أسواق تمتحن حقيقة التدخل الإيجابي.. واتهامات تلاحق؟!
“إن لم تستح افعل ما شئت”، هذا هو حال الأسواق التي يتلاعب التجار بها تحقيقاً لمصالحهم وإرضاء لجشعهم المتزايد، خاصة مع انحسار الرقابة التموينية نتيجة ضعف الأداء، وانجرار البعض مع مصالحه الشخصية، واستثمار العمل الوظيفي للارتزاق، وهذا الواقع ليس خفياً على أحد، بل هناك قناعة تامة بوجود شراكة ربحية ما بين التجار وبعض كوادر حماية المستهلك التي استهترت بالمصلحة العامة، ووضعت نفسها في خانة الشك والاتهام، هذا عدا عن تساؤلات عديدة تلاحق دور صالات التدخل الإيجابي، ومدى مساهمتها في إعادة التوازن للمعادلة السعرية، وتأمين المواد المختلفة للمواطن بأسعار تنافسية؟.
إبرام العقود
إذا كانت السيطرة على الأسواق باتت في هذه الأيام صعبة المنال، وإذا كان الوصول إلى الدكاكين المنتشرة في الحارات والزواريب ومراقبتها غير ممكنة، فماذا فعلت حماية المستهلك في هذا المجال؟ وماذا عن السورية للتجارة التي بات كل ما فيها عبارة عن مساحات مستأجرة لترويج بضائع التجار وإعطائهم شرعية لأسعارهم، وفي أفضل الحالات هي مركز توزيع للدكاكين، حيث سرعان ما تنفد الكميات وتتحول إلى مادة مفقودة نتيجة المتاجرة بها بطريقة خارجة عن القانون؟.
معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب أكد أنه يتم توريد المواد الغذائية للسورية للتجارة عبر اعتماد المناقصات واستدراج الأسعار من المستوردين بعد قرار لجنة فض العروض، وقال: في حال حدث سحب مواد من السوق بقصد رفع سعر أي منتج فإن ذلك يخضع لمسؤوليات مديرية التموين وهيئة منافسة الاحتكار، وفي كل الأحوال يتم توزيع كميات محددة بشكل تدريجي على مؤسسات وفروع مؤسسة السورية للتجارة لمنع سحبها من الأسواق واحتكارها .
ويؤكد شعيب فيما يتعلق بالمواد المدعومة من قبل الدولة بأنه يتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والعقوبات الرادعة بحق المخالفين وفق أحكام القانون 14 لعام 2015، وهي: الغرامة المالية، والإحالة للقضاء، وإغلاق المحل أو الفعالية التجارية، وسحب الرخص لموزعي ومعتمدي تلك المواد، كما يتم تشديد وتكثيف الجولات الرقابية على الأسواق، والطلب من أصحاب جميع الفعاليات الاقتصادية التجارية والصناعية الالتزام بأحكام القانون، لاسيما لجهة الإعلان عن أسعار المواد المطروحة بشكل واضح ومقروء والتقيد بها، وعدم تقاضي زيادة عن الأسعار المحددة لتشمل كافة المواد الغذائية وغير الغذائية والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية وغيرها، أما فيما يخص التلاعب بمواد البطاقة الالكترونية أو الغش بموادها فتتم الإحالة إلى القضاء وحجز السيارة المخالفة وسحب الترخيص إن اقتضى الأمر وذلك وفق المخالفة المرتكبة، ويبيّن شعيب أن الرقابة على الأسواق مستمرة على مدار الساعة من قبل الوزارة، إضافة إلى تلقي شكاوى المواطنين والمعالجة الفورية من قبل مديريات حماية المستهلك أصولاً.
آليات جديدة
أعذار السورية للتجارة لم تعد تفي بالغرض ولم تعد مقبولة، بل أصبحت بحاجة إلى تعديل قانون العمل بها لمنع الاحتكار وسيطرة التجار، ومن الغريب جداً في ظل افتقاد المواد في مؤسسات السورية للتجارة أنها تكون متوفرة لدى تجار الجملة والمفرق، حيث يبيّن معاون المدير العام للسورية للتجارة سمير حسن أنه سيتم اعتماد آليات جديدة خلال الأيام المقبلة من العام الجديد، ورفد المؤسسات من منتجات القطاع العام بعد التعاون المشترك مع وزارة الصناعة، وتوقيع محضر اجتماع يقضي برفد المؤسسة بمنتجات القطاع العام كالأجبان والألبان والمنظفات والمواد الكهربائية، وذلك بالتوازي مع منتجات القطاع الخاص، كما ستتم إعادة النظر بآليات العمل بقانون العقود وإجراءات نظام العمليات الخاص بالبيع والشراء بالمؤسسة، وتحديد طرق التعاطي مع التاجر، بالإضافة لإعادة النظر بموضوع استئجار التجار لمساحات من الصالات التابعة للمؤسسة لعرض منتجاتهم عبر إحداثيات جديدة، وذلك من أجل تفعيل مؤسسة السورية للتجارة وأخذ دورها كمؤسسة تدخل إيجابي على نحو يؤدي لتحقيق أرباح مقبولة لخزينتها، وألا تشكّل الأسعار عبئاً على المواطن من خلال بيع السلع في صالاتها بأسعار أقل من السوق، وإعادة الدور الأساسي لها وتفعيل نشاطها في السوق.
التوسع الأفقي
تسعى المؤسسة لتنفيذ عملية التدخل الإيجابي في السوق عبر تقديم تشكيلة واسعة من السلع بأسعار مقبولة للمواطن مع تحقيق ربح معقول لها، بالإضافة لعرض باقة كبيرة من السلع في الصالات من خلال انتقاء أفضل السلع ذات السعر المقبول، وهنا يضيف حسن بأن تنظيم العقود يتم من المنتج أو المستورد مباشرة من دون وسطاء، ما يساهم في تحقيق نسبة ربح معقولة للمؤسسة، مع إعطاء قدرة على التحرك بهامش السعر على نحو يخدم المواطن، وخاصة أن العقود تتم بكميات كبيرة، ومازالت المؤسسة تعمل على التوسع بالصالات وترميمها، لاسيما التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، أما بالنسبة للصالات المؤجرة فهي قيد الدراسة عن طريق لجنة مختصة ومشكّلة لهذه الغاية، وبما أن الصالات غير متوافرة في كل مكان، تعمل السورية للتجارة على تسيير سيارات جوالة في أغلب المناطق، بما فيها مناطق الأرياف البعيدة، على اعتبار أن بعض التجار يرفعون أسعار منتجاتهم لأن الرقابة لا تصلهم، وقد سيّرت هذه السيارات مؤخراً إلى عدة بلدات، ووضعت كل الجهود والإمكانيات لإنعاش حال المؤسسة وأخذ دورها المطلوب منها، ما يتطلب خبرة لخروج المؤسسة من واقعها الحالي، والانتقال إلى وضع أفضل يخدم المؤسسة نفسها والمواطن.
ميادة حسن