العنف يصل البرلمان التونسي بسبب تصريحات مهينة للمرأة
شهد البرلمان التونسي اليوم الاثنين تبادلاً للعنف بين نواب ائتلاف الكرامة ذي الخلفية الإسلاموية ونواب التيار الديمقراطي المعارض، وذلك في لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة.
وأصيب النائب من التيار الديمقراطي أنور الشاهد بجروح في وجهه نتيجة تعرضه للاعتداء فيما أغمي على النائبة من نفس الحزب سامية عبو، بينما تواصل تبادل الشتائم والسباب في بهو المجلس رغم دعوات التهدئة.
واتهم نواب التيار الديمقراطي ائتلاف الكرامة بممارسة العنف والإرهاب ضدهم وسط حالة من الفوضى عمت بهو البرلمان.
ويأتي تبادل العنف على خلفية تصريحات أطلقها الأسبوع الماضي النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس في البرلمان أثناء جلسة مناقشة ميزانية وزارة المرأة، ووصف من خلالها الأمهات العازبات بأنهن إما أمهات “عاهرات أو مغتصبات” أن ما قمن به هو “جريمة زنا”، وأضاف: “عندما نتكلم عن الضوابط والحياء والحشم يتهموننا بالظلامية والرجعية”، متابعاً “لكن المرأة عندنا كريمة عزيزة جوهرة محفوظة نفيسة، والمرأة عندهم سلعة مكشوفة رخيصة”.
ورفض عدد من النواب حينها الاستماع إلى كلمة النائب العفاس واختاروا الخروج من الجلسة، معتبرين انه يروج لمفاهيم متطرفة ومهينة للمرأة التونسية.
واعتبرت كتل في البرلمان أن تصريح العفاس مهين للمرأة التونسية، وأنه ينطلق من خلفيات تكفيرية وظلامية، داعين إلى احترام مجلة الأحوال الشخصية والدفاع عن الدولة المدنية المضمنة في الدستور.
كما طالبت عدد من المنظمات الوطنية والجمعيات النسوية البرلمان باتخاذ إجراءات عقابية ضد النائب، لكن العفاس كان يصر دائماً على مواقفه رافضاً الاعتذار.
ونددت جمعية النساء الديمقراطيات في بيانها الجمعة بتصريحات النائب العفاس قائلة: “النائب المتطرف متستر بغطاء الدولة المدنية الضامنة للحريات من أجل الترويج لأفكاره الإرهابية وتصورات تياره الرجعية والمنقلبة على الدولة وعلى الدستور”.
واستنكرت الجمعية المدافعة عن حقوق النساء تواطؤ رئيس الجلسة العامة “طارق الفتيتي” الذي لم يقاطع النائب وسمح له بترويج إهاناته للتونسيات تحت قبة المجلس.
وطالبت الجمعية “مكتب المجلس لإصدار موقفه الرسمي في بيان يستنكر فيه هذا الانتهاك الصارخ للدستور وللحقوق والحريات والذي لا يمكن أن يندرج بأية حال من الأحوال تحت غطاء حرية التعبير التي تعلل بها هذا النائب”.
وذكرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بمواقفها السابقة من مجلس النواب الذي انحدر إلى إطار لممارسة لعنف السياسي المستهدف للنساء وللخطاب المتطرف ولكل الممارسات المعادية للحريات وللحقوق بصفة عامة.
ويتهم ائتلاف الكرامة من قبل عدد من الكتل بممارسة العنف السياسي، بل عمدت نقابة الصحفيين وعدد من الهياكل الإعلامية في البلاد إلى مقاطعته بسبب مواقفه التي توصف بأنها متطرفة وتحرض على مؤسسات الدولة التونسية.
كما عرف الائتلاف بمواقفه المتشددة تجاه الاتحاد العام التونسي للشغل ما دفع قيادات في الاتحاد بمطالبة الرئيس قيس سعيد لإقصاء الائتلاف في أي حوار وطني.
واتهم سالم الأبيض النائب عن حركة الشعب المعارضة في كلمة في البرلمان السبت العفاس نفسه بالتورط في تجنيد الشباب التونسي للقتال في سورية، قائلاً: إن هذا النائب أرسل الشباب إلى سورية “خدمة لمصالح المخابرات التركية والأميركية”.
وتثير هذه الصراعات جدلاً واسعاً في تونس، رغم أن الدستور التونسي حسم طبيعة هوية الدولة، وتزامناً مع أزمة اقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد.