قراءة في المجموعة الشعرية “يوم احتراق الذاكرة”
العنوان وحده يأخذك لعالم التساؤلات والذكريات، لوطن ممزوج برائحة الحياة لكل الذكريات المخبأة تحت وسادة الأيام. الشاعرة لينا حمدان اختارت ولادة جديدة من خلال قصائدها التي تضج بابتهالات الحنين وظلال العمر المثقل بصدى الذكريات العابقة برحيق الإنسان فصار العمر أخرس.. هكذا قالت الشاعرة في قصيدتها “هل ضيع الينبوع ماؤه؟! ويسجد موعد… وتطل آلاف الملامح في المدى لكن أعود إلى السكون”، جاءت قصائدها بروح تفتح ذراعيها للضوء رغم إشارات الاستفهام ووجع الأيام، دخلت بكل تفاصيل الروح فكانت لغتها منسابة وحروفها منسجمة وإحساسها يتأرجح كومضة البرق بين الوجود والعدم، فمن يقرأ سطورها يسترسل ويسافر ويتأمل ويتألم ويقف حائراً أمام صدمة الواقع الذي يستعير اللهاث ويبحث عن عناق للسماء وفي قصيدة “لوحة من ضباب” تقول الشاعرة: مثلنا ياوطن/ صارخ فيك هذا الغياب/ صامت مغلق… مقلق الدرب مابين هم التراب وبين الندى/ في ضمير السراب/ موجع.. كلما ارتاح حزن الليالي.. يرجع خوف الوجود/ من العظم حتى احتراق السحاب/ مرهق… وهج هذا الحنين المعتق فينا. هو الوطن نسيم الروح ووصية التلاقي بأرض الزيتون ورائحة الياسمين وعلى كتف العابرين تأتيك خربشات على حواف الذاكرة لتقول:
ورأيت وجهك يسترد الوهج في همس الحنين المخملي/ ولمحت في ذكرى حضورك لهفة… واللون أشرق في رحيق أناملي/ لتعبر بنا إلى حكايات المساء وحنين الغياب/ ليرتد الخجل وجع الحكاية في الظلام لتقول في قصيدة “لمن تكتبين”: لمن تكتبين!؟/ وقد أغرق الثلج وجه السطور التي تقصدين/ وقد أضمر الصمت في أضلع الحرف جمرا/ وما أطبق الحزن صدر المساء/ ولا أطلق القلب اسم السجين.
ومن النثرات الوجدانية كتبت الشاعرة لينا ومر… في الخاطر لتأتي الحروف متناغمة وموسيقاها ترانيم مخملية لتقول فيها:
لا أملك لك شيئا… كما.. لا تملك لي شيئا/ يكفينا أن مررنا معاً على ساقية كانت تسكب النور/ فتوضأنا بطهرها.. ذات مساء.
وفي مقطع آخر تقول: لو تعرف كم أنتمي إليك أيها الوطن.. لصحوت من قهرك… ورتبت أوراقك من جديد… وضممت حزني ليصبح شجرا… وأمطرتني اخضرارا… ومضينا معا… فمن حبنا تشرق الحياة… بلا انتهاء.
المجموعة الشعرية (يوم احتراق الذاكرة) رائعة المعاني والأفكار وقد وظفت الشاعرة الكلمات بطريقة أدبية مترافقة مع الخيال الجمالي والواقعي مجموعة تستحق القراءة.
هويدا محمد مصطفى