سورية: الغرب يستخدم “حظر الكيماوي” أداة لتنفيذ أجندات سياسية معادية
أكدت سورية مجدداً أنها أوفت بجميع التزاماتها حيال اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، مشددة على أن حملات التصعيد والتشهير الإعلامية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الغرب عبر نشر الأكاذيب لتشويه صورة سورية وتضليل الرأي العام لن تؤثر في عزيمتها وإرادتها على المضي في تنفيذ التزاماتها.
وقال مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير بسام صباغ أمام الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة: “منذ أن انضمت سورية عام 2013 إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية أوفت بجميع التزاماتها وأنجزت تدمير أسلحتها الكيميائية ومرافق إنتاجها بشكل مثالي وغير مسبوق وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة واجهت خلالها حرباً على الإرهاب على كامل الجغرافيا السورية استمرت عدة سنوات”، وأضاف: إن ما قامت به سورية يعبر بوضوح عن مدى حرصها على تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية في حين أن دولة طرفاً في الاتفاقية هي الولايات المتحدة التي مضى على انضمامها سنوات طويلة ما تزال حتى هذا اليوم تتلكأ في تدمير ترسانتها الضخمة من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها وتتجاوز المهل المحددة لها بموجب قرارات المجلس التنفيذي.
لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل
وتابع صباغ: إن سورية تشدد على ضرورة العمل الجاد لتحقيق عالمية الاتفاقية وتحث منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مضاعفة جهودها لدعوة “إسرائيل” التي لم تنضم بعد إلى الاتفاقية للانضمام في أقرب الآجال لضمان إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة الكيميائية لافتاً إلى أن سورية تدعم إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل لضمان تحقيق الأمن والسلم الإقليمي فيها والذي لن يتحقق دون إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى كل الاتفاقيات الدولية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل بما فيها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وأوضح صباغ، أن الاعتداءات التي ترتكبها “إسرائيل” بشكل متكرر في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما ضد السيادة السورية دليل على تهديدها لأمن واستقرار المنطقة وإثبات لتورطها في دعم المجموعات الإرهابية وإعاقة دحرها من قبل الجيش العربي السوري.
وأكد صباغ أن سورية ترفض بشكل قاطع استخدام الأسلحة الكيميائية من أي طرف كان وتحت أي ظرف وفي أي مكان كان وتؤكد أنها لم تستخدم إطلاقاً أي مواد كيميائية كأسلحة في أي قرية أو مدينة سورية وبأنها لم تعد تمتلك أي أسلحة كيميائية منذ تدميرها في عام 2014 وشهدت على ذلك فرق المنظمة وتقاريرها وهذه هي الحقيقة من هذا المنطلق فإن حملات التصعيد والتشهير الإعلامية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الغرب عبر نشر الأكاذيب ضد سورية لتشويه صورتها وتضليل الرأي العام لن تؤثر في عزيمة سورية وارادتها على المضي في تنفيذ التزاماتها.
كما جدد صباغ التأكيد على حرص سورية الشديد على متابعة التعاون الإيجابي والبناء مع الأمانة الفنية للمنظمة وفرقها المختلفة والسير بكل زخم مع نهج الحوار المنظم الذي أطلقه المدير العام للأمانة السفير فرناندو ارياس بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تؤثر على عملها بسبب جائحة “كوفيد 19” معرباً عن الأمل بمتابعة العمل الوثيق مع الأمانة الفنية من أجل التوصل إلى إنهاء جميع المسائل العالقة المتبقية ومشيراً إلى أن رئيس اللجنة الوطنية السورية وجه رسالة إلى المدير العام في الـ25 من آب الماضي رد فيها على أسئلة ومطالب فريق تقييم الإعلان المرفقة برسالة المدير العام المؤرخة في الـ21 من نيسان ورحب بإجراء الجولة الـ23 من المشاورات مع فريق تقييم الإعلان.
ولفت صباغ إلى أن سورية رحبت بطلب الأمانة الفنية إجراء الجولة التفتيشية السابعة على مركز الدراسات والبحوث العلمية وأخذ عينات وجلبها إلى مخبر المنظمة وإزالة أجهزة المراقبة عن بعد عن المرافق تحت الأرض بعد إتمام مدة السنوات الخمس من قرار المجلس التنفيذي بخصوصه وقدمت سورية لفريق المنظمة كل التسهيلات اللازمة لتنفيذ مهمته بنجاح والحماية حرصاً على أمنه وسلامته كما أتاحت للمفتشين الدخول غير المقيد إلى كل الأماكن التي أرادوا تفتيشها وبكل حرية وبتعاون تام من اللجنة الوطنية السورية وقد أظهر التقرير الأولي للتفتيش أنه لم يتم العثور على أي مواد كيميائية أو أي أنشطة محظورة بموجب الاتفاقية.
تقارير بعثة تقصي الحقائق لا تنم عن مهنية عالية
وأعرب صباغ عن استغراب الوفد السوري لدى المنظمة من استمرار النهج المتبع من بعض الدول الغربية في التغطية على جرائم التنظيمات الإرهابية وكذلك تبرير الاعتداءات التي يقدم على ارتكابها عدد من الدول الغربية على سيادة الأراضي السورية بذريعة ادعاء استخدام الأسلحة الكيميائية مستبقين أي تحقيقات لبعثة تقصي الحقائق وتوجيه اتهامات لا أساس لها استناداً إلى وقائع مفبركة وعينات مشبوهة تقدمها جماعة “الخوذ البيضاء” الإرهابية ومعلومات مختلقة وشهادات مزورة من مواقع لا تحظى بأي مصداقية كموقع “الأرشيف السوري”.
وشدد صباغ على أن سورية بالمقابل استمرت بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق وتقديم كل التسهيلات اللازمة لعملها وهي تأسف لعدم تقيد البعثة بأحكام الاتفاقية ومتطلبات مرفق التحقق ووثيقة الشروط المرجعية لعملها مشيراً إلى أن سورية أعربت مراراً عن مشاغلها الجدية إزاء طرائق عمل بعثة التقصي وطالبت رسمياً بمراجعتها وتحديثها للوصول إلى استنتاجات صحيحة وجعل تقاريرها أكثر مهنية وذات مصداقية لهذا تأسف لصدور عدة تقارير عن بعثة تقصي الحقائق لا تنم عن مهنية عالية ولا عن الحرفية الفنية والالتزام بمرفق التحقق وأصول الإجراءات الفنية في التحقيق.
وبين صباغ أن التقرير النهائي للبعثة عن حادثة حلب مثال واضح على هذه الطرائق الخاطئة.. ففي الوقت الذي رفضت فيه بعثة تقصي الحقائق القيام بزيارات إلى المواقع التي تم إبلاغ المنظمة بوقوع هجمات إرهابية فيها واستخدام مواد كيميائية كأسلحة من قبل التنظيمات الإرهابية اعتمدت في تقريرها على نظرية تشوه الواقع وغير مقبولة علمياً في تجاهل كامل للمعلومات والأدلة والمعلومات الموثقة التي قدمتها دولتان طرف في المنظمة للبعثة بناء على التحقيق الميداني الذي قامت به فرقهما المتخصصة والتي تؤكد حصول اعتداء بأسلحة كيميائية في حلب من قبل المجموعات الإرهابية ورغم كل ذلك فشلت البعثة في إثبات استخدام مواد كيميائية سامة راح ضحيتها أكثر من 125 مدنياً في حلب في 24-11-2018 ما أثار تساؤلات جوهرية حول مصداقية عمل وتقرير بعثة التقصي.
سورية تكرر نفيها القاطع استخدام أي مواد كيميائية في أي مدينة أو قرية
وأشار صباغ إلى أنه بات من غير المقبول بعد الفضائح المهنية في تقارير دوما واللطامنة وحلب وغيرها السكوت على استمرار بعثة تقصي الحقائق بالعمل وفقاً لتلك الطرائق الخاطئة مؤكداً أن الضغوط الأمريكية والغربية التي تقف في وجه تصحيحها دليل آخر على تسييس أعمال المنظمة وخلق استقطابات داخل هذه المنظمة لاستخدامها كمنصة لتنفيذ أجندات خاصة منها تبرير العدوان على الأراضي السورية.
وجدد صباغ موقف سورية إزاء عدم شرعية إنشاء ما يسمى فريق التحقيق وتحديد الهوية ورفضها الكامل لآليات عمله وللاستنتاجات غير الصحيحة التي توصل إليها في تقريره والتي هدفت إلى تزوير الحقائق واتهام القوات الجوية السورية باستخدام مواد كيميائية سامة عام 2017 في بلدة اللطامنة وتكرر سورية نفيها القاطع استخدام أي مواد كيميائية سامة في هذه البلدة أو في أي مدينة أو قرية سورية أخرى وتؤكد أن قوات الجيش السوري لا تمتلك مثل هذه الأسلحة ولم تستخدمها إطلاقا وبالتالي فإن متطلبات قرار المجلس التنفيذي رقم 94 بتاريخ الثاني من كانون الأول المبنية على ادعاءات واتهامات باطلة هي متطلبات تعجيزية ومستحيلة التطبيق سواء لجهة إقرار سورية باستخدام أسلحة كيميائية أو الإقرار بأنها ما زالت تمتلك هذه المواد ومرافق للإنتاج غير مدمرة. وقال: أما المطلب الثالث في القرار بشأن ضرورة الانتهاء من المسائل العالقة في تقرير فريق تقييم الإعلان فهو عملية يتم العمل عليها مع الأمانة الفنية وقد حصل تقدم ملحوظ بشأنها خلال الجولة الأخيرة من المشاورات مع فريق تقييم الإعلان في دمشق ساهم في حسم عدة مسائل وقد يكون من غير الواقعي الانتهاء منها في غضون الـ90 يوماً آخذين بالاعتبار الظروف التي يمر بها العالم جراء تفشي جائحة كوفيد 19.
ولفت إلى أن قرار المجلس التنفيذي تجاهل بشكل متعمد الوثيقتين الوطنيتين التي تقدمت بهما سورية وروسيا للرد على ما جاء في تقرير فريق التحقيق وتحديد الهوية واللتين تضمنتا الإيضاحات العلمية التي تظهر الثغرات والتناقضات في تقرير فريق التحقيق وتحديد الهوية وأن قراءة متأنية لهذا القرار تدفعنا للقول إن من صاغه لجأ إلى التلاعب بالمصطلحات وحاول فرض أمر واقع لتحويل الفرضيات إلى حقائق وتهم راسخة فتارة يلمح معدو هذا القرار إلى عدم امتثال سورية للاتفاقية وتارة أخرى يشوه القرار حقيقة وهدف المشاورات الفنية الجارية بين اللجنة الوطنية السورية وفريق تقييم الإعلان بشأن تقديم المساعدة الفنية لسورية على حل بعض المسائل العالقة.
وأكد أن مشروع القرار هذا سيسهم مرة أخرى بترسيخ الانقسام بين الدول الأعضاء في المنظمة ما سيؤدي إلى تهديد مستقبل المنظمة ودورها لذلك تدعو سورية الدول الأطراف التي تحرص على سيادتها وقرارها الحر إلى رفض الإملاءات الأمريكية والغربية الأخرى والوقوف ضد محاولاتها لاستخدام هذه المنظمة الفنية أداة في لعبة جيوسياسية وبالتالي رفض مشروع القرار والتصويت ضده لإنقاذ المنظمة من مزيد من التدهور ومنع الانزلاق نحو خدمة مآرب دول لها أجندات سياسية معادية تريد تنفيذها في منطقتنا.
كما دعا صباغ إلى وقف الاتهامات وحملة التحريض المعادية لروسيا وإقامة تعاون عملي شفاف معها وفقاً لأحكام الاتفاقية وتفعيل الحوار الفني والسياسي عبر القنوات الدبلوماسية كسبيل وحيد لكشف ملابسات هذه القضية مشيراً إلى أن سورية ترحب بهذا المجال بدعوة الاتحاد الروسي للأمانة الفنية لإجراء زيارة فنية.
وفيما يخص مشروع القرار المتعلق ببرنامج وميزانية المنظمة لعام 2021 أوضح صباغ أن المشروع ينطوي على مشاغل كثيرة لعدد كبير من الوفود لوجود مسائل تهم العديد من الدول الأطراف وكان ينبغي أخذها بالاعتبار واعتمادها بتوافق الآراء مبيناً أن ما زاد المسألة تعقيداً هو اللجوء إلى وضع كل بنود الميزانية في مشروع قرار شامل على الرغم من الإدراك بوجود بنود خلافية تتصل بتمويل ما يسمى فريق التحقيق وتحديد الهوية منقوص الشرعية من الميزانية العادية واستخدام الفائض النقدي لعام 2018 دون موافقة الدول الأطراف على ذلك هذا إضافة إلى إجراء تخفيضات في تمويل البرامج المتعلقة بالمساعدة الفنية وبناء القدرات للدول النامية على حساب تمويلات إضافية لبرامج أخرى مشيراً إلى أن سورية تدعو جميع الدول الأعضاء إلى التنبه إلى هذه المشاغل الجدية والعمل من أجل استعادة روح التوافق بشأن اعتماد برنامج وميزانية المنظمة لعام 2021.
وختم صباغ بالقول: إن سورية تدعو للتعاون الدولي لمواجهة قيام بعض الدول بفرض قيود على نقل التكنولوجيا العلمية للأغراض السلمية إلى الدول النامية وإخضاعها لعقوبات أحادية غير شرعية اضافة إلى فرض تلك الدول إجراءات قسرية أحادية غير شرعية ضد بعض الدول الأخرى بهدف منعها من تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية لشعوبها ومنعها من استخدام الكيمياء للأغراض السلمية في مخالفة صريحة لأحكام الاتفاقية وللقانون الدولي.