ترامب يعفو عن قتلة المدنيين العراقيين!
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار عفوٍ رئاسي يشمل 15 شخصاً، وقراراً آخر بتخفيف الأحكام الصادرة بحق خمسة آخرين. وشملت قائمة العفو: جورج بابادوبولوس مستشار السياسة الخارجية لحملة ترامب عام 2016، الذي أدين بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأليكس فان دير زوان الذي أدين أيضاً بالإدلاء بأقوال كاذبة خلال التحقيق نفسه، وثلاثة أعضاء سابقين في الكونغرس عن الحزب الجمهوري أدينوا بارتكاب جرائم مالية، وشمل أيضاً ثلاثة نواب جمهوريين سابقين.
وتضمنت قائمة العفو 4 متعاقدين عسكريين متهمين بارتكاب مجزرة في ساحة النسور في بغداد عام 2007 راح ضحيتها 17 مدنياً و20 جريحاً، وذلك خلال ذروة العدوان على العراق، وهو حادث أدى آنذاك إلى توتر العلاقات الأميركية العراقية.
في بادئ الأمر، أدين ثلاثة حراس هم بول سلاو وإيفان ليبرتي ودستن هيرد بالقتل العمد ومحاولة القتل العمد، إضافة إلى استخدام أسلحة نارية، وحُكم على كل منهم بالسجن ثلاثين عاماً. وحكم على رابع هو نيكولاس سلاتن بالسجن مدى الحياة انطلاقاً من انه أول من أطلق النار. كما صدر حكم مماثل بحق سلاتن لدى إعادة محاكمته في آب 2019 وبعد شهر خفضت عقوبة سلاو و إيفان وهيرد إلى النصف أو دون ذلك.
وهؤلاء الأربعة عملوا في ذلك الوقت لصالح شركة “بلاك ووتر”، يوم كان مالكها حليف ترامب “إريك برينس”.
وقال العميد فارس سعدي، ضابط شرطة ترأس التحقيق، في ما حصل “أشعر باليأس من زمان”، مضيفاً بحسرة خلال حديثه في بغداد: “13 سنة؟ أتذكر كل شيء كأنه أمس وليس أول من أمس”، وتابع “كان رمياً عشوائياً بالكامل، أخذت ضحايا إلى المستشفى ولكنني كُنت أعرف أننا لن نصل إلى العدالة”.
وكان سعدي محققاً رئيسياً من قبل الشرطة في تلك المجزرة، وتولى التنسيق مع فريق مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي)، الذي أُرسل إلى بغداد، حتى الإدلاء بشهادات الشهود في المحكمة الأميركية.
وأضاف سعدي: “كنت أتابع كل شيء، رأيت تخفيف الأحكام تدريجياً بالمحاكم، وعرفت أنه لن تكون هناك محاسبة. لذلك لم أفاجأ” بالقرار الأخير.
يذكر أن عدد ضحايا الغزو الأمريكي البريطاني للعراق في بدايته، حسب إحصائيات أمريكية، تجاوز الـ190 ألف قتيل أغلبهم مدنيون أردتهم آلة الحرب التي جربت كل أصناف الأسلحة الفتاكة هذا إضافة إلى الوفيات غير المباشرة بسبب الأمراض والإصابات جراء الحصار وإجراءات القمع والتي وصلت الى مليون ونصف المليون.
وكان موقع “أكسيوس” أعلن في وقت سابق عن عزم ترامب إصدار عدد من أوامر العفو الرئاسي قبل عطلة عيد الميلاد، وقبل نحو شهر من نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن.
إلى ذلك رأى عضو مجلس النواب العراقي، نعيم العبودي، اليوم الأربعاء، أن العفو الذي أصدره ترامب عن مدانين بقتل عراقيين هو “فضيحة” كبيرة، وقال: إن “ما يقوم به ترامب هو السياسة الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا العفو هو فضيحة كبيرة على واشنطن، وسنقوم بمخاطبة وزارة الخارجية العراقية ليكون لها موقف في ذلك”، وأضاف: إن “هذا العفو يؤكد بأن أمريكا لا تحترم القانون”، مشيرا إلى “أهمية أن يكون للحكومة العراقية موقف واضح من هذه التصرفات التي يقوم بها ترامب”.
وفي وقت سابق من اليوم، قال الخبير القانوني العراقي طارق حرب: إن “عناصر شركة بلاك ووتر لم يحاكموا في المحاكم الأمريكية لأنهم قتلوا عراقيين، بل تمت محاكماتهم لأنهم خالفوا قواعد الاشتباك، ولم يلتزموا بمعايير حددت في عمل الشركة والقانون الأمريكي”.
وجاء عفو ترامب بعد أسابيع قليلة من إغلاق المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً أولياً في جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في العراق بعد احتلاله عام 2003. وبعدما أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عام 2017 أن هناك “أساساً معقولاً” لمثل هذه الجرائم، زعمت هذا الشهر إنها لم تجد دليلاً على أن بريطانيا قامت بحماية جنودها من الملاحقة القضائية.
واعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي أن القرارين المتتاليين يظهران أن هناك احتراماً قليلاً لحقوق الإنسان في الخارج، وقال “هذا الأمر يؤكد مخالفة هذه الدول لمعايير حقوق الإنسان والقانون الدولي. إنهم يوفرون الحصانة لجنودهم مع أنهم يدعون حماية حقوق الإنسان”، فيما يؤكد مراقبون: “في أي حال هذا ليس مفاجئاً، الأميركيون لا يتعاملون معنا كبشر، دماؤنا أرخص من الماء بنظرهم، ومطالبتنا بالعدالة والمحاسبة مجرد إزعاج” لهم.