الحاسبة تحسب..؟!
قسيم دحدل
ليست هناك أرقام دقيقة لمساحات الأراضي الزراعية القابلة للإنتاج في سورية- على الأقل- في المناطق الخاضعة لسلطة الدولة، خاصة بعد أكثر من تسع سنوات من الأزمة، نظراً لأسباب عدة، منها الزحف العمراني غير المشروع وشبه المشروع وحتى المشروع على مناطق الاستقرار الثلاث الأولى التي تخسر شهرياً الثمين جداً من جسدها الأخضر لصالح الريعي العقاري!.
واقع مؤلم يتناقض مع مفهومنا وإدراكنا لما يعنيه كوننا بلداً زراعياً بامتياز، رغم خطورته وانعكاساته على أمننا الغذائي، وأمننا الصناعي المعتمد في قسم وازن ومؤثر منه على مدخلات الصناعة من المنتجات الزراعية على مختلف المستويات الاستثمارية: العامة والخاصة والريفية.
واقع لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعدى في أذيته لقطاعات أخرى، منها قطاع الكهرباء، حيث لا تنسيق ولا تعاون ولا هم يحزنون ما بين وزارة الإدارة المحلية بكل مكوناتها من الوحدات الإدارية من مدن ومناطق ونواح وقرى، ووزارة الكهرباء ومؤسساتها وشركاتها لناحية الحصول على موافقة الأخيرة حين يتم إعطاء رخص البناء (الرخص الإدارية) في الأولى!.
ولعل ريف دمشق مثال صارخ على ما نسلّط الضوء عليه، إذ يتم منح رخص البناء من دون أية دراسة مرجعية ومعتمدة ومصدقة أصولاً من الجهات ذات العلاقة تراعي احتياجات التوسع العمراني الذي شهدنا تغوّله بشكل غير مشروع على مرأى ومسمع الكل!.
فهل يعقل أن يُطالب بالتخديم الكهربائي لمنطقة ظهرت فيها مجموعة من الأبنية الطابقية الكبيرة خلال شهر واحد، ولا يوجد مكان لوضع مركز تحويل- مثلاً- ليُصار بعد ذلك إلى فتح “بازار” مع أصحاب تلك الأبنية لتأمين المكان المناسب غير المتوفر مطلقاً حتى فيما يسمى الوجائب التي تم قضمها أصلاً!.
هذا الواقع المؤسف هو من يُشرّع أبواب التعدي على الشبكات الكهربائية، وإلى الاستجرار غير المشروع، وبالتالي استدامة التيار ووثوقيته وشدته، وصولاً إلى التحامل في الأحمال على محطات التوليد التي تجد نفسها أمام تحدي تأمين الطلب المتزايد على الطاقة من دون أي تخطيط وتنفيذ، ما يؤدي إلى ما نحن فيه من معاناة التقنين الجائر، والانقطاعات المتكررة، وتخريب المنظومة الكهربائية وشبكاتها الذي تتبعه سلسلة من الخسارات المالية الكبيرة نتيجة لتكرر الاستبدال والتجديد والإصلاح والصيانة لمفردات الشبكة الكهربائية (محطات تحويل ومراكز تحويل ومولدات وكابلات وقواطع ومنصهرات.. إلخ)، وهكذا دواليك، مشكلة تُولّد مشكلة، وصفقة تولّد صفقة، والحاسبة تحسب، وفاتورة التكاليف تتراكم ككرة الثلج، ولا أحد يحرك ساكناً؟!.