاً فقط حتى لا يشتّت نفسه بين مهمتين، واحتراماً للصيغة التي قدّم بها النص للمديرية، ولم ينكر أنه -كممثل- تعلّم كثيراً من هذه التجربة، مؤكداً أنه في المرات القادمة سيتدارك الأخطاء التي وقع فيها، وخاصة على صعيد علاقته كمخرج مع الممثلين.
خير معين
أشرف على العرض الفنان تاج الدين ضيف الله، وكان المحاميد سعيداً بالتعاون معه، خاصة وأن هناك قواسم مشتركة بينهما، مستفيداً من خبرته وعمله بالمسرح وكان خير داعم له، وعلاقة الصداقة التي تربطه به سهَّلت التعاون بينهما، وكان بفضل ملاحظاته خير معين له بوضعه على السكة الصحيحة، لذلك لا ينكر أن المخرجين في منح الشباب يحتاجون إلى وجود مشرف تتمّ الاستعانة بآرائه .
الممثلون حسب الظهور: غرام العلي، تاج الدين ضيف الله، فهد السكري، فراس الفقير، هبة ديب، سليمان قطان، أميل حنا ومشاركة زاهر وهبة مع صوت المعلق الرياضي الفنان القدير توفيق الأحمد.
أمينة عباس