الاحتفاء بمئوية نصير شورى في أيام الفن التشكيلي
احتفى الفنانون التشكيليون بالذكرى المئوية لولادة الفنان نصير شورى رائد المدرسة الانطباعية والتجديد الزخرفي، الذي استهوته البيئة الدمشقية والطبيعة ولُقب بموسيقي الأجساد وشاعر اللون، في احتفالية أيام الفن التشكيلي السوري للموسم الثالث تحت شعار “ويستمر الإبداع” في دار الأوبرا، فتكاملت اللوحة مع الموسيقا بمشهدية تشكيلية موسيقية بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله، لاسيما أن نصير شورى عازف أكورديون.
واستحضرت وزيرة الثقافة د.لبانة مشوح جذور هذا الفن الجميل الممتدة إلى ما قبل التاريخ الماثلة على الأرض السورية “وإذا كانت عين فناننا قد نقشت على جدران الكهوف قبل الميلاد بقرون عدة، فهذا دليل لا يرقى إليه شك على أننا صناع حضارة، لا بل هو دليل على أن التصوير سابق للحضارة ويكاد يكون من العناصر الأساسية المؤسسة لها” وركزت د.مشوح على تميز الفن التشكيلي السوري بثراء تجاربه وأسمائه وبوفرة الاتجاهات وهذا يعود إلى سياسة الدولة التي لم تضع أي قيود أمام حرية الفنان وخياراته الإبداعية ولم تدعم اتجاهاً دون سواه، وكانت وستبقى الحاضن لكل التجارب”.
وأوضحت بأنه ضمن هذا الموسم يتم الاحتفاء بالذكرى المئوية لولادة الفنان الرائد نصير شورى، وهذا الاحتفاء لا يقتصر على مئويته ولا على تجربته الإبداعية فقط بل يشمل جيل نصير شورى، سواء وصفناه بجيل الحداثة أو بجيل الرواد الثاني، فهو الجيل الذي صنع هوية الفن التشكيلي السوري الحديث باستلهامه تراثنا الإبداعي الثري، ودعت الفنانين الشباب لأن يتبنوا النهج لا أن يقلدوا الأسلوب، فالفن الذي يحمل رسالة يحتاج كي يضع قدمه على طريق الإبداع إلى ثقافة عميقة وإدراك معرفي وإلا تحوّل إلى صنعة أو حرفة ليس إلا.
ثم وزعت د. مشوح مع مدير مديرية الفنون الجميلة في الوزارة عماد كسحوت شهادات التكريم للناقد طارق الشريف والفنان علي الصابوني، وجورج جنورة، والفنانة المصرية شلبية إبراهيم عاشقة النيل، ومحمد غنوم، وإدوار شهدا، وعلي مقوص.
حكاية لوحة
وقدمت الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله مجموعة مقطوعات للموسيقا الآلية والغنائية، منها موشح “ما احتيالي يارفاقي في غزال علم الغصن” ثم وصلة من التراث السوري، منها “آه يا حلو” التي سُبقت بصولو القانون، و”أول عشرة محبوبي”، والألحان الإيقاعية بـ”ليمونة عل الليمونة” وصولو الناي الذي سبق “يلي عليك كل الدلال” والأجمل الفيروزيات وفواصل الأكورديون في “علموني حبك” والتصاعد اللحني في الأغنية القريبة من القلوب “كان عنا طاحون” و”ياماريا”.
وقدم عدنان فتح الله مقطوعة خاصة من تأليفه مهداة إلى نصير شورى اسمها “حكاية لوحة” أفرد فيها مساحة كبيرة للانسيابات الوترية تتناغم مع روح الانطباعية عند نصير شورى مع تكامل آلات الفرقة والأكورديون والتيمباني والطبول الكبيرة، ومثلت البدايات الإيقاعية انتقالات لحنية تمضي مع مراحل تطور اللوحة، وجاءت القفلة المدهشة بتدرج الوتريات. وعلى وقع متتالية صور الخلفية السينمائية لنهر بردى وشوارع دمشق عزفت الفرقة وغنى الكورال رائعة فيروز “وطني”. كما ازدانت جدران صالة بهو الأوبرا بلوحات من مقتنيات وزارة الثقافة لأساتذة الفن التشكيلي السوري، وأفرد معرض خاص لأعمال نصير شورى.
