أزمة المناخ.. إلى أين؟
ترجمة: هناء شروف
عن الإندبندنت
يبدو أن الأمل في وقف أزمة المناخ في الآونة الأخيرة شبه معدوم، فالتصور المسبق بأن حالة الطوارئ المناخية يمكن معالجتها ببساطة عن طريق عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس وتنفيذ خطة بايدن المناخية الطموحة أمر مضلل للغاية.
لقد وصل ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات قياسية على الرغم من عمليات الإغلاق العالمية التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا، وإن حجم العمل لخفض الانبعاثات أبعد ما يكون عن المطلوب لتجنب أسوأ آثار حالة الطوارئ المناخية.
في حين أنه لا يمكن التقليل من أهمية مشاركة الإدارة الأمريكية الجديدة والالتزام بمعايير المناخ الدولية، ولا يمكن المبالغة في تقدير عواقب تجاهلها للمعاهدات الدولية لمدة أربع سنوات، لأن بايدن لن ينقذ الكوكب، ولأن الولايات المتحدة هي أكبر منتج لغازات الاحتباس الحراري للفرد الواحد، لذلك لا تستطيع وحدها قلب المسار في أزمة المناخ.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المعاهدات الحالية المعمول بها ليست طموحة بما يكفي. مثلاً أهداف اتفاقية باريس التي هي الحد الأدنى، يتفق معظم الخبراء على أنها لن تكون كافية لمنع متوسط درجة الحرارة العالمية من الارتفاع بمقدار 1.5 درجة مئوية. وهنا يقول السير روبرت واتسون الرئيس السابق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: “تحتاج البلدان إلى مضاعفة ثلاث مرات التزامات التخفيض لعام 2030 حتى تتماشى مع هدف باريس”.
في العام الماضي أعطت الحكومات في جميع أنحاء العالم الأولوية لمكافحة الفيروس، وتخلت – عن قصد أو بغير قصد – عن العديد من التزاماتها تجاه المناخ. وبهذا المجال أشار تقرير الشفافية المناخية إلى أن الهند هي الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف انبعاثاتها.
نحن بحاجة إلى تحديد أهداف جذرية وطموحة، لأن الحقيقة غير المريحة هي أن الناس في العالم بحاجة إلى التوقف عن التطلع إلى بلد أو زعيم واحد لحل أزمة المناخ. من هنا إن أزمة المناخ هي المثال المثالي على أن حياة مترابطة في جميع أنحاء العالم، وأن هناك حاجة إلى إجراءات جذرية جماعية ومنسقة. حتى رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي أكد على ذلك إذ قال: “يجب محاربة تغير المناخ ليس في صوامع، ولكن بطريقة متكاملة وشاملة وكاملة”.
كان من المتوقع أن يتفق قادة العالم على “المادة 6” الأساسية والمحورية من اتفاقية باريس في مؤتمر الأمم المتحدة الـ 25 للمناخ في عام 2019 وهي قواعد أسواق الكربون وأشكال أخرى من التعاون الدولي، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن هذه المسألة وتم تأجيل المحادثات الرئيسية إلى المؤتمر الـ26، الذي كان من المقرر عقده في عام 2020.
حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قال: “في مؤتمر المناخ الـ 25 فقد المجتمع الدولي فرصة مهمة لإظهار الطموح المتزايد بشأن التخفيف والتكيف والتمويل لمعالجة أزمة المناخ”. وعليه لم ينعقد المؤتمر هذا العام لأن جائحة Covid-19 جعلت من الصعب الالتقاء شخصياً، ويبدو أن قادة العالم لم يتمكنوا من معرفة كيفية الاجتماع على “الاونلاين” لوقف أزمة المناخ.
صحيح أن الحكومات بطيئة بشكل ملحوظ في التعاون إلا أن الوقت جوهري، حيث يمكن للناس من جميع أنحاء العالم أن يأخذوا زمام المبادرة ويجب عليهم ذلك. والخبر السار هو أن هناك حالياً العديد من المبادرات الملهمة حول العالم من الأشخاص الذين يجتمعون معاً لوقف حالة الطوارئ المناخية. هناك أمل من الإضرابات المناخية أو المنصات التعليمية إلى “”Green December وهو الشهر الذي يتخذ فيه الآلاف من النشطاء من جميع أنحاء العالم إجراءات فردية منسقة لمواجهة أزمة المناخ .
لقد أظهرت شعوب العالم عدة مرات استعدادها لاتخاذ إجراءات تتجاوز الاختلافات الثقافية والحدود والمصالح السياسية. لذلك يجب على قادة العالم، بما في ذلك الإدارة الأمريكية الجديدة أن تحذوا حذوهم وأن يتعاونوا عبر الحدود لإعادة المناخ إلى قمة جدول الأعمال العالمي ووقف أزمة المناخ مرة واحدة وإلى الأبد.