“الآثار في سورية” تعرض أهم المكتشفات.. وملعب عمريت الأولمبي الأقدم عالمياً
دمشق – فداء شاهين
عرضت الندوة العلمية التي أقامتها كلية الآداب في جامعة دمشق، بالتعاون مع مديرية الآثار والمتاحف، عدة مواضيع، منها نتائج ومكتشفات أثرية لبعض المواقع والطرق الدفاعية التي كانت مستخدمة في القلاع، وتجارب المديرية في ترميم لوحات الجدران الأثرية.
وتحدث معاون مدير المعمل الفني في المديرية العامة للآثار والمتاحف ومدير بعثة عمريت الأثرية منذ عام 2003 ياسر يوسف عن أهم المكتشفات في عمريت التي تقع إلى الجنوب من مدينة طرطوس بمساحة 6كم مربع، وهي مساحة كبيرة، وكانت تتبع لمملكة أرواد، حيث أقام فيها الأرواديون معابدهم، مساكنهم، مخازنهم، ومدافنهم، إذ دلت التنقيبات إلى أن المدينة تأسست وسُكنت في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، حيث توزعت المناطق الأثرية في عمريت في أكثر من مكان، وأفضل نموذجين لمدينة عمريت وللساحل السوري هما الملعب الأولمبي الوحيد الموجود في الشرق الأوسط يعود إلى ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت تقام عليه الألعاب الرياضية، إضافة إلى وجود المدافن البرجية، ومدافن عازار، ومعابد وأبنية سكنية، ومعاصر خمر، ونماذج لتوابيت إنسانية الشكل اكتشفت في رام الذهب من الفخار والرخام، وبيّن يوسف أن من أهم الاكتشافات العثور على مدفن ملكي محفور في الصخر أطلق عليه مدفن “أبو عفصة” لوقوعه على الطريق الذاهب من طرطوس إلى طرابلس بالقرب من قرية “أبو عفصة” ضمن غابة صنوبر، وإلى الشرق من ملعب عمريت بحوالي 200م، والمدفن مهم جداً، وتم اكتشاف تمثالين نصفيين في داخل المدفن، وهما النموذجان الوحيدان في سورية، والشيء الجديد الذي يختلف عن روما تمثال الرجل على اليمين والمرأة على اليسار يظهر أن المرأة ترتدي الزي الروماني وملامح وجهها تدل على ذلك، أما الرجل فتظهر عليه الملامح الشرقية، ويظهر كأنه حاكم محلي، إضافة إلى اكتشاف ملعب محفور في الصخر متآكل في بعض أطرافه، كما أن قسماً من أجزائه الغربية أزيلت بالكامل، ويمتد الباقي منه بطول 230م وعرض 30م، ويتألف من سبع درجات، ويتسع لحوالي 11200 متفرج، علماً أن الحفرية في الشريحة 5 الواقعة إلى الغرب من معبد عمريت بحوالي 500 م اكتشفت الأساسات الفينيقية المقامة على أساس رملي ولقى أثرية أهمها عين التمثال النزري، مقدم لأحد الآلهة، عليه إشارات مسمارية لأول مرة ظهرت في عمريت، إضافة إلى الحفرية في الشريحة 2 اكتشفت المقبرة تعود للفترة الرومانية، دفن فيها بشكل عشوائي، ومعصرة العنب تعود للفترة الفينيقية.
وأوضح د.أحمد ديب من المديرية العامة للآثار والمتاحف نتائج التنقيب في تل الشامية أو نهر العرب في شمال اللاذقية التي قامت بها البعثة الأثرية الوطنية، وتم اكتشاف عمارة مدنية تحتوي على لقى أثرية تشير إلى أن المبنى المكتشف يشبه إلى حد ما القصر، أما القطاع الثاني فظهرت فيه عمارة مدنية تشير إلى وجود معصرة ومستودعات للتخزين والتصدير، إضافة إلى اكتشاف مدفن يعود إلى عصر البرونز الحديث، يحتوي على عدد كبير من الأواني الفخارية مختلفة الأشكال التي تشير إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية مع ساحل ايجه، وقطع قبرصية، إضافة إلى بعض القطع والأواني المحلية.
وأشار رئيس دائرة آثار جبلة د.مسعود بدوي إلى اكتشاف مدافن على الشريط الساحلي في منطقة الجبيبات تعود إلى العصر الكلاسيكي والعصر الروماني، وهي مدافن محفورة على الجرف الصخري، وتم التنقيب عن 140 مدفناً، وجميع القطع الأثرية محفوظة في مستودع الآثار في جبلة، علماً أنه يوجد حقل مدافن كبير في شمال المدينة كونها كانت ذات أهمية في العصور الكلاسيكية.
ولفتت د.علا التونسي من قسم الآثار في جامعة دمشق إلى دور النحت في حضارة شمالي سورية خلال عصر الحديد، وتشمل مناطق جنوب الأناضول التي احتلتها تركيا، حيث امتدت مجموعة من الممالك ذات وحدة ثقافية وحضارية، وبعض هذه الممالك تركت إرثاً مكتوباً بالآرامية، وباللغة الهيروغليفية، وإحدى أهم ميزات الثقافة المادية لشمالي سورية موضوع النحت وانخراطه الشديد بالعمران، بمعنى أصبحت المساحات العامة المرئية من المدن تبنى وتصمم باستخدام النحت، إضافة إلى النحت على المسلات الحجرية “الأوابد التذكارية” التي أنشئت لتخليد الانتصار العسكري “تذكار الانتصارات العسكرية”، وكذلك توثيق الحدود وفض النزاعات، ووسيلة لتوجيه الرسائل الأيديولوجية.
وشملت بعض المداخلات إلى تنشيط الثقافة السياحية بالمواقع الأثرية وضرورة الاهتمام أكثر، وجعلها مناطق جذب للسياحة الداخلية والخارجية، وصعوبة تأمين مواد الترميم، ومصير المناطق الأثرية التي تتبع لعدة جهات.