د.غزوان الزركلي يعود إلى الوطن ويتابع الاحتفاء ببتهوفن
أبهر د.غزوان الزركلي جمهور الأوبرا الكبير بعزفه العمل الطويل “بارتيتا رقم “6 مقام مي مينور الغني بالتقنيات الصعبة والمكثفة للمؤلف باخ -1685-1750، وهي مقطوعة متكاملة تتألف من سبع قطع متسلسلة كمتتالية غنائية، تقترب من سمات مشاهد مسرحية من خلال تنويعاتها وبنائها الدرامي وخاصية كل قطعة من حيث السرعة وأبعاد الصوت، في أمسية العزف المنفرد التي قدمها على مسرح الأوبرا بحضور محبيه وعشاق الموسيقا الكلاسيكية.
وتتألف بارتيتا رقم 6لباخ المتميزة بأبعاد صوتية مختلفة بالتسلسل من “توكاتا التي شدت انتباه الجمهور إلى –ألماندا– كوررينته- أغنية -ساراباندا- غافوت – جيغ” وتميزت بنغماتها البطيئة الرقيقة جداً، في حين عبّرت جيغ عن غنائية راقصة فرحة بإيقاع سريع، وبعد هذا العمل الضخم، انتقل إلى بيتهوفن ومقطوعة سوناتا مصنف 90 من مقام مي مينور– ماجور بحركتين وجاءت بسرعة معتدلة وبغنائية عالية تميزت بسحر بُعد الصوت الثاني للبيانو الخافت تخللتها انعطافات وتغييرات لحنية، ثم عزف سوناتا مصنف 664- للمؤلف شوبرت- مقام لاماجور بثلاث حركات– سريعة باعتدال ثم متهادية ثم سريعة، وثمة إحساس مشترك مع باخ في الحركة الثانية المتهادية الجميلة جداً، ليتغير المسار اللحني بالحركة الثالثة السريعة التي تخللتها وقفات وتميزت بالقفلة القوية.
وكانت مفاجأة الأمسية المقطوعة الشهيرة لموتسارت سوناتا مصنف 310 المؤلفة من ثلاث حركات سريعة احتفالية ثم متهادية غنائية ثم بالغة السرعة، وتفاعل الجمهور أكثر مع هذه المقطوعة للمؤلف القريب من جمهور الأوبرا الذي قدمت مؤلفاته الأوبرالية على مسرح الأوبرا، وبدت سوناتا 310 غنية بالمشاعر العاطفية والوجدانية وبأبعادها الدرامية التي تلاءمت مع السرعة في الحركة الأولى والأكثر في الحركة –بالغة السرعة- و جاءت بنمط لحني سريع جداً ومتلاحق ” بريستو” الحركة التي جعلت جمهور الأوبرا يصفق طويلاً.
وأهدى د.الزركلي جمهوره مقطوعة من تأليفه بعنوان “فالس من سورية” فيها سحر ورومانسية وتعبّر عن حالة عاطفية حالمة تتناسب مع إيقاع الفالس وأبعاد الصوت بسرعة متوسطة، وتعد إبداعاً جديداً يضاف إلى عالم البروفيسور الزركلي بتأليف المقطوعات والكتب.
وتأتي هذه الأمسية بعد عودته إلى الوطن من ألمانيا لمتابعة عمله بالمعهد العالي للموسيقا بالإشراف والتدريس وإنهاء دورة العام بالاحتفاء بالذكرى المئتين والخمسين لميلاد بيتهوفن. وقد ارتأى الزركلي أن ينوّع في برنامج الأمسية وأن لا تقتصر على بيتهوفن بإظهار الحقبة الزمنية التي تطورت فيها الموسيقا الكلاسيكية مع بداية ظهور المدرسة الرومانسية، ووصف باخ أهم عباقرة الموسيقا الكلاسيكية بأنه الأب الموسيقي لهم، لبيتهوفن الذي عمل على تطوير الموسيقا الكلاسيكية وشوبرت الذي أبدع بالرومانسية، وموتسارت والغنائيات الأوبرالية، كلهم عاشوا في مرحلة متقاربة تظهر ملامح الحركة الموسيقية التي أحاطت ببتهوفن.
التركيز على القيم الفنية
ويعمل د.الزركلي على الاهتمام بجيل الشباب الموسيقي الأكاديمي ويرى أننا جميعاً نعيش فترة صعبة، وشيء جميل أن نرى الطلاب يعزفون ونحرص على الاستمرار، لأن بناء الإنسان هو الأساس لدينا، وإعادة البناء لا تتم إلا بالشباب المهيئين والمتعلمين ويتمتعون ببعد أفق للمستقبل، فنحن نعمل على التركيز على الأمور التي تعطي القيم الفنية أكثر من غيرها، والأوبرا دائماً حافلة بالنشاطات وأحرص على تقديم الشق الكلاسيكي وأن يكون أكبر ومقترناً ببرنامج يتضمن معلومات عن المؤلف والمؤلفات لإغناء ثقافة الجمهور الموسيقية، وكل أمسية هي امتحان للعازف وتجربة لها قيمة فنية وإنسانية.
ملده شويكاني