التُجار والمضاربون يتحكمون بسعر العقارات ورفع سعر “الإسمنت” ضرورة فرضها الواقع
“البعث الأسبوعية” ــ ميس بركات
في الوقت الذي ينبئ المشهد العام إلى ارتفاع مخيف في أسعار العقارات بعد سلسلة القرارات التي اتخذتها الحكومة في الأشهر الأخيرة برفع المواد الأساسية في البناء والتي كان آخرها رفع أسعار الإسمنت بنحو 80% ليصبح سعر الطن للمستهلك 125 ألف ليرة بدلًا من 70 ألف، ينفي أصحاب الشأن أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على أسعار العقارات، وأن المتحكم الأول والأخير في سوق العقارات هم التجار والسماسرة ممن لا ينتظرون صدور القرارات لرفع أسعار هذا السوق.
منعكس سلبي
وعلى الرغم من محاولات نفي الشائعات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الفائتين بارتفاع أسعار العقارات مئة بالمئة عما كانت عليه، بعد ارتفاع سعر مادة الإسمنت، إلّا أن الواقع يشير إلى صحة هذه الشائعات، إذ أن رفع سعر هذه المادة ليس الأول وليس الأخير خاصّة وأنه لم يمض على رفع سعرها أكثر من أربعة أشهر، شهد خلالها سوق العقارات حالة من التخبّط لم يسبق لها مثيل منذ زمن، الأمر الذي أرجعه عمار يوسف”خبير عقارات” إلى ارتفاع سعر الحديد والاسمنت من جهة وارتفاع سعر الصرف من جهة أخرى، ما انعكس سلباً على العقارات والإيجارات التي لم تعد تتناسب مطلقاً مع دخل أي مواطن، وأكد يوسف أن قرار رفع سعر مادة الاسمنت الأخير من شأنه أن يتسبب بارتفاع أسعار العقارات 10% عمّا كانت عليه، فأي ارتفاع في أي مادة من مواد البناء سيرتفع في القطاع الخاص والسوق السوداء بنسب أكبر عن النسب الطبيعية.
وفي ذات السياق لم ينف خلف حنوش رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب تأثير هذا القرار على سوق العقارات الذي سيؤدي إلى تغيير كبير في هرم السوق وزعزعة الأسعار أكثر مما كانت عليه، وبرر حنوش القرار الأخير برفع سعر مادة الإسمنت بأنه ضرورة فرضها ارتفاع تكاليف العملية الإنتاجية “القطع التبديلية- الفيول..”، مشيراً إلى أن هذا القرار لن يكون له أي منعكس إيجابي على العامل لأن العامل يأخذ حوافز على إنتاج مادة الكلنكر وليس على سعر المبيع.
سوق سوداء
في المقابل وجد المثنى السرحاني مدير عام المؤسسة العامة للاسمنت أن هذا القرار ضرورة فرضها الواقع الحالي من ارتفاع لمادة المازوت الصناعي من 180 إلى 650 ليرة، وارتفاع مادة الفيول من 250 إلى 330 ليرة، ناهيك عن أن معامل الإسمنت أصابها الترهل والشيخوخة وتحتاج لعلاج وتكاليف صيانة وإصلاح، ونفى مثنى أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على سوق العقارات وأن ما يحصل هو تهويل وتضخيم لمنعكسات القرار، فالإسمنت هو مادة من المواد الداخلة في عملية الإنتاج والمتحكم الأساسي بسعر العقار هو المنطقة والأرض والحديد الذي وصل سعر الطن منه إلى مليونين وثلاثمئة ألف ليرة، أما الإسمنت فهو جزء من الحلقة الاقتصادية المتكاملة لبناء العقار الذي يتحكم به أولاً وأخيراً تجار ومُضاربين، ويؤكد السرحاني أن سعر مادة الإسمنت بعد القرار الأخير لا زال أدنى من سعرها في دول الجوار ما يفتح الباب دوماً لتهريب هذه المادة عبر السماسرة والسوق السوداء.