المرأة العاملة.. أعباء إضافية ومعادلة حياتية صعبة التحقيق!
تحمل طفلها وحقيبة أغراضه الشخصية، وتركض لتحجز مكاناً لها في الميكروباص متوجهة لعملها، ليبدأ نهار روتيني من السادسة صباحاً بتجهيز الفطور لأولادها قبل ذهابهم إلى المدرسة، وينتهي بحلول الليل بعد قيامها بواجباتها المنزلية وتدريس أبنائها، هذا هو البرنامج اليومي لحياة سهير التي تحاول جاهدة الموازنة بين دورها كأم لثلاثة أطفال وكونها موظفة عليها الكثير من الواجبات والالتزامات الوظيفية، طبعاً الظروف الصعبة تمنع “سهير” كغيرها من الأمهات العاملات من ترك العمل والتفرغ للمنزل، فماهي الحلول أمام المرأة العاملة؟ وكيف يمكن أن تستمر مع صعوبة تحقيق تلك المهام؟.
هم الأبناء
قد تكون الظروف المعيشية الصعبة، لاسيما خلال سنوات الحرب، دفعت بالكثير من النساء للبحث عن العمل، سواء بقطاعات خاصة، أو بوظائف حكومية طال انتظار مسابقاتها، لتقع المرأة بين نارين: نار المنزل وابتعادها عن أطفالها، وحاجة البيت والأطفال، خاصة إذا كان الرجل موظفاً عادياً أو غير متعاون أو حتى متوفى، لتزيد مهام الأنثى وتغدو أباً وأماً وعائلة وكل شيء، لتتحول معظم النساء لرجال في هذه الظروف الصعبة، أغلب النساء اللواتي التقتهم “البعث” كان لهن الهم نفسه وهو الأولاد، فهن يتركن أولادهن عند أحد النسوة ويتجهن للعمل لتعود الواحدة منهن آخر النهار منهكة لا تقوى على الحراك، فمطالب الأولاد كثيرة والحياة لا ترحم، ليقع الأطفال ضحية عمل الأم، أما الهموم الأخرى فكانت كما تحدثت هي بكيفية تحقيق التوازن بين البيت والوظيفة، وهي مهمة صعبة، خاصة إذا كان الرجل غير متعاون، أو يقضي أياماً خارج المنزل- بحسب العمل- هنا تضطر المرأة لتكون حديدية قادرة على متابعة أصغر وأكبر التفاصيل في حياة الأبناء من جهة، ولديها الجلد لأداء مهامها خارج البيت، وواجبات الطبخ والغسيل وتدريس الأبناء واحتضانهم آخر الليل من جهة أخرى، علاوة على ذلك فإن العديد من الموظفات تحدثن عن مشاكل العمل والمضايقات التي يتعرّضن لها، وكيف يتوجب عليهن نسيان مشكلات الدوام بدلاً من إلقائها على الأبناء والبيت بشكل يولّد حالة من الاضطراب في المنزل، ونفوراً، وتباعداً أسرياً.
مساندة المجتمع
من الغريب بمكان أن أغلب المشاهدات تؤكد أن معظم المطلقات هن موظفات أو ناجحات في الحياة، وبالحديث مع بعضهن يتبيّن أن من تجلس بجانب أبنائها وتعزف عن الوظيفة أكثر سعادة- رغم صعوبة الحياة- من التي تترك بيتها لـ 8 ساعات وأكثر وتتجه منه وإليه للعمل، الخبيرة الاجتماعية هيام عبده بيّنت أن عمل المرأة ضروري لإثبات ذاتها قبل كل شيء، وكسب مكانة اجتماعية لها ولأبنائها بالدرجة الثانية، فهي تدرس وتتعلّم لهذه الغاية، والمرأة المتعلّمة والمتحدثة والقادرة على إدارة شؤون بيتها بذكاء أفضل بكثير من التي تعكف على نفسها وتتفرغ لشؤونها البيتية وكأنها خلقت لتكون متاعاً فقط أو آلة، فالمرأة كتلة أحاسيس ومشاعر، وبوجود رجل متعاون ومتفهم في المنزل تستطيع المرأة أن تحقق المستحيل، وأشارت عبده إلى أن المرأة الناجحة في العمل هي الأكثر قدرة على إدارة بيتها، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة لا يمكن للمرأة العاملة ترك عملها والجلوس في البيت، ولكن على المجتمع مساعدة المرأة الموظفة والنظر لوضعها كتخفيف ساعات العمل بما يتناسب مع ساعات المدرسة، خاصة أن أغلب وظائف الدولة لا تحتاج لجهد كبير، إضافة لتمديد أمومة المرأة بحيث يستطيع صغيرها الابتعاد عن أمه لبضع ساعات، ولا ريب إن قامت الحكومة بمنح المرأة التي لديها أطفال أقل من ثلاث سنوات مبلغاً إضافياً يتوازن مع ما تتكبده المرأة لقاء وضع صغارها عند نساء يتقاضين أجراً مرتفعاً، وتختم الخبيرة الاجتماعية قولها: ربما بهذه الالتفاتات الصغيرة نساعد الأم الموظفة على تحقيق مهامها، والتخفيف عنها، لاسيما إذا عرفنا أن أغلبهن أرامل أو زوجات لرجال يحاربون على الجبهات، ويغيبون لأشهر عن منازلهم.
نجوى عيدة