“ودخلنا في زمان الهرولة”.. محاضرة سياسية في دمشق
دمشق- ريناس إبراهيم:
أقيمت محاضرة سياسية بعنوان “الهرولة نحو التطبيع” في المركز الثقافي بدمشق، ناقش خلالها الباحث والأستاذ الجامعي إبراهيم علوش الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتطبيع بعض الأنظمة العربية مع العدو الصهيوني، واستهل المحاضرة بعرض برومو قصير يتضمن أبيات شعرية للشاعر نزار قباني: “ودخلنا في زمان الهرولة.. وانتهى العرس ولم تحضر فلسطين”، وأدار الحوار المحامي محمود مرعي أمين عام الجبهة الديمقراطية السورية.
وبدأ علوش حديثه بالقول: “قد يبدو الحديث عن التطبيع نوع من الرفاهيات في ظل أزمة خانقة تمر بها سورية ولكن هذا ليس صحيحاً، حيث إن سورية بوقوفها إلى جانب فلسطين إنما هي تحافظ على ذاتها ووجودها وسيادتها، وإن هدف الاستعمار هو زرع الفتن والخلافات كي ينشغل كل منا بنفسه بعيداً عن مشروع التمدد الصهيوني”، وتطرق إلى المنهجية التي يتبناها السيد الرئيس بشار الأسد في التعامل مع العدو الصهيوني وعنوانها العريض رفض أي تسويات وعدم التنازل عن الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني.
كما عرّف علوش مفهوم التطبيع، قائلاً: “إنه جعل ما هو غير طبيعي طبيعياً”، كما عرف النظام الرسمي العربي بأنه “المنظومة القطرية التي أسسها الاستعمار قبل خروجه من الوطن العربي، والجامعة العربية مهمتها الحفاظ على تلك التجزئة القطرية، لذا فهي لا تمثل العروبة والعرب، وإنما يسيطر عليها البترودولار والبتروغاز ويسيرها كما شاء”.
وطرح علوش سؤالاً حول مقاومة التطبيع، ليبين بأن السبيل الوحيد هو النهوض القومي ومحاولة بناء مشروع عربي مشترك، وبأقل ما يمكن هو مواصلة وضع اسم “إسرائيل” بين مزدوجتين لعدم الاعتراف.
ثم ألقى على مسامع الحضور العديد من الأخبار حول تبعات التطبيع مع العدو ما بين لقاءات علنية وسرية وتبادلات واتفاقات تجارية وغيرها وتبادل وفود، وعبر بالقول: “ما يجري ليس جديداً أو مفاجئاً، فالتطبيع الإماراتي بدأ منذ سنوات وكذلك البحريني والقطري”، كما استعاد من الذاكرة “المرحلة الساداتية” والتي تضمنت الانقضاض على الإرث المقاوم والتحول إلى التبعية وطرح مفاهيم تهيئ للسلام مع العدو الصهيوني، إذ كان لا بد من التمهيد لكامب ديفيد”.
في الوقت ذاته، حمّل منظمة التحرير الفلسطينية المسؤولية، إذ إن طرح مصطلح السلطة الوطنية وتفاهمات إقامة دولة فلسطينية تعني الانتقال من التحرير إلى إقامة سلطة ودولة، مشيراً إلى أن ذلك لا يلغي أو ينفي أياً من تضحيات الفصائل جميعها، لكن إن كان الخط والموقف السياسي غير سليم فإنه لن يثمر أي نتائج وانتصارات. كما أكد أن طرح جملة “منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين” كان بمثابة إعفاء للنظام الرسمي العربي من المسؤولية تجاه القضية، وأضاف: “إنه مع هرولة العديد من الأنظمة إلى التطبيع، لم يعد الخلاف حول صحة التطبيع أو مشروعيته، وإنما سيغدو خلافاً بين المطبعين حول شروط التطبيع والتنازلات”.
وشدد علوش على أن الاستعمار وعملاءه يحاولون شيطنة الوجود الإيراني ويزعمون أن إيران تشكل خطراً وأن هدفهم هو “إيقاف تمدد إيران”، معرجاً على أكذوبة “الربيع العربي” الذي جاء ليهمش القضية الفلسطينية وليدمر دول عربية أو يشلها من خلال الفتن.
وعن سبل المواجهة، قال علوش: “إن هناك استراتيجيتان دفاعية بالمقاومة، وهجومية بالنهوض القومي والوحدة”، مختتماً حديثه بالقول: “لا يمكن أن تقوم لنا قائمة من دون مشروع قومي”.
حضر الندوة العديد من الشخصيات من عدة فصائل فلسطينية وكان لافتاً حضور العديد من الشباب المهتمين الذين قدموا مداخلاتهم وأكدوا وعيهم للعبة الاحتلال ومخططاته، وإلى أنهم يقظون لحرب المصطلحات التي يشنّها العدو، فيما طرح أحد المداخلين سؤالاً: “ألا يوجد في سورية أناس غير وطنيين يضعون التطبيع بمقارنة حل الأزمات المعيشية الخانقة فيروّجون لتقبل التطبيع؟”، ليجيب علوش: “إن وجود هؤلاء صحيح ومؤكد، لكن التيار الرئيس في الشارع هو التيار الرافض للتطبيع بشكل قاطع”.