موسيقا الزمن الجميل والمعاصر والكلاسيك والحديث في أمسية بدار الأوبرا
لم تكن مقطوعة “ليلة حب” الوحيدة التي استهوت الجمهور في أمسية صولو الأكورديون الكاملة للعازف الأكاديمي وسام الشاعر بمرافقة فرقة قصيد بقيادة المايسترو كمال سكيكر في دار الأوبرا فقط، فكل المقطوعات اتصفت بجمالية وبخصوصية آلة الأكورديون التي كان لها دور خاص في موسيقا الزمن الجميل لاسيما موسيقا محمد عبد الوهاب.
ولم تقتصر الأمسية على العزف المنفرد للأكورديون في مقطوعات ومع مرافقة الفرقة التي ضمت الوتريات والغيتار والبيانو –العازف إياد جناوي– والقانون وبعض الإيقاعيات والقانون في مقطوعات أخرى تتناسب مع أنماط إيقاع الفالس والتانغو فقط، إذ حفلت بالتأليف الموسيقي إضافة إلى جمالية التوزيع الموسيقي للمايسترو كمال سكيكر ليس للمقطوعات الشرقية التي عُزفت فقط، وإنما للمقطوعات الغربية، الأمر الذي كان مفاجأة للجمهور الذي اعتاد على توزيعه الشرقي.
جمعت الأمسية بين موسيقا الزمن الجميل والمعاصر والكلاسيك والحديث، فبدأت بموسيقا الرحابنة و“ناطورة المفاتيح” بتوليفة الفرقة الجماعية واللحن الغنائي للأكورديون، إلى الزمن الجميل والمقدمة الموسيقية لألحان عبد الوهاب في أغنية ليلة حب لأم كلثوم، والتي كان لها وقع خاص على الجمهور، فأخذ الأكورديون اللحن الأساسي الهادئ المتناغم بالتدرجات اللحنية مع التداخلات بالجملة القصيرة للكمانات، وكان للإيقاعيات دور فاصل بين الأكورديون والفرقة ليعود التناغم بين الفرقة والأكورديون الذي تابع اللحن الأساسي.
ومن عبد الوهاب إلى القصبجي وإيقاع الفالس لموسيقا أغنية “أنا قلبي دليلي” لليلى مراد فبدأت بمقدمة للعزفالمنفرد للأكورديون تقسيم على مقام العجم، أظهر فيها الشاعر مهارته باستخدام تقنيات العزف على الأكورديون،ثم تابع مع الفرقة ليأخذ صوت ليلى مراد مع مرافقة خافتة للإيقاعيات في مواضع لتعود الفرقة إلى اللحنالأساسي.
أما في أغنية حرمت أحبك لوردة ألحان صلاح الشرنوبي والإيقاع الراقص فبدأ الشاعر بتقسيم على الأكورديونعلى مقام الحجاز ثم البداية القوية للبيانو والغيتار مع الفرقة.
وعاد الشاعر إلى شفافية اللحن الرقيق في أغنية شايف البحر شو كبير لفيروز بتأثير خاص لاسيما أنه رافقالسيدة فيروز وعزف بفرقتها طيلة سنوات، فبدأت بتقسيم على مقام العجم لآلة القانون والعازف حكم الخالد ثماللحن الغنائي للأكوردين الذي أظهر خصوصية هذه الآلة في موسيقا الرحابنة.
المنعطف بالأمسية كان بمقطوعة مقدمة أوغاريت التي ألّفها الشاعر بمشاركة توزيع للأستاذ مهدي المهدي على إيقاع راقص يتخلله تقاسيم، والملفت أنها تحكي حكاية عبّر عنها اللحن العكسي، إذ بدأت بلحن سريع جداً على إيقاع بريستو للفرقة ثم نغمات البيانو الرقيقة والبطيئة تمهيداً للمقطع الشرقي لآلة القانون ثم الامتداد الوتري مع الفرقة واللحن الأساسي للأكورديون على إيقاع تانغو حديث بمرافقة الفرقة، ثم تقسيم أكورديون إلى أن يتغير المسار اللحني لنغمات البيانو بلحن عكسي فيمهد للفرقة بالإيقاع السريع عكس المقدمة.
كما قدم الشاعر مقطوعة فالس للمؤلف الإسباني –jokin goenaga- بعد تعاونه مع المؤلف الذي أرسل له النوتات، وقام بإعادة صياغة موسيقية للمقطوعة بما يتناسب مع صولو الأكورديون. وتشارك العزف بحوارية مع عازف الغيتار يزن الجاجة بالتناوب اللحني بينهما في مقطوعة -indifference فالس بطيء للمؤلف الفرنسي murena colombo—فبدأت بصولو الأكورديون بمرافقة الغيتار ليتبادل دوره مع الأكورديون وتأتي القفلة الخافتة للأكورديون.
واختار الشاعر مقطوعة من تانغو كلاسيك– توزيع سكيكر – للمؤلف g-ruffolo- الإيطالي ودور البيانو مع الفرقة والأكورديون، وقد أثارت الذاكرة البصرية للجمهور بصور من السينما العالمية ورقصات التانغو بالخطوات المدروسة ولاقت تفاعلاً كبيراً.
واختُتمت الأمسية بمقطوعة flik flak-توزيع سكيكر – للمؤلف a- vossen- البريطاني التي كُتبت لآلة الأكورديون، وكما ذكر الشاعر تعد من أصعب القطع التي كُتبت بنمط سريع جداً.
وعلى هامش الأمسية أعرب وسام الشاعر في حديثه لـ “البعث” عن سعادته بإقامة أمسية صولو مع الفرقة لأول مرة في سورية وأطلق عليها ليلة حب، وأشاد بالتوزيع الغربي لكمال سكيكر الذي أدهشه، وتحدث عن خصوصية مقطوعة أوغاريت المتعلقة بسورية والأبجدية الأولى التي انطلقت إلى العالم منها وحملت الرقم الموسيقي الأول، وتوقف عند لحظة الصمت –السكون– الهامة جداً في المقطوعة.
ومن المعروف أن وسام الشاعر عزف على المسارح العالمية وأبدع بعزف مقطوعات آستور بيازولا.
ملده شويكاني