اقتصادصحيفة البعث

النسب المضللة..!

لا تعبّر النسب المئوية التي يستخدمها المنظّرون ومكاتب الدراسات عن الواقع كما هو.!

تفيد هذه النسب في الدراسات والمقارنات بين الأعوام، أو بين مجتمع وآخر، لكنها تبقى نظرية لا تمت للواقع بأية صلة.!

فمثلاً يجري التركيز دائماً على نسبة حصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي، ويتم تجاهل من يستأثر بهذا الدخل فعلياً لا نظرياً!.. وتطالعنا بين الحين والآخر حصة الفرد سنوياً من مادة هي بالأصل نادرة كالسمك.!

آخر هذه الإحصائيات حول السمك أتت من المركز الوطني للسياسات الزراعية التي خلصت إلى معلومة تقول: إن استهلاك الفرد من السمك أقل من كيلوغرام سنوياً، وإذا عدنا إلى أي عقد من الزمن الماضي، سواء البعيد أو القريب، سنكتشف بسهولة أن هذه الحصة لم تتغير.!

الأهم أن محاولات تطوير إنتاجنا من الثروة السمكية لم تسفر عن أية نتيجة بسبب الصيد الجائر من جهة، ولأن بحرنا فقير بالأسماك أصلاً خلافاً لمناطق بحرية في دول أخرى، ومع ذلك فإن المطاعم الفاخرة أو المتخصصة بتقديم وجبات السمك تحظى بإقبال من المقتدرين مالياً إلى درجة يمكن فيها القول: إن الواحد منهم لا يكتفي بأقل من عشرين كيلوغراماً سنوياً.!!

ومهما ازدادت كمية السمك المنتج محلياً أو المستورد، فسيبقى عصياً على ملايين المواطنين بفعل سعره الباهظ جداً، مقارنة بدخل بالكاد لا يقوى صاحبه على شراء الفواكه في عز موسمها، فما بالنا بالسلع النادرة.!

ولكي لا نبقى في إطار أكلة فاخرة، لنأخذ مثالاً آخر عن مادة تفيض عن حاجة السوق نظرياً، ونعني بها الحمضيات.!

إنتاجنا لا يقل عن مليون طن سنوياً، وبلعبة الحصص فإن حصة الفرد الواحد 50 كيلوغراماً، بما فيها الليمون الحامض الذي يدخل في الكثير من الأكلات، أي بحدود كيلوغرام أسبوعياً!

وإذا استبعدنا ما تستهلكه الفنادق والمطاعم من الإنتاج، فإن حصة الفرد بالكاد تصل إلى كيلوغرام شهرياً!

ومع ذلك يعاني الفلاح سنوياً من تصريف محصوله، ويتكبد معظمهم الخسائر، لأن دخل ملايين المواطنين لا يتيح لهم شراء الحمضيات حتى في عز موسمها، وبالمقابل فإن هذه المادة لا تخلو من موائد المقتدرين على مدار العام.!

وما يلفتنا أن أصحاب “بيك آبات” باعة الفواكه والأسماك يجولون في الأحياء الحديثة وبالكاد يجدون الزبائن.!

وأكثر من يستمرىء لعبة النسب الشركات الصناعية العامة، ومعظمها يعلن أنه نفذ أكثر من 100% من خططه الإنتاجية، فهل هذا معقول؟.

هو صادق لأنه عندما يضع خطة لا تتجاوز 20% من الطاقة المتاحة، كأن تكون 100 طن، فإنه سيعلن عن تنفيذ 200% من الخطة عندما ينتج 200 طن.!!

علي عبود