لماذا قام بن سلمان بهذه الخطوة؟
ترجمة: هناء شروف
عن الفاينينشال تايمز
قد يكون الاجتماع شبه السري الذي عقد في شمال غرب المملكة السعودية عقب تأكد فوز جو بايدن بالرئاسة في الولايات المتحدة بين ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأول م نوعه، وربما يكون من السابق لأوانه وصفه بالتاريخي، فقد عقد الملك الأردني حسين 45 اجتماعاً سرياً مع الإسرائيليين على مدى ثلاثة عقود قبل توقيع معاهدة سلام عام 1994.
لقد تجنب نتنياهو التصريح عن وقوع اللقاء، لكنه سمح لحلفائه بتسريب الخبر على الرغم من نفي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لذلك تماماً.
مداعبة محمد محيّرة حتى لو كان ينوي في النهاية الانضمام إلى دول الخليج الأخرى في تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، كان كلا الجانبين خجولاً بشأن المواجهة، لأن التطبيع مع المملكة السعودية سيكون بمثابة انقلاب دبلوماسي ضخم لـ”إسرائيل” في الشرق الأوسط يختلف نوعياً عن اختراقات هذا العام مع الإمارات المتحدة والبحرين والسودان.
المملكة السعودية هي مهد الإسلام وأكبر مصدر للنفط في العالم، وستكون الجائزة الكبرى لـ”إسرائيل”، ولكن من الصعب أن نفهم لماذا قام بن سلمان بهذه الخطوة الآن، بغض النظر عن تصريحاته بأن حكمه يتعلق باحتضان المستقبل، تقول مصادر سعودية: إن بن سلمان الذي كان يشاهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يغرق في استطلاعات الرأي، كان حذراً من لفتة تبدو وكأنها تدعمه في الانتخابات وتتسبب في عداوة إدارة يقودها جو بايدن.
لقد دعا بايدن بالفعل إلى إعادة تقييم تحالف الولايات المتحدة مع المملكة السعودية، ووصف المملكة بأنها “منبوذة” بعد مقتل الكاتب جمال خاشقجي عام 2018 في القنصلية السعودية في اسطنبول من قبل فرقة اغتيال تعتقد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أنها تابعة لبن سلمان، وقد يعني الغموض الدقيق الذي أحاط بالاجتماع أن الرياض تؤجل أية تحركات دبلوماسية أكثر تحديداً حتى يتولى بايدن منصبه، ومع ذلك، تم ترتيب هذا اللقاء وحضره مايك بومبيو وزير خارجية ترامب الذي يُنظر إليه في معسكر بايدن على أنه حريق جيوسياسي أكثر منه دبلوماسي.
بدا بومبيو في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط عازماً على جعل الأمر أكثر صعوبة على بايدن لإحداث تغييرات في السياسة الأمريكية في المنطقة، يريد الرئيس المنتخب العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية مع إيران، والذي انسحب منه ترامب من جانب واحد في عام 2018، كما يريد وقف ضم “إسرائيل” أحادي الجانب للأراضي الفلسطينية الذي أقره ترامب، قد يكون نتنياهو الذي يحاكم بتهم فساد، وربما يواجه انتخابات أخرى العام المقبل، أقل حذراً من صديقه السعودي المتهور.
في عام 2015 دعا الكونغرس الأمريكي بوقاحة إلى منع أو رفض الاتفاق مع إيران، وهو الإنجاز الدبلوماسي المميز للرئيس السابق باراك أوباما، وعليه ترقى خطط بايدن المفترضة للشرق الأوسط حتى الآن إلى عودة مشروطة للسياسات السابقة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر، وبن سلمان، الذي يثير العداء بين الحزبين في الكونغرس، يراهنان بشكل كبير على ترامب، والآن يبدو أنهما يتحدان ضد خليفته، وتضيف مصادر سعودية أن بن سلمان قد يعتقد أن نتنياهو يمكن أن يعمل كمدافع عنه في واشنطن، خاصة من خلال الالتفاف حول البيت الأبيض أمام الكونغرس، لذلك لا شك أن بايدن سيخوض رهاناً محفوفاً بالمخاطر.