الإبداع التشكيلي لم يتوقف
على هامش الاحتفالية تحدث النحات عماد كسحوت عن إبداع الفنانين المستمر والذي لم يتوقف طيلة سنوات الحرب وخلال جائحة كورونا، وأهمية تزامن أيام الفن التشكيلي السوري مع مئوية ولادة الفنان الكبير نصير شورى، وعن ظاهرة تكريم الفنانين والمعارض المنوعة المرافقة لأيام التشكيل السوري بالصالات الرسمية والخاصة في كل محافظات سورية من مقتنيات، إضافة إلى ورشات عمل ومسابقة في قلعة دمشق دعماً للفنانين الشباب، وعن مشاركة كل مديريات وزارة الثقافة بهذه الاحتفالية الهامة.
وجوه الأزمة
وأوضح الفنان عصام درويش أن المعارض الهامة المرافقة لأيام التشكيل السوري تظهر أهمية التشكيل السوري، وأشار إلى وجوه الأزمة التي برزت في أعمال بعض الفنانين السوريين. كما تحدث د.إحسان عنتابي عن العلاقة الوجدانية الودية التي ربطته بالفنان نصير شورى الذي كان يقوّم أعماله ضمن اختصاصه بالعمارة الداخلية، ونوّه إلى لمسته الخاصة بالضوء.
حالة فرح
ويرى الفنان بشير بشير أن هذه الاحتفالية من أهم الفعاليات التي تقوم بها وزارة الثقافة لما تحمل من حالات إبداعية وتكريم للفنانين، وتعبّر عن حالة فرح قادمة للحالة الثقافية، وتقاطع رأيه مع الفنانة نهى جبارة التي أضافت بأنها جمعت بين الخاص والعام لتكون حالة فرح لا تقتصر على معرضي الخريف والربيع، فمعارض المقتنيات لرواد الحركة التشكيلية هامة جداً لأننا لا نتابع الأعمال بالصور فقط، وإنما على أرض الواقع وهذا يدعو إلى إقبال المهتمين لرؤية أجمل اللوحات المختارة من قبل وزارة الثقافة لأساتذتنا.
تشاركية الصالات الرسمية والخاصة
وأشارت السيدة غادة سليمان مديرة خان أسعد باشا إلى احتضان الخان معرض الخريف ضمن فعاليات أيام الفن السوري، فتتكامل فنون العمارة الداخلية والطراز المعماري الرفيع والنقوش والزخارف في هذا الصرح التاريخي مع جمالية اللوحات.
وتزامناً مع أيام التشكيل السوري شارك الفنان فداء منصور بمعرض منفرد في صالة أدونيا بموضوعات مستلهمة من التراث الريفي السوري بعنوان ذاكرة ضمن مشروعه الدائري، وتابع عن أهمية هذه الاحتفالية التي أثبتت لكل العالم أن الإبداع في سورية لا يتوقف رغم كل شيء، والتي أضافت إلى سورية الثبات والمحبة.
أيضاً شارك الفنان فادي مرابط بمعرض فردي في صالة مشوار بعنوان ثلاثية المخاض البقاء الولادة، بتقنيات غرافيكية ذات سمات تصويرية وتناول تداعيات الأزمة في سورية وآثارها السلبية على الحالة الاقتصادية لدى المواطن السوري، وتابع بأن للصالات الخاصة دوراً كبيراً بنشر الوعي الفني التشكيلي في سورية وخروج عن الحالة التقليدية وتشكّل دعماً لتطوير الفن التشكيلي.
ملده شويكاني