تحت قناع ماكرون
ترجمة: هيفاء علي
أثار القانون الجديد الذي أطلقته الحكومة الفرنسية بطلب من ماكرون، حول حظر تصوير رجال الشرطة أثناء سير عملهم، موجة استياء وغضب عارمين في الشارع الفرنسي بكل مكوناته وأطيافه. وها هو الصحفي غي تشابولي يعرب عن امتعاضه من سلوكيات الشرطة حيث يصاب بالقشعريرة عند مشاهدة العنف الذي يمارسونه بدعوى حفظ النظام كما لو أن هذا الشر مستوطن.
ويقول الصحفي تشابولي: لقد أعيد إطلاق النقاش حول العنف في الشارع على أجهزة التلفزيون والصحف، وهو ما وضع مجلس الأمة عند مفترق طرق، كونها قضية تتعلق بالمادة 24 من قانون الأمن العام الذي يخطط لمعاقبة كل من يقوم ببث الصور أو الأفلام عن الشرطة، ما يعتبر اعتداء آخر على حرية التعبير وحرية الإعلام. لافتاً إلى أن هناك من يتحدث عن وجود أزمة في القيادة وأنه من الضرورة بمكان تدريب رجال الشرطة بطريقة مختلفة ليكونوا “مدافعين حقيقيين عن الديمقراطية” بحسب زعم السلطات الفرنسية.
ومع ذلك، خلال هذا الوقت، أعلن إيمانويل ماكرون أنه يجب ألا ننسى الإصلاحات التي يصر عليها، ولا سيما تلك المتعلقة بالمعاشات، ولكن خلال هذا الوقت، نسي ماكرون معظم وعوده مثل تلك المتعلقة بإنهاء استخدام مادة “الغليفوسات” هذا المبيد الحشري الذي يسمم الزراعة و الصحة. وبعد ذلك يتوجه الصحفي بكلامه للشارع الفرنسي ناصحاً إياه بقراءة كتاب L’invers du décor وهو كتاب لجان بيير جوييه، الوزير السابق لنيكولا ساركوزي، والصديق المقرب لفرانسوا هولاند، ومعلم إيمانويل ماكرون، حيث يركز الكاتب على التوجهات “اليمينية” و “الليبرالية المتطرفة”.
ويتابع الصحفي كلامه: بالنسبة لي، لا يمتلك إيمانويل ماكرون قوة في الكلام، لأن كلماته تفقد وزنها، وهو نفسه يبدو انه لا يصدق ما يقول أو ما يقرأ. لدي انطباع بأن كل المشاعر يتم تصفيتها بمصفاة خاصة في كل مكان من الرضا والاكتفاء الذاتي. حقيقةً، لا أعرف ما الذي يضيء ، لكني أرى على الشاشة الوجه المنقرض للشخص الذي يقول إنه يريد حمايتنا ويفكر في شيء آخر. كيف لي أن أصدق وأتبع رجلاً يعلن أن القناع واجب لحمايتنا وأن من يمتنع عن ارتدائه سيكون عرضة للغرامة، وفي نهاية الخطاب يخبرنا أن اللقاح لن يكون إجبارياً!. ما هذا الهذيان؟. من يريد أن يرضي؟. أليست هذه لفتة غير مسؤولة؟. أليس هذا من إفرازاته العجيبة للناس الذين قد يتساءلون عن مصداقية هذا الرجل الذي يريد أن يحمينا، ولماذا هذا القرار بدون تعليق؟. وماذا عن الافتتاح المفاجئ للشركات التي اقتحمها عملاء مقنعون؟. وماذا عن افتتاح دور العبادة وليس دور الثقافة؟. فأين الحقيقة في كل هذا؟.
إن فكرته عن الصحة ليست مجرد مسألة بيولوجيا، إذ كيف سيتم إنقاذ الرجال والنساء الذين سيتم إغراقهم في فراغ اجتماعي عشية الحجر الثاني. يقول الكاتب: “حضرت مع زوجتي مسرحية لمارسيل بانيول في مسرح جيد التجهيز في مدينة تولوز، مرتدياً القناع احتراماً لإيماءات الحاجز و متطلبات الأمان الأخرى. الممثلين غير المقنعين جعلونا نضحك ونبكي بلا حدود، وسؤالي هو كم عدد الأشخاص الذين سقطوا ضحية الفيروس في تلك الليلة، في مكان الحفلة هذا؟. أنا أطرح فقط الأسئلة التي تظل بدون إجابة.
ويختم الصحفي بالقول: بالنسبة لـ إيمانويل ماكرون ومستشاريه، أرى أن الأشياء التي يفهمونها هي الأشياء الوحيدة التي يجب فهمها. لذلك أجد نفسي أمام مشهد غريب لأشخاص، غير قادرين على الرؤية، أو قادرين على منعنا من الرؤية، يعلمون الجميع الطريقة الأكثر فعالية للإصابة بالعمى. ومع ذلك، فإن الحقيقة معقدة للغاية بحيث لا يمكن الاكتفاء بها بخطوط بسيطة، لكن الشخص الذي يطرح الأسئلة، ويريد استخدام حريته في التفكير، والتعبير عن نفسه، والذي يحاول إعادة صياغة الإطار الذي تقيده جميع السلطات، غالباً ما يكون غير مؤهل ويتم التعامل معه في بعض الأحيان بطريقة شعبوية وحتى تآمرية.
لماذا يجب على أطفال الغد أن يقلدوا الحمقى الذين يحكمون البلاد اليوم؟. ألن يكون لديهم الحق في الذهاب إلى الخارج والاستمتاع ببعض المرح، حتى لو كان ذلك يخيف ذويهم؟. لا بد من إعادة اكتشاف فضيلة الشك والإرادة لقول لا ، دون خوف من الانتقاد، حتى لو لم يرضينا دائماً لأن لها أسباباً لا يمكن رفضها دون رد فعل عنيف